الوفاق تكافئ ميليشياتها بمناصب هامة
تدفع قوات الوفاق إلى توظيف عناصر من مليشياتها في مناصب عليا داخل أجهزة الدولة، لمكافأتهم على الدماء التي دفعوها في الحرب ضد الجيش الليبي، في خطوة قد تعزّز من هيمنة تلك المليشيات المسلّحة على مواقع القرار في طرابلس وتغلغلها داخل مؤسسات الدولة التي تستثمر مواردها لفائدتها.
هذا ما كشفته وثيقة مسربّة نشرتها وسائل إعلام ليبية، تضمنت مراسلة من رئاسة أركان قوات الوفاق إلى المؤسسة الليبية للاستثمار، تطلب فيها توظيف 12 مقاتلا من كتيبة ما يعرف بعملية "بركان الغضب" من المشاركين في الحرب الأخيرة ضدّ الجيش الليبي، داخل هذه المؤسسة المالية تحت عنوان "شاركوا في صدّ العدوان على طرابلس".
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أبو بكر المقرحي لـ"العربية.نت"، إن هذه الوثيقة أو المراسلة تعطي فكرة بسيطة عن الطريقة التي تدار بها الأمور داخل مؤسسات الدولة تحت إشراف حكومة الوفاق وصورة عن المعايير المتبّعة عند الاختيار والتوظيف، كما تعكس انهيار الدولة والصراعات الحاصلة على السلطة والتموقع.
كما أكد أن المليشيات المسلحة النافذة في طرابلس ومصراتة هي التي تحتكر التعيين في الوظائف العليا والمناصب الإدارية داخل أجهزة الدولة بمنطق الولاءات والمحسوبية، على غرار المؤسسات المالية والمؤسسة الوطنية للنفط وحتى السفارات الليبية في الخارج، خاصة بعد أن قامت الوفاق بشرعنة هذه المليشيات والاعتماد عليها في الدفاع على بقائها، في حين استغلت هذه الشرعية للتأصل والتجذّر داخل الدولة، حتى أصبحت اليوم تملك شبكات مؤثرة في الاقتصاد والسياسة والإدارة يصعب تفكيكها.
وأضاف إلى أن يد المليشيات طالت منذ فترة المؤسسة الليبية للاستثمار التي يهيمن على مجلس إدارتها قيادات من تنظيم الإخوان، من خلال التعيينات التي تفرض بالقوّة، مشيرا إلى أن تقارير الأمم المتحدة وديوان المحاسبة أثبتا حجم الفساد داخل هذا الجهاز المالي، وتدخلّ المليشيات المسلحة في عمله من أجل ضمان الوصول إلى الموارد المالية.
يشار إلى أن المؤسسة الليبية للاستثمار هي الصندوق السيادي للثروة الليبية، وتدير نحو 67 مليار دولار من أموال قطاع النفط في ليبيا من خلال استثمار 550 شركة مختلفة التخصصات وعاملة في مجالات عديدة حول العالم.
ووفقا لما كشفه تقرير أممي حول ليبيا، في شهر سبتمبر 2018، عاين فريق الخبراء المعني بليبيا في الأمم المتحدة، وجود انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان واختلاسات مالية ضخمة، وذلك بسبب تزايد تأثير المجموعات المسلحة على مؤسسات الدولة الليبية في إطار سعيها إلى تعزيز مصالحها المالية ونفوذها.
كما كشف التقرير في حينه عن تدخل "كتيبة النواصي" في أنشطة المؤسسة الليبية للاستثمار، التي أجبرت على تعيين أحد مرشحي الكتيبة في المؤسسة، بينما فرضت كتيبة "ثوار طرابلس" نقل مقر المؤسسة إلى مناطق نفوذها وبالتحديد بالمدينة السياحية بالعاصمة طرابلس، بعدما كانت تسيّر من مقرها ببرج طرابلس الواقع تحت سيطرة "كتيبة النواصي".