حفظ القرآن وهرب من الحقوق من أجل الفن.. عبد الوهاب سرق ألحانه. . شقيقه ألغي قانون البغاء.. كان مطربا للملكة نازلي.. حكايات في حياة الفنان عبد العظيم عبد الحق
ليس من الضروري أن تكون بطلا لتلفت الأنظار ففي عام 1992، وبعد عرض فيلم "الإرهاب والكباب"، علق في ذهن كل المشاهدين صورة الشخص العجوز الذي يركب الأتوبيس ويقرأ الجرنال فيسأله بطل العمل عادل أمام فيه حاجة هترخص ليجيب عليه بكلمات جسدت بالفعل آلام ومعاناة الكثيرين وقتها وقال "حاجات كتير هترخص وهتبقي بسعر التراب أنا وأنت والأستاذ وحضراتكم أجمعين".. إلى آخر المشهد قائلاً: "اه في الهيافة تتضحكوا لكن وقت الجد بوزكوا يبقي شبرين" .. أجاد وأبدع في مشهد هو الأروع في حياته الفنية، والتي لا يعلم عنها الكثيرون ..إنه الفنان والملحن والمطرب عبد العظيم عبد الحق..
وليس من العجيب أن الكثيرين لم يطلعوا علي قصة حياته فهو يعد من أبرز الملحنين والذين رفضوا الاقتباس أو السرقة من الألحان .
عاني من التهميش لأنه صريح لا يجامل أحد وقد اتهم المطرب الراحل محمد عبد الوهاب بسرقة ألحانه.
كانت بداياته مع حفظ القرآن وهرب من الحقوق بسبب الفن وشقيقه له الفضل في إلغاء قانون البغاء وغلق بيوت الدعارة.
اسمه بالكامل عبد العظيم محمد أحمد عبد الحق، من مواليد يناير عام 1905 في محافظة المنيا، حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة، وكان يقوم بقراءته في كبار بيوت الأعيان لحلاوة صوته، وحلاوة صوته وتجويده للقرآن وتلحينه للقراءة جعله يحب الموسيقى والتعبير عنها.
كان لديه شقيقيان هما عبدالحميد وعبدالمجيد، وكانا سياسين بارزين، بالإضافة إلى شقيقتين، تقلد أخوه السياسي المعروف الدكتور عبد الحميد عبد الحق منصب نقيب المحامين لأربع دورات متتالية، وأحد أهم أعضاء مجلس النواب، وتقلد 3 وزارات في العهد الملكي وهما وزير الشئون الاجتماعية ووزير الأوقاف ووزير التموين.
وكان له الفضل الأول في إلغاء البغاء في مصر وغلق بيوت الدعارة المرخصة في مصر في العهد الملكي، وأول من قام بعمل معونة الشتاء للفقراء والمحتاجين، وأصبحت عادة فيما بعد.
كانت أسرة عبد العظيم ترفض خوضه في مجال الفن، وكان والده يرغب في إدخاله الأزهر، فهرب إلى القاهرة، وهرب من امتحان "البكالوريا، لكي لا يدخل كلية الحقوق، حسب تصريحات سابقة له.
شجعه شقيقه الأكبر عندما وجده مُصر علي طريق الفن وقال له: "إعمل فن نتباهي به"، فألحقة بمعهد الموسيقى العربية عام 1948، وتخرج منه عام 1950، وعُين موظفاً في العديد من الوزارات والهيئات الحكومية.
بدأ علاقته بالفن من خلال الموسيقى والألحان، فمن أشهر ألحانه "تحت الشجر يا وهيبة" لمحمد رشدي، وقام بتحلين لكبار الفنانين مثل شادية ووردة ونجاة وفايزة أحمد ومحرم فؤاد ومحمد قنديل ومحمد عبد المطلب.
ولحن مئات الأغاني منها: "سحب رمشه، رايدك والنبي رايداك، ألفين صلاة عليك يا نبي، الصيادين، كما وضع الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام.
كان يشتهر بلقب "عظمة" في الوسط الفني، قال إنه كان يغني في السهرات والقعدات الخاصة، لكنه لم يحترف الغناء، لأن الملحن لا يستطيع أن يركز في شيء آخر، و إنه كان مطرب الملكة نازلي لمدة 4 سنوات في حفلاتها.
وبلغت ألحانه في الإذاعة المصرية 500 لحن، إلا أن ألحانه لم يكتب لها الخلود، فقد تعرض للظلم والتهميش وذلك بسبب أن ليس له علاقات اجتماعية قوية في الوسط الفني، وأيضًا كما قال في أحاديث تليفزيونية معه: "أنا راجل دوغري وموسيقار ماليش في القص واللزق والاقتباس زي غيرهم". وأشار في جملته للموسيقار الأشهر محمد عبد الوهاب الذي كان يقف ضده بل واتهمه أيضا بسرقة بعض الحانه والالحان الغربية، بل وكثير من ألحان ملحنين مغمورين ليس لهم اسم، وقال: "انا مبعترفش بملحن إلا ثلاثة القصبجي والسنباطى وزكريا"، ما أثار غضب الكثير من أهل الفن.
جاءت شهرة عبد العظيم عبد الحق من خلال التمثيل وأدوراه من خلال شاشة السينما والتليفزيون، حيث قدم في حوالي 70 عملًا، فبدأ التمثيل عام 1961 م بفيلمي ” تحت سماء المدينة” و ” مخلب القط” وتعددت أعماله بعد ذلك وكانت مشهورة ومنها فيلم الرسالة ، فيلم الأراجوز مع عمر الشريف والدرجة الثالثة مع سعاد حسني والفيلم المتميز "المومياء" للمخرج شادي عبدالسلام، والسيد البلطي للمخرج توفيق صالح والسمان والخريف لحسام مصطفى وليلة عسل للمخرج محمد عبدالعزيز وتأليف الكاتبة منى الصاوي، وكان آخر أعماله الإرهاب والكباب، ومسلسلات "عادات وتقاليد والرجل والحصان وليالي الحلمية".
ورحل في صمت ودون ضجيج في مستشفي المعادي العسكري في 3 أبريل عام 1993.