جلس بمقهى إنديانا .. وأكل الكباب وعبدالناصر أمر بترحيله ... تفاصيل مثيرة عن ذكريات صدام حسين بالدقى
إنسانيته لم تطغ على قوته، وبساطته لم تلغ قلبه الميت، وعطفه على المحتاجين لم يقطع عنه صفات الأسد المغوار .. الحديث عن الزعيم العربى الراحل صدام حسين، الذى أحدث جدلا فى كل الأوساط ليست العربية فقط، وإنما أوجد حالة من الاضطرابات فى العالم، حتى أصبح اسمه يثير الذعر لدى أعداء الوطن العربى، وصنع لنفسه إمبراطورية استطاع خلالها أن يقود رحلة البحث عن القومية العربية، وعلى الرغم من أنه كان محيرا لكل من حوله ولا أحد يعلم أحباء أو أصدقاء صدام إلا أنه تجمعه علاقة الحب والود مع مصر فى الوقت الذى تم غلق كل الأبواب فى وجهه ولم يجد أمامه ملجئا سوى مصر الوطن والمواطن، فلم يتردد فى الاحتماء بمصر، حيث قضى بها أهم سنوات عمره، وهى الفترة التى ساهمت فى تشكيل شخصية الزعيم الوطنى المقدام الشجاع.
راودت صدام حسين، فكرة الهروب واللجوء إلى مصر عقب مشاركته فى المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس العراق وقتها عبدالكريم قاسم، وكانت مصر بمثابة فاتحة الخير عليه، صدام فى الفترة من 1960 وإلى 1973 حيث استكمل دراسته التي تركها لدى انضمامه للتنظيمات السرية التى كان وراءها حزب البعث العراقى، والتحق صدام، بمدرسة قصر النيل الثانوية، بميدان الدقي بالجيزة، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، بعدها، وفور عودة صدام حسين، إلى بلاده فور تحسن الظروف السياسية، راح يتناقل الجميع مواقفه البطولية، مجتمعين على أن شخصيته لا يمكن لأحد أن ينساها، حيث كان من أشهر الطلاب العراقيين لكثرة مشاغباته، بل وكان يمارس دور القائد على أقرانه من أبناء العراق الوافدين، موضحين أنه صاحب قلب ميت، ويتمتع بشخصية عنيفة، بينما كان يتميز بكرم الأخلاق ومساعدة الآخرين، بالإضافة إلى جرأته وإقدامه على الحق، وهو ما يجعلهم لا يصدقون المشهد الذى تم بثه أثناء القبض عليه.
ارتبط صدام بمقهي إنديانا بميدان الدقي، وكان يعشق الجلوس بمفرده علي الترابيزة رقم 5 يحتسى قهوته المفضلة، ويراجع دروسه، وكان عم حنفى صاحب المقهى، يحافظ على مكان صدام، ويحجز له الترابيزة بصفة يومية، وجمعتهما علاقة وطيدة وحميمة، وكان دائما ما ينصحه بالابتعاد عن السياسة خوفا عليه من الوقوع فى المشكلات، وظل العلاقة ممتدة حتى عاد صدام إلى العراق واعتلى رئاسة بلاده، وكان دائما ما يرسل لعم حنفى، النقود والهدايا القيمة من خلال السفارة، وأمر صدام بعلاج ابنة الرجل المريضة علي نفقته.
وجمعت صدام علاقات حميمة فى الحى مع صيدلي يدعى لويس وليم صاحب إحدي الصيدليات الشهيرة بالدقي، حيث كان يجلس معه دائما في الصيدلية، وكان أحيانا ما يذهب معه إلي البيت، كما جمعته علاقة مع الحاج سيد الحلاق الذي يتميز زبائنه بأن معظمهم من العرب الدارسين في مصر.
صدام كانت له بعض العادات التى لم يتخل عن إياها يوما من الأيام، فكان يتناول طعامه في مطعم كبابجي الدقي، وكان يعد له الساندويتشات العجوز عبدالقادر الخولي، حيث كان يأكل ساندويتشات الإسكالوب والروزبيف في العيش الفينو، وكان لا يحب الأرز أو الخضراوات، وفى بعض الأحيان لم يكن معه ثمن الساندوتشات.
وكان صدام دائم القلق، ويحذر من كل الأمور التى تحيطه، وكان يقطن في إحدى العقارات بجوار ميدان الدقى، وكان شرطه الأساسى فى محل إقامته ألا يكون مكانا شهيرا، وانتقل من شارع سليمان جوهر بالدقي، إلى فيلا في المهندسين خلف نادي الصيد، وكان إيجارها 22 جنيها، وظل بها نحو عام كامل، ثم انتقل إلي الإسكندرية ليقيم في شقة مع بعض زملائه حتى نشبت مشادة كبيرة بينهم وانتهت بانتحار الخادمة وبعدها قام الرئيس جمال عبدالناصر بترحيل صدام.
على الرغم من إجماع الكثير على شخصية صدام القوية، إلا أن البعض يرى أن العيب الوحيد في شخصيته هو اندفاعه القوى وشغبه الدائم، ولا يزال موقفه الغامض فى غزو الكويت محيرا للمتابعين حيث إنه كان أحد أهم المدافعين عن القومية العربية، كما أن لحظة رحيله كانت تحمل من الخزى والعار للشعب العربى الكثير والكثير فكان رحيله فى أولى أيام عيد الأضحى المبارك.