حج 40 مرة متواصلة .. أنقذ تحية كارويكا من يد الملك فاروق.. وأهدي عوامته للسادات.. حكايات في حياة شيخ المداحين محمد الكحلاوي
صاحب الملحمة النبوية أو "مداح الرسول" كما كان يحب أن يُنادى..المطرب الذي سلك طريق العبادة والزهد وسخّر الفن ليكون طريق دعوة وحض على الفضيلة.. وهو أيضًا الفنان صاحب القدرات المتعددة الذي تنوع بين الغناء البدوي والشعبي والديني وكذلك في التمثيل..إنه المطرب محمد الكحلاوي
هو محمد مرسي عبد اللطيف ولد بمنيا القمح بمحافظة الشرقية في 1 أكتوبر 1912 م يتيمًا بعدما توفيت والدته أثناء ولادته ولحق بها أبوه وهو لا يزال طفلاً، تربي في أسرة فنية حيث احتضنه خاله الفنان محمد مجاهد الكحلاوي الذي كان معاصرًا للفنان صالح عبد الحي وكان ذا صيت في ذلك الوقت.
كان لملازمته لخاله -معلّمه- في حفلاته الأثر الكبير، حيث تشبع بالحياة الفنية منذ صغره وورث عنه الصوت الجميل والأداء المتميز وكذلك لقبه.
عمل موظفا في السكك الحديدية، ولعب كرة قدم في أكثر من نادي رياضي، وبدا حياته في انشاد المواويل الشعبية ثم ترك وظيفته والتحق بفرقة عكاشة وعمل بالاذاعة من نشاتها عام 1934 انتخب نقيبا للموسيقيين عام 1945 لكنه تنازل للموسيقار محمد عبد الوهاب قام بإنشاء شركة للإنتاج الفني، و حصل على جائزة التمثيل عن دوره في فيلم "الذلة الكبرى" وجائزة الملك محمد الخامس وحصل في عام 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ثم حصل على جائزة الدولة التقديرية، وقد اهتم بالانشاد الدينى والاغنية الشعبية ومن اغانيه الشهيرة "لاجل النبى" "يا قلبى صلى على النبى" "خليك مع الله" "نور النبى" و"خللى السيف يجول".
كون الكحلاوي ثاني شركة إنتاج في الوطن العربي وهي “شركة إنتاج أفلام القبيلة” أراد بها صناعة سينما بدوية فتخصصت في الأفلام العربية البدوية مثل “أحكام العرب” و”يوم في العالي” و”أسير العيون” و”بنت البادية”، وغيرها والتي شارك فيها بالتمثيل، فيما اعتبرت هذه الأفلام بداية لعملية تمصير الفيلم العربي، والذي كان يعتمد من قبل على النصوص الأجنبية المترجمة، و قدم في هذه التجربة نحو 40 فيلما.قدم عددا كبيرا من الأغنيات الشعبية والعاطفية، والمؤكد أن السينما التى قدم لها 40 فيلما تحتفظ بالعشرات من الأغنيات التى شاركته فى بعضها مطربات أو راقصات، ولحن الكحلاوى لحورية حسن وغيرها من المطربات، واشترى عوامتين فى الزمالك في عام 1935 وهما العوامتان 64 و66 فى شارع الجبلاية الشهير، وإحداهما كانت أهم وأغلى عوامة فى مصر، و تلك التى أهداها للرئيس الراحل أنور السادات عام 1958 بصفته سكرتير عام المؤتمر الإسلامى، لتكون مقرا لضيوف المؤتمر.
كان الكحلاوى شابا موهوبا غنيا كريما، وشهيرا، يلتقى فى عوامته نجوم السياسة والأدب والرياضة، لكنه لم يقع فى الحب، وفى أحد أفراح الأثرياء خطفته فتاة شابة، من المعازيم، فتقدم يطلب يدها، لكن أهلها رفضوه لأنه فنان، وصدم الرجل، لكنه لم ييأس فأرسل يعرف سبب رفض طلبه، فلما عرف تخوف العائلة التى تعود أصولها إلى الأتراك، أرسل يخبرهم بأنه فلاح، حفظ القرآن وملتزم دينيا، وعاود طلبه مجددا فقبلت الأسرة زواج ابنتها من المطرب الملحن، تلك الزوجة عاشت معه خمسين سنة وأنجبت له سبعة أبناء من بينهم بعض المشاهير، مثل د.عبلة الكحلاوى، ود.محمد الكحلاوى أستاذ الآثار الإسلامية، والمطرب أحمد الكحلاوى الذى مضى فى طريق والده
كانت علاقة الكحلاوي بالملك فاروق جيدة، والدليل علي ذلك أنه وأثناء واقعة الراقصة تحية كاريوكا والتي كانت تؤدى وصلتها فى أحد الكازينوهات، وكان الملك فاروق موجودا، فذهبت إليه ومالت عليه قائلة: "جلالة الملك مكانك مش هنا".. ويبدو أن السيدة حاولت مجاملته فأساءت التقدير.. وظن الملك أنها تعرض به، فتم حصار تحية، وامتنع المنتجون عن تشغيلها، وكذلك أصحاب الملاهى، حتى وقعت حادثة للملك، وذهبت لزيارته فى المستشفى، وبعدها بأسبوع فوجئت بالمطرب المنتج محمد الكحلاوى يرسل لها عقدا لأحد الأفلام، وهو الأمر الذى يعنى أن ثمة علاقة كانت تربط بين القصر الملكى والكحلاوى.
ورغم عدم وجود دليل على قصة رفض الكحلاوى الغناء لعبدالناصر بعدما أن رأى رؤيا طالبته بعدم الغناء سوى للرسول، فإن علاقة الرجل بالثورة ورجالها واضحة، حيث أنه قيل أنه فقد صوته لفترة ورأي في المنام أنه سيعود له صوته ولكن بشرط ألا يغني إلا للرسول فقط، وأستيقظ ليجد صوته قد عاد، فيرفض الغناء إلا للرسول، حتي عندما جاء حفل وحضره عبد الناصر رفض الغناء له لذلك الوعد.
أدى فريضة الحج 40 مرة متواصلة فلم يقطع الحج أربعين عاما متواصلة، وهجر عمارته المطلة على النيل في حي الزمالك الراقي وبنى مسجدا يحمل اسمه وسط مدافن الإمام الشافعي، وبنى فوقه استراحة وسكنها، وكذلك بنى مدفنه فيه إلى أن توفي في 5 أكتوبر سنة 1982.