”غناء على رصاص الصعيد”.. كيف غنى موسيقار الأجيال تحت وابل من الرصاص حتى سقط مغشيًا عليه

محمد عبد الوهاب
محمد عبد الوهاب

استطاع خلال مسيرته الفنية الطويلة والممتدة لعشرات السنين، أن يقدم للطرب والغناء المصرى أعمال خالدة في تاريخ الفني العربي، هذا بالإضافة إلي أنه حرص علي تطوير الموسيقى عبر العصور بفضل إطلاعه على الموسيقى في كافة أنحاء العالم، ومعرفته بكل ما هو جديد، أنه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

ومثل جميع الفنانيين تعرض الموسيقار محمد عبد الوهاب للعديد من المواقف الصعبة أو الطريفة أثناء قيامه بإحياء الحفلات أو الأفراح وظلت هذه المواقف عالقة في ذهنه طوال حياته، حيث حكي عبد الوهاب في إحدي حوارته النادرة أنه ذهب لإحياء حفل زفاف أحد أعيان أسيوط وجلس بين أفراد التخت الخاص به وبدأت الفرقة تعزف المقدمة الموسيقية وإذا به يسمع أصوات طلقات الرصاص يأتى من بعيد.

فوقتها سأل عبدالوهاب: "إيه الحكاية، فهمس أحد العازفين فى أذنه مفيش ده الصوت جاى من بلد بعيدة"، واطمأن عبدالوهاب إلى أن الرصاص لن يصل إلى سرادق الحفل الذى يغنى فيه وأستمر فى الغناء، وبدأ الصوت يقترب حتى بدأ يدوى داخل السرادق، ووقف المدعوون يردون تحية الزوار القادمين من البلاد المجاورة للتهنئة بنفس طريقتهم وهو إطلاق الرصاص كعلامة من علامات التحية والإبتهاج، مما أصاب موسيقار بالرعب وسقط مغشيًا عليه.

وعلي الفور قام أفراد التخت بنقل عبدالوهاب إلى مكان بعيد عن ضرب النار حتى يفيق واستدعى صاحب الفرح طبيبًا لإسعافه، وبعد أن أفاق اشترط على صاحب الفرح أن يمنع المدعوين من إطلاق الرصاص حتى يعود للغناء، ووافق صاحب الفرح.

وعندما عاد عبدالوهاب لسرادق الزفاف طلب منه أحد المدعوين أن يغنى أغنية "حب الوطن فرض عليا"، وبالفعل غناها موسيقار الأجيال، فاشتعلت الحماسة فى نفس أحد المدعوين ليطلق الرصاص من بندقيته وهو ما دفع باقى المدعوين لرد التحية بنفس الطريقة، وهنا فر عبدالوهاب من داخل السرادق ليختبئ فى شقة العريس ويغلق عليه الباب من الداخل وحاول صاحب الفرح أن يقنعه بفتح الباب بكل الوسائل ولكن موسيقار الأجيال أقسم ألا يفتح الباب إلا بعد أن يحصل على وعد من صاحب الفرح ان يوصله فورًا إلى محطة القطار، فوعده صاحب الفرح حتى يخرج من شقة العريس، وبالفعل خرج عبدالوهاب مسرعًا مباشرة إلى محطة السكة الحديد وهو لا يصدق أنه خرج علي قدميه من الفرح.

ولد الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في ١٣ مارس عام ١٩٠٢ في حارة برجوان بحي باب الشعرية في القاهرة، ووالده كان يعمل موذنًا في جامع سيدي الشعراني في مسقط رأسه، وتلقي دراسته في معهد الموسيقى العربي عام ١٩٢٠، وفي عام ١٩٣٣ عمل في دور السينما المصرية، وبعد عام عمل في الإذاعة المصرية.

خلال مسيرته الفنية شارك عبد الوهاب في العديد من الأعمال فقدم أهم الألحان الموسيقية علي مر العصور منها: "دعاء الشرق، وليالي الشرق، وعندما يأتي المساء، يا قلبي يا خالي"، كما لحن موسيقار الأجيال الكثير من الأغانى لكوكب الشرق أم كلثوم منها: "أنت عمري، وعلى باب مصر، وأنت الحب، وفكروني، وأمل حياتي، غداً ألقاك وليلة حب وهذه ليلتي"، وشارك في العديد من الأفلام السينمائية منها: "الوردة البيضاء، ودموع الحب، ويحيا الحب، ويوم سعيد، وغزل البنات، ونشيد المملكة الليبية".

تزوج محمد عبدالوهاب ثلاث مرات الأولى في بداية مشواره الفني وهي سيدة تكبره بربع قرن يقال إنها أسهمت في إنتاج أول فيلم له هو "الوردة البيضاء" وتم الطلاق بعدها بعشر سنوات.

وفي عام ١٩٤٤ تزوج محمد عبدالوهاب بزوجته الثانية "إقبال" وأنجبت له خمسة أبناء هم "أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة"، وأستمر زواجهم سبعة عشر عامًا وبعد ذلك تم الطلاق، وكان زواجه الثالث والأخير من نهلة القدسي.

رحل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عن عالمنا في ١٤ مايو عام ١٩٩١، إثر وعكة صحيّة ألمت به، وكان قد أصيب وقتها بجلطة دماغية كبرى إثر سقوط حاد تعرض له على أرضية منزله بعد أن تعرض للإنزلاق مفاجئ، وكان قد أصدر الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك أمراً بتشييع جثمان الموسيقار في اليوم الخامس من شهر مايو وسط