عبد الناصر جعلها علي الحديدة.. والسادات خدعها.. ومبارك منحها شقة .. نرصدها بالصور ... سنوات الشهد والدموع فى حياة الملكة فريدة زوجة الملك فاروق

الملكة فريدة
الملكة فريدة

اللى كلته بط بط، طلع عليها وز وز .. كلمات بسيطة لمقولة شعبية تنطبق أحوالها مع ما آلت إليه حالة الملكة فريدة، التى اعتلت يوما عرش مصر، فبينما دقت الأفراح فى كل البيوت المصرية يوم إعلان زواج فاروق من فريدة، لبساطها ومواقفها الطيبة مع الغلابة، إلا أنها لم تجد من يحنو عليها أو يعرض عليها مسكنا يأويها، فبعدما كانت الملكة تترغد وتتنعم فى القصور، أصبح حلمها أن تجد غرفة تحميها من ظلمة الشوارع، وتذوقت مرارة الحرمان وقسوة الأيام بعدما طردها الملك فاروق من القصر الملكى، لتبدأ رحلة البحث عن مأوى وقوت يومها بعدما كانت تعيش فى قصر تحيطها الجوارى، والخدم، تأمر فتطاع، ويتسابق الجميع لينال رضاها ومحبتها، زادت الأقدار قسوتها على فريدة بعدما غادر الملك فاروق وأبناؤه البلاد، حيث حرمها من بناتها الثلاث، وتولى شاه إيران مسئولية الإنفاق عليها حتى رحل، فلم تجد أمامها سوى العودة إلى مصر، وبدأت مشوارا من الإرهاق فكانت ترسم لوحاتها الفنية وتبيعها لتوفر لقمة العيش التى تكفيها وأمها، ووعدها السادات بشقة على النيل، بعدما جردتها حكومات الثورة من كل ثرواتها ومجوهراتها، إلا أن القائمين على تنفيذ قرار السادات أهملوا الأمر إلى أن سلمها الرئيس الراحل مبارك شقة فى المعادى، وبين أنفاس المرض والحزن، لفظت فريدة أنفاسها الأخيرة، وتركت الحياة.

الملكة فريدة، هى صافيناز ذو الفقار، وهي الزوجة الأولى للملك فاروق، ولدت فى الخامس من سبتمبر عام ١٩٢١ في مدينة الإسكندرية بمنطقة جاناكليس، ووالدها يوسف ذو الفقار باشا وكيل محكمة الاستئناف المختلطة، نجل علي باشا ذو الفقار، محافظ العاصمة السابق، حفيد يوسف بك رسمي، أحد كبار ضباط الجيش المصرى فى عهد الخديوى إسماعيل، وأمها زينب هانم ذو الفقار، كريمة محمد سعيد باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق لأكثر من مرة.
كان للملكة فريدة أخوين من الذكور هما سعيد ذو الفقار، وشريف ذو الفقار، وكانت أمها وصيفة الملكة نازلى، أم فاروق، بل وكانت صديقتها.

تلقت صافيناز تعليمها في مدرسة نوتردام دي سيمون بالإسكندرية، وذات يوم اصطحبتها أمها إلى القصر الملكي، وشاءت ألأقدار لها أن تتعرَّف على شقيقات الملك الذى أعجبته كثيرا، وتمت دعوة صافيناز ذو الفقار في الرحلة الملكية التي قام بها الملك فاروق ووالدته الملكة نازلي وأخواته إلى أوروبا عام 1937 وكانت تلك الرحلة هى بداية العلاقة التى ربطت بين قلب الصغيرة والملك الشاب، فقد حدث تقارب وتعاطف بين صافيناز والملك الشاب، وقد مهدت هذه الرحلة لصداقة متينة بين الملكة فريدة وصاحبات السمو الأميرات شقيقات الملك فوزية وفائزة.

بعد عودة الأسرة المالكة إلى مصر في صيف عام 1937 تم إعلان الخطبة الرسمية للملك فاروق و صافيناز، وكانت تبلغ وقتها 16 عاما، وتم الزواج بينهما فى 20 يناير 1938، وسط احتفالات شعبية لم تتكرر، وبعد الزواج قام الملك بتغيير اسم الملكة حتى يتماشى مع تقاليد العائلة الملكية، حيث تبدأ أسماء أفرادها بحرف الفاء، ومن هنا أصبح اسمها فريدة، وأنجبت من الملك فاروق ثلاث بنات هن الأميرات "فريال، وفوزية، وفادية"، ارتبط الشعب المصرى بالملكة فريدة لمواقفها التى كانت تكشف ما تتمتع به من بساطة وتواضع وحبها للأطفال والأنشطة الخيرية والاجتماعية .


وفي عام 1948 فاجأ الملك فاروق بإعلان طلاق فريدة منه، وهنا تأثرت كثيرا شعبية الملك فاروق بين أبناء الشعب المصرى، وبعد يوليو 1952 هاجرت بنات الملكة فريدة مع الملك فاروق، إلى منفاه في إيطاليا وانقطعت رؤيتها عنهن سنوات طويلة، وبعد انتقالهن إلى سويسرا بدأت تسافر إليهن فى أوقات متقطعة.

ظلت الملكة فريدة مقيمة في مصر حتى عام 1963، وبعدما تذوقت الأمرين مع لجان مصادرة أموال البشوات حيث لم يتركوا لها مليما أو خاتما أو أى شىء، على الرغم من أن أموالها من المفترض لم تكن تخضع للمصادرة لأنها وقت الثورة لم تكن فى عصمة الملك منذ 4 سنوات، لكن اللجنة جردتها مما تملك حتى مبلغا ورثته عن والدها وعلى الرغم من حصولها على حكم قضائى بأحقيتها فى صرفه من البنك استأنف البنك على الحكم وتمت مصادرته فأصبحت كما يقال –على الحديدة-.
سافرت بعدها إلى لبنان وسويسرا وباريس، وأقامت فترة في باريس بشقة صغيرة كان قد اشتراها لها شاه إيران السابق محمد بهلوي في الشانزليزيه، حيث كان ينفق عليها، إلى أن انتهى حكمه على يد الخوميني، فانقطع أهم الموارد المادية فى حياة الملكة فريدة، فاضطرت لبيع الشقة وحتى ملابسها.

وفي عام 1982 لم تجد أمامها ملجأ سوى العودة إلى مصر، وعملت بالفن ورسمت الكثير من اللوحات لتجد قوت يومها، وعاشت فيها حياة البساطة، داخل إحدى الشقق بالقاهرة، وأقامت معرضاً فنياً بعنوان ألف رؤية ورؤية، كما أقامت العديد من المعارض الفنية في مدريد وجزيرة مايوركا باريس وجنيف وبلغاريا وتكساس وذلك في سنوات السبعينات والثمانينات.

وكان الرئيس الراحل أنور السادات، قل رحيله قد وعدها بشقة على النيل، إلا أن من وكلهم لتنفيذ القرار تجاهلوا الأمر حتى منحها الرئيس الراحل حسنى مبارك، شقة فى المعادى أقامت فيها هى وأمها، ولم تستطع فريدة أن تواجه المرض الذى كان أقوى منها حيث خارت قواها أمامه منذ البداية حيث رحلت فى فجر السابع عشر من أكتوبر عام 1988 عن عمر يناهز 68 عامًا فى القاهرة وتم دفنها فيها.

تم نسخ الرابط