عاشق المانجو.. سفير نيوزيلندا بالقاهرة يروي قصته في حب مصر
مصر ليست أم الدنيا فقط، كما يقال، بل هي أيضا أم المانجو، بالنسبة إلى السفير النيوزيلندي لدى القاهرة، غريغ لويس، الذي عبر عن شغفه بهذه الفاكهة وقدرتها على تقريب المسافات بين الشعوب، إلى درجة أنها باتت سفيرا فوق العادة بين البلدين.
سر "دبلوماسية المانجو" وكيف تلعب دورا في العلاقات بين بلاده ومصر يرويها جريج لويس، السفير النيوزيلندي لوكالة "سكاي نيوز "من مقر سفارة بلاده المطلة على نهر النيل بوسط القاهرة.
ونشر لويس تغريدة عن عشقه للمانجو بعد أن تذوق أنواعا مختلفة منها خلال زيارته لمحافظة الإسماعيلية شرق القاهرة، مؤخرا جاء فيها : "هل تعلمون أن مصر تمتلك ما يقرب من ١٠٠ نوع مختلف من المانجو وتزرعها، حيث تكون جاهزة للتصدير منذ ١٥٠ عامًا"، ووضع السفير صورة له وفي خلفيته أصناف عديدة للمانجو .
وسرعان ما جرى تداول تغريدة السفير بين الحسابات الرسمية لسفراء عدد من الدول أجنبية بمصر، مسجلين إعجابهم الشديد بالمانجو التي وصفوها بـ "الأفضل في العالم"، مناشدين السفير الحصول على "هديتهم" منها.
وفيما يشبه "مظاهرة دبلوماسية" في حبها، تفاعل السفير الكندي لدى القاهرة، جيس داتون، مع تغريدة لويس، وكتب على حسابه في "تويتر" أنه يتطلع للحصول على هديته من المانجو، الملقبة بـ"ملكة الفواكه" في مصر، وهو طلب كرره أيضا السفير الأسترالي، جلين ماي، الذي أكد حبه الشديد لها خاصة من نوع "عويس" (أحد أنواع المانجو).
في الوقت الذي نشر فيه، روس باتشلور، الدبلوماسي بالسفارة النيوزيلندية بالقاهرة على "تويتر" صورة لـ"صندوق من المانجو"، وعلق عليها: "السفير النيوزيلندي بمصر كريم للغاية.. وصلتني (كرتونة المانجو) للتو من الإسماعيلية".
ويشغل لويس جريج بجانب تمثيله الدبلوماسي لبلاده في مصر منذ يناير 2019، منصب سفير نيوزيلندا (الواقعة جنوب غرب المحيط الهادئ) في الجزائر ولبنان وليبيا وتونس والممثل الخاص لدى فلسطين.
يتحدث لويس ممسكا بثمرة "عويس" المفضلة له، عن تفاصيل رحلته للإسماعيلية وتداعياتها الإيجابية، ويقول: "قررت أن أقود سيارتي بمفردي الأسبوع الماضي إلى الإسماعيلية حيث تشتهر بزراعة المانجو، وذلك في زيارة ودية لمدة يوم واحد، وكانت فرصة جيدة لتذوق أنواع رائعة منها".
عشق المانجو المصري، دفع السفير النيوزيلندي إلى شراء كميات كبيرة منها، يضيف: "كانت تجربة جيدة فقد حرصت على شراء 50 كيلو من الإسماعيلية، كهدايا للمقربين والأصدقاء وزملاء العمل، كما احتفظت بشكل شخصي بالكمية المتبقية".
"مصر أم المانجو"
وواصل السفير النيوزيلندي تغريداته حول المانجو، طارحا تساؤل على المصريين عبر حسابه على "تويتر" حول أفضل أنواعها، وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي شارك فيه نحو 7 آلاف شخص، أن 71% من الجمهور رأوا أن "عويس" هو النوع الأفضل، وجاء في المرتبة الثانية "صديقة"، أما "سكري" فقد حلّ في المرتبة الثالثة.
ويعلق لويس: "عويس أفضل الأنواع على الإطلاق، نعم مصر أم الدنيا وأم المانجو في العالم، كما أن نيوزيلندا أم الكيوي في العالم (ثمرة الكيوي التي تشتهر بزراعتها نيوزيلندا).. نعم يحق للمصريين الفخر".
ويشير إلى ردود فعل المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا: "جميع الردود إيجابية للغاية، وأنا ممتن لها، وبالفعل أشعر إنني بين أهلي"، متابعا: "رغم البعد الجغرافي، فالمصريين مثل النيوزيلنديين، يتمتعون بالود الشديد، وروح الدعابة، وتقدير أهمية الأسرة".
"
كما يتذكر بحفاوة وسعادة تعقيب من إحدى المشاركات المصريات على صفحته على "تويتر"، على تغريداته، جاء فيه إنه "(لويس) أجنبي بروح مصرية".
وضمن ردود الأفعال تلقى السفير النيوزيلندي رغبة سلسلة محال مثلجات شهيرة، في إعداد منتج متميز بالمانجو المصري "عويس"، في فروع السلسلة المختلفة بالقاهرة والساحل الشمالي.
وبعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي، أكد لويس أنه يعلم جيدا أن المانجو ضمن الفاكهة الدائمة على موائد السفراء الأجانب بمصر في مختلف المناسبات.
وعقب ردود الفعل حول تغريداته، صك السفير النيوزيلندي مصطلح "دبلوماسية المانجو" كنوع جديد من الدبلوماسية للتعبير عن إمكانية استخدام أنواع من الفاكهة، أو أصناف معينة من الطعام التي تشتهر بها البلاد كوسيلة للتعريف والترويج لها، إضافة إلى التقريب وتدشين روابط ثقافية هامة بين الشعوب.
وفي هذا الصدد، دشن "لويس" هاشتاج جديد بعنوان "#مصر_أم_المانجو"، وأخر بعنوان #نيوزيلندا_أم_الكيوي في إشارة إلى فاكهة الكيوي التي تشتهر بها بلاده.
وأعرب عن أمنيته تصدير المانجو المصري ذات المذاق الرائع لبلاده، قائلا: "أرى شخصياً ضرورة تصديرها لبلادنا ورؤيتها بالأسواق، غير أن أحد أبرز التحديات هو البعد الجغرافي، وصعوبة نقلها، لاسيما وأن استهلاكها يجب أن يكون بعد وقت قصير من الحصاد".
لكنه عاد ليؤكد: "يمكننا النظر في الأمر، مع حرص المصدرين المصريين على هذا الأمر".
والبرتقال المصري أيضا
ونوه السفير لويس إلى أن بلاده، بدأت منذ العام الماضي في استيراد البرتقال المصري.
وعن تجربة التصدير تلك، قال: "البرتقال رائع بحق، وهناك اقبال كبير عليه، وقد تحدثت معي السفيرة المصرية في نيوزيلندا بأنها تواجه صعوبة في العثور عليه، بعد نفاده من الأسواق والمتاجر خلال أيام من وصول وتوزيعه".
وأعرب عن أمله في اكتشاف مزيد من المحاصيل المصرية الإضافية التي يمكن تصديرها إلى نيوزيلندا.
وجهة مفضلة للنيوزيلنديين
كما تطرق لويس إلى الأكلات المصرية المفضلة له، قائلا: "يوجد هنا مطبخ غني ومتنوع يعكس ذوق وتاريخ البلد.. وأكلاتي المفضلة؛ الملوخية، إضافة إلى الكشري والمحاشي".
ولم يفت السفير الحديث عن الأماكن التي يحرص على زيارتها بشكل مستمر؛ ومن أبرزها المواقع التاريخية، لعشقه تاريخ وحضارة مصر، حيث يحرص على زيارة أسوان والأقصر، علاوة على الإسكندرية وبورسعيد والعلمين، وواحة سيوة الرائعة، كما يزور بشكل دائم "خان الخليلي" بالقاهرة.
ويرى الدبلوماسي النيوزيلندي أن السياحة من بلاده إلى مصر تراجعت خلال الشهور الماضية، نظرا للقيود المفروضة على قدرة مواطنيه على السفر بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد.
لكنه توقع في الوقت ذاته عودتها فور السيطرة على الوباء وعودة الحركة السفر لطبيعتها، قائلا: "إنها أرض ساحرة وشعبها ودود جدا.. ودائما (مصر) وجهة مفضلة للنيوزيلنديين".
وكانت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، قد أعلنت الجمعة، تمديد العمل بقيود المستوى الثاني المفروضة على البلاد والمستوى الثاني ونصف على مدينة أوكلاند أكبر مدن البلاد، على الأقل حتى منتصف شهر سبتمبر الجاري للحد من تفشي الوباء.
وجاء القرار، الذي أوردته صحيفة "نيوزيلاند هيرالد" النيوزيلندية، بعدما أعلن المدير العام للصحة أشلي بلومفيلد تسجيل 5 إصابات جديدة، منهم 3 حالات لعدوى محلية، خلال الـ24 ساعة الماضية.
لجنة مشتركة لتفعيل التبادل التجاري
ورغم البعد الجغرافي بين نيوزيلندا ومصر، إلا أن فرص التعاون الاقتصادي بين البلدين واعدة، يؤكد لويس أن "مصر تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لنيوزيلندا في أفريقيا بعد الجزائر، حيث تبلغ حجم التجارة الثنائية البينية بين الدولتين نحو 300 مليون دولار؛ وهناك بالتأكيد مجال للتوسع والتنويع والنمو" التجاري بين البلدين.
ونبه السفير إلى أنه أجرى عدة لقاءات مع مسئولين بالغرفة التجارية في القاهرة والإسكندرية خلال العام الماضي، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين تعمل على بحث سبل التعاون المشترك، وزيادة التعاون الاقتصادي، والمساعدة في تحديد مجالات جديدة للتجارة بين الدولتين.
وكشف سفير نيوزيلندا عن أنه من المنتظر عقد اجتماع لهذه اللجنة المشتركة في نهاية العام الجاري من أجل تفعيل عملها، وذلك مع عودة حركة السفر بشكل طبيعي.