أشهرهم إبراهيم الدسوقى والسيد البدوى والمرسى أبو العباس ... أسرار وحكايات عن كرامات الأولياء الصالحين
على أعتاب أضرحة الأولياء محبين، وعشاق، يقطعون المسافات ويبحثون عن الأمل الذى يعالجون به الألم، ويناولون من بركة أصحاب المكان وينهلون من علمهم ما يجعلهم يعيدون نظرة الأمل للحياة، فلو شاءت لك الأقدار عزيزى القارئ، أن تحل ضيفا على أحد هؤلاء الأولياء لوجدت المشاهد التى تؤلمك وتسعدك، فقد لا تستطيع منذ البداية أن تصل بقدمك إلى الضريح من كثرة الرواد والعشاق وأصحاب النذور، الكل يبحث عن البركة التى يراها، والكل ينتشر فى المكان ويتمنى ويرفع يده بالدعاء آملا أن يكون له نصيبا فى الإجابة، وإن اختلف أصحاب المنهج الإسلامى والعقائدى إلا أن الكثير منهم يجتمعون على محبة هؤلاء الأولياء الصالحين، وأما إذا دفعك التطفل عزيزى القارئ لتقف على حقيقة ما يتمتع به أصحاب هذه الأضرحة من كرامات وجلست بجوار أهل العلم فسيكون من نصيبك الروايات التى فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت، فهم من لحقوا بالعهد الإسلامى الصحيح، وكان لهم دورهم الكبير فى نقل الكثير من العلوم الإسلامية للأجيال التى جاءت بعدهم .. ومن بين هذه الروايات التى تسرد كرامات الأولياء أصحاب الأضرحة ما نعرضه خلال السطور التالية .
تعرض المخطوطات والكتب التاريخية فى السيرة والعلوم الإسلامية، أن السيد البدوي، اشتهر بأنه «صاحب الكرامات» ونقلت هذه المخطوطات أنه كانت له ثلاث دعوات شهيرة أجاب الله اثنتين ولم يستجب للأخرى، حيث دعا أن يشفّعهُ الله في كل من زار قبره، فأجيبت دعوته، كما دعا الله أن يكتب حجة وعمرة لكل من زار قبره، فما كان من الله عز وجل إلا الإجابة، إلا أنه دعا الله أن يدخله النار، فتم رد مطلبه، وقيل إن رواده عندما سألوه لماذا دعا بدخول النار؟ّ، أجابهم: لو أنى دخلتها فأتمرغ فيها فتصير حشيشاَ أخضر.
ويردد الجالسون عند مقام السيد البدوى، أن لفظة " خلى البساط أحمدى"، تعود فى أصلها إلى البدوى، حيث كانت من كراماته أن كان له بساطا فى مجلسه يتسع للجميع مهما زاد عدد الحضور اتسع لهم ولا يرفض منهم أحدا .
وأمام عتبات مدخل ضريح إبراهيم الدسوقى، الشهير بـ «صاحب العلم»، تنتشر الروايات التى تسرد كراماته ومنها أن تمساح النيل الذى كان منتشرا في مياه نهر النيل بمصر، خطف صبيا من على شاطئ دسوق، وذهبت أم الغلام تصرخ وتستنجد بصاحب الكرامات، الذى بعث نقيبه لينادى بشاطئ النيل قائلا : «معشر التماسيح، من ابتلع صبيًا فليعيده»، فخرج التمساح وسار معه حتى مكان الشيخ الدسوقي، الذى أمره بأن يعيد الصبي فلفظه حيًا في وجود الناس، وقال للتمساح: «مت؛ فمات في حينها».
كما يردد عشاق ورواد الشيخ الدسوقى، رواية أخرى بها من الكرامات الكثير والكثير حيث قيل إن أحد تلامذته توجه إلى الإسكندرية لإحضار بعض الأشياء من السوق، فتشاجر تاجر مع الرجل، وأسرع بتقديم شكوى لقاضي المدينة، وكان ظالما يكره الأولياء، ولما علم أن خصم التاجر من أتباع الدسوقي أمر بحبسه وإهانته، فأرسل التابع إلى الشيخ يستغيث من ظلم القاضي، فأرسل الشيخ الدسوقي رسالة وأعطاها لأحد أتباعه، وأمره بتسليمها للقاضي، فلما وصل إليه جمع أصحابه وأخذ يستهزئ بالرسالة وبما تحويه، وعندما قرأها ووصل إلى جملة : ( ثم رمين سهما )، خرج سهم من الورقة فاستقر فنفذ إلى ظهره فمات أمام الناس.
