حكاية موظف البنك الذي هدد عرش عبد الحليم وبسببه أعتزل الفن بعد تقديم فيلم واحد فقط.. معلومات عن كمال حسنى
يعتبر الفنان كمال حسني واحدًا من أفضل المواهب الغنائية في تاريخ الفن لكنه لم يحظ بفرصة كغيره من النجوم الذين حققوا شهرة فنية واسعة في ذاك الوقت، وبالرغم من موهبته الكبيرة إلا أنه مسيرته الفنية كانت قصيرة للغاية بسبب التشابه الصوتي بينه وبين العندليب عبد الحليم حافظ وهذا ما تتحدث عنه "الموجز" خلال السطور المقبلة.
ولد الفنان كمال حسني عام ١٩٢٩ بالقاهرة، وظهرت عليه موهبة الغناء منذ طفولته فكان يشارك في الحفلات المدرسية ويقدم خلالها الكثير من الأغاني وأدائه المميز كان ينال إعجاب الجميع، وكان يهوى إعادة أغاني محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش بصوته، وألتحق بكلية التجارة وبعد تخرجه عمل في البنك الوطني المصري.
وفي الأربعينات عرف أن هناك مطربًا جديدًا يدعي عبد الحليم حافظ فذهب ليستمع إليه، وبدأ ينجذب إلى حليم دون أن يشعر، وأحس أنه قريب منه وبدأ في حفظ أغانيه حتى ظهرت أغنية "على قد الشوق"، وقرر كمال أن يغنيها مقلدًا عبد الحليم، كما قرر الغناء في "ركن الهواة"، وعمل بروفات عليها وتأجل دوره كثيرًا لأن كان هناك عدد كبير من المطربين المشاركين في ركن الهواة، حتى جاءت أغنية "توبة" فعمل بروفات عليها وقام بغنائها، وكان كل أمله وقتها أن يسمعه عبد الحليم حتى يسعد بأن هناك من يحبه ويقلده وأن يصل صوته لحليم.
وذكر الإعلامي سامي كمال الدين، من قبل أن أحد المذيعين قام بتركيب الأغنية بمعنى أن يقوم بوضع جزء من أغنية "توبة" بصوت عبد الحليم حافظ ثم جزء بصوت كمال حسني، ثم طلب من المستمعين التفريق بين الصوتين، وكان الناس عاجزين تمامًا عن التمييز بينهما.
وبعد مرور أسبوع وجد رجلًا في البنك الذي يعمل به ويقول له لديك مقابلة في مكتب الإذاعي الكبير حسني الحديدي والإذاعي علي فايق زغلول، دهش لكنه ذهب إلى الإذاعة، وهناك وجد الكاتب الصحفي موسى صبري، والملحن إبراهيم حسين الذين أخبراه أن ماري كويني تريد مقابلته والاتفاق معه على التمثيل، وأكد موسى صبري أنه سيكتب عنه.
وبالفعل ذهب حسني في الموعد لمقابلة ماري كويني وطرحت عليه بعض الأسئلة، عن إمكانية عمله بالتمثيل، وكان معها السيناريست محمد مصطفى سامي والمخرج إبراهيم عمارة وأحمد والي، وكانت تريد أن توقع معه عقود ثلاثة أفلام، لكنه كان صغيرًا على التوقيع وقال لها أن خاله هو الوصي عليه لأن والده لن يوافق على عمله في الفن.
وفي اليوم التالي توجه إلي الإستوديو مرة آخري بصحبة خاله للإتفاق علي جميع التفاصيل، ووقع عقد فيلم "الإرتباك" وبدأ بروفات التمثيل مع آمال فريد ثم قررت ماري بعدها بدء التصوير، لكنها قالت لكمال "أنت تحتاج إلى بطلة قوية تسندك" وكانت هذه البطلة هي شادية، سمع كمال اسم شادية وأصيب بالخوف والقلق، فقد كانت نجمة تملأ السمع والبصر سواء بتمثيلها أم غنائها.
وحتي هذه اللحظة لم يكن كمال حسني قد قابل عبد الحليم حافظ، وكان أول لقاء لهما في نقابة الموسيقيين، حيث كان ذاهبًا لعمل بروفة، وفوجئ بعبد الحليم ينادي عليه وهو يخرج من النقابة، وكان على الناحية الأخرى من الرصيف فدهش، فقد كان كل أمله أن يسعى هو للقائه، فإذا به يأخذه بالحضن أمام المواطنين ويسلم عليه بود وقال له "عايز أشوفك".
واللقاء الثاني الذي جمع كمال حسني وعبد الحليم كان من خلال برنامج إذاعي حيث جعلت المذيعة عبد الحليم يغني جزءًا من أغنية "غالي علي" لكمال حسني، وجعلت حسني يغني جزءًا من "توبة"، وجاءت حملة إعلامية كبيرة قادها موسى صبري وكانت بداية تعكير الجو بين كمال حسني وبين عبد الحليم حافظ وحاول صبري أن يقول لحليم إن كمال يستطيع أن يهز عرشه بل ويسقطه من فوقه، ومن هنا ضاع كمال حسني، فبدلًا من أن يقدم كمال كوجه جديد قدمه كمنافس لعبد الحليم، وزاد الكلام في هذا الأمر وبدأ الحاقدون يسعون للوقيعة بين كمال حسني وحليم.
وبعد فترة تعرض حليم لأزمة صحية فذهب كمال لزيارته فأستقبله حليم بترحاب كبير جدًا وأجلسه بجواره على السرير، ولكن كمال صعق إذ وجد في الغرفة مع عبد الحليم بعض الحاقدين الذين كانوا ينقلون الكلام ويوقعون بينه وبين عبد الحليم، وهم ذاتهم من يعتبرون أنفسهم أقرب الأصدقاء لحليم، وأدرك كمال حسني المؤامرة متأخرًا، أدرك أن الذين كانوا يقولون له إن عبد الحليم حافظ يحاربه هم أنفسهم الذين يجلسون بجوار عبد الحليم ولابد أنهم يقولون له الكلام نفسه.
وفي أواخر الستينات عرف كمال حسني أنه كان ضحية خداع وكذب فقرر الإبتعاد عن الوسط الفني تمامًا وعاد إلى عمله في البنك، ولكن ساءت حالته النفسية فقرر أن يترك مصر ويهاجر، وذهب إلى العاصمة البريطانية واستقر بها بعد أن عمل بالتجارة.
وقرر عدم العودة إلى الفن حتى بعد رحيل عبد الحليم حافظ وبعد سفره بما يقرب ٣٠ عامًا عاد لمصر في أواخر التسعينات، ليس من أجل العودة إلى الفن، ولكن من أجل التجارة أيضًا، مكتفيًا بالقليل جداً من الذي قدمه للفن، مكتفيًا بتسجيل بعض الأدعية الدينية في رمضان، حتي توفي في عام ٢٠٠٥.