”هرب الجميع وظلت أم كلثوم شامخة”.. حكاية الزفاف الذى غنت فيه كوكب الشرق تحت الرصاص

أم كلثوم
أم كلثوم

"كوكب الشرق" أيقونة الغناء لجميع الأجيال فبالرغم من أنها رحلت عن عالمنا منذ أكثر من خمسة وأربعين عامًا إلا أن أغانيها مازلت تسكن الوجدان، وصوتها الأصيل لم ينقطع عن الحياة ليوم واحد، وخلال مسيرتها الفنية بذلت مجهود كبير حتي تقدم أفضل ما لديها، فهي تعتبر من أفضل فنانات الزمن الجميل التي لمع اسمها بالوسط الفني في أوساط القرن العشرين، وحفلاتها كانت ترفع شعار "كامل العدد" في جميع دول العالم.

ومثل جميع الفنانين تعرضت كوكب الشرق للعديد من المواقف الصعبة أو الطريفة أثناء قيامها بإحياء الحفلات أو الأفراح وظلت هذه المواقف عالقة في ذهنها طوال حياتها، حيث حكت أم كلثوم في إحدي حوارتها النادرة أنها ذهبت في بداية مشوارها الفني لإحياء إحدي الأفراح بمدينة جرجا.

وبدأت القصة عندما كان أحد أعيان جرجا يحتفل بزفاف نجله وفى نفس الوقت كان مرشحًا للإنتخابات النيابية ويقوم بالدعاية لنفسه على قدم وساق، وانتهز الرجل حفل زفاف نجله ليقيم احتفالًا كبيرًا ويستغله فى الدعاية لنفسه ليضرب عصفورين بحجر واحد.

وكانت أم كلثوم مطربة الحفل، وانتهز المرشح المنافس الفرصة وكلف بعض أنصاره بإفساد هذا الحفل، فذهب بعضهم إلى حفل الزفاف وما كادت كوكب الشرق تبدأ فى الغناء حتى وقف أحدهم وأطلق الرصاص وهو يهتف باسم المرشح المنافس، فثار أنصار المرشح صاحب الحفل، وبعد دقائق تحول الزفاف إلى معركة حامية تدوى فيه طلقات الرصاص من كل اتجاه، وهرب جميع أفراد الفرقة، ماعدا أم كلثوم التى وقفت بثبات تراقب ما يحدث ولم تتحرك حتى انفضت المعركة، لذلك وصفت كوكب الشرق وقتها بأنها أشجع مطربة وصاحبة أعصاب فولاذية أمام كل ماتعرضت من مصاعب خلال هذا الزفاف.

أستقبلت عائلة كوكب الشرق أم كلثوم الموهبة الصغيرة في ٣١ ديسمبر ١٨٩٨، وكان والدها مؤذن قرية طماي الزهايرة، التابعة لمركز ميت غمر آنذاك تابعة لمركز السنبلاوين حاليًا، فهي كانت تحفظ وتغني القصائد والتواشيح هي وشقيقها خالد.

بدأت مشوارها الفني عام ١٩٢٣، فوقتها ذاع صيت أم كلثوم بشدة وغنت في العديد من الحفلات الهامة التي كان يحضرها كبار النجوم، وكانت نقطة إنطلاقها عندما تعرفت على الشاعر أحمد رامي ثم الملحن محمد القصبجي، وفي عام ١٩٢٨ طرحت مونولوج "إن كنت أسامح وأنسى الآسية"، والذي حقق لها شهرة كبيرة ،ثم التحقت بالإذاعة المصرية عند إنشائها عام ١٩٣٤، وهي أول فنانة دخلت الإذاعة، وشاركت في عدة أفلام في الثلاثينيات والأربعينيات كان آخرها فيلم "فاطمة" عام ١٩٤٧، لتتفرغ بعدها للغناء فقط.

أما الستينيات فتعتبر من أبرز الفترات الفنية لأم كلثوم حيث أصدرت العديد من الأغنيات الناجحة منها "أنت عمري"، "الأطلال"، وقامت بغناء العديد من الأغنيات الوطنية بعد نكسة ١٩٦٧ منها أغنية "أصبح عندي الآن بندقية"، وغنت أم كلثوم لنزار قباني أغنيتين من أهم أغانيها "الآن عندى بندقية"، وهى قصيدة وطنية، كتبها نزار بعد ١٩٦٧، "عندى خطاب عاجل إليك"، وكانت فى رثاء جمال عبد الناصر.

وشاركت أيضًا في العديد من الحفلات العالمية ومن أهم هذه الحفلات مسرح الأولمبياد بباريس، وجاءت دعوة أم كلثوم بمبادرة من الجنرال شارل ديجول رئيس فرنسا، بعد أن قال مقولته الشهيرة "لقد خرج العرب بعد هزيمة ٦٧ بمأساة وأريد من أم كلثوم رفع معنوياتهم هنا في فرنسا"، قبلت أم كلثوم الدعوة بهدف رفع الروح المعنوية والحصول على مبالغ مالية كبيرة تساهم بها في المجهود الحربي.

رحلت كوكب الشرق أم كلثوم عن عالمنا في ٣ فبراير عام ١٩٧٥ في منزلها، بسبب قصور في القلب، عن عمر ناهر ٧٧ عامًا، وشيّع جنازتها ما يقرب من أربعة مليون شخص في جنازة تعتبر من أضخم الجنازات في العالم.

تم نسخ الرابط