وأمام ضريح المرسي أبوالعباس، تسمع العجب العجاب، حيث يردد المحبين الذين تتكاثر أعدادهم بأن الشيخ كان مطلعا على الأسرار، ويؤكدون أن كراماته كثيرة وأنه زوج ابنة الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وأنجب منها محمد وأحمد وبهجة التي تزوجها ياقوت العرش والذي كانت له حكاية طريفة وغريبة مع أبوالعباس، حيث فوجئ أصحابه به في أحد أيام الصيف الحارة يصنع لهم عصيدة وهى طعام شتوى، فقالوا له يا أبا العباس، إنه طعام الشتاء فأجابهم : والله إنها من أجل الاحتفاء بأحد تلامذتي والذي ولد اليوم بالحبشة واسمه ياقوت .. وعندما ظهر ياقوت فى الحياة سأله أصحاب الشيخ عن عمره وتأكدوا أن يوم ميلاده يواكب يوم العصيدة، .
ويقول رواد أبوالعباس، إنه ذو كرامات ومواقف منها أنه كان رضى الله عنه يجلس أمام البحر وسط أصحابه فيشاهدون يهوديا، يمشى على الماء فينظر إليه أصحاب المرسى ويقولون ماذا يفعل هذا الرجل ويناديه المرسى فيأتى إليه ويهمس له فى أذنه ويقول له أما آن الآوان لك أن تسلم فيغادره اليهودى ويذهب بعيدا عنه، وظل الحال هكذا عدة أيام حتى جاء اليهودى وحينما بدأ يمشى على الماء سقط فى الماء، وأتى به المرسى، وسأله عما حدث له أمام تلاميذه فقال له اليهودى : لقد كان لى شيطانا استمع لحديثه وأنفذ ما يحلو له وعندما خلوت إلى نفسى وحدثتها بما أفعل من أخطاء وسألتها عن الصواب وبحثت عنه انصرف عنى ولم يعد يحملنى على الماء والهواء .
ومن بين الكرامات أيضا، أن السلطان يعقوب أمر بذبح دجاجة وخنق أخرى وطبخهما وقدمهما إليه وجلس معه ليأكل فلما نظر الشيخ أبوالعباس، إليهما أمر الخادم برفع المخنوقة، وقال هذه جيفة، فقال : لولا تنجس الأخرى بالمرق النجس لأكلت منها.
وقيل عن الشيخ أبوالعباس أنه كانت لديه قدرة على معرفة ما يدور فى خاطر الجالسين أمامه فيخبرهم به، وأنهم يفكرون فى كذا وكذا، ويقول أبو العباس عن نفسه : "والله ما سار الأولياء والأبدال من قاف حتى يلقوا واحداً مثلنا، فإذا لقوه كان بغيتهم، فقال : وبالله لا إله إلا هو، ما من ولي لله كان إلا وقد أطلعني الله عليه وعلى اسمه ونسبه وكم حظه من الله".
أما المترددين على مقام عبدالرحيم القناوي، فيؤكدون أنه عرف بترويض الأسود، وأنه كانت هناك ساقية يدورها عجل فأتى أسد، وأكل العجل، فقالوا للقنائي الأسد أكل العجل الذي تدور الساقية به، وأتى عبدالرحيم القنائي بالأسد ووضعه مكان العجل لمدة ثلاثة أيام، وكان يطعمه، وقيل إن القنائى، حفظ القرآن فى سن الثامنة، وتلقى العلم على مذهب الإمام مالك، وجمع بين التجارة والفقه واشتهر بالتقوى، وانتقل من مكة إلى قنا وتزوج وأنجب 19 ولدا وبنتا، ونال لقب «أبوالكرامات»، و«ولى المعجزات»، الذى يزورونه كل عام فى يوم مولده بأعداد تقترب من المليون شخص، وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين رضى الله عنه، وسافر إلى دمشق، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والتقى الشيخ مجد الدين القشرى، من قوص فى مصر، وصحبه من إليها، ومنها إلى قنا.
أما الشيخ أبوالحجاج الأقصري، والذى اشتهر بأنه «صديق الخضر»، ونقل عنه أصحابه قوله : إنه يجتمع بالخضر عليه السلام، وكان يطبخ طعام القمح كثيراً، فقيل له في ذلك، فقال عنه : إن الخضر عليه السلام زارني ليلة فقال: اطبخ لي شوربة قمح، فلم أزل أحبها لمحبة الخضر عليه السلام لها، وكان رضي الله عنه يشترط على أصحابه ألا يطبخوا في بيوتهم إلا لوناً واحداً حتى لا يتميز على أحد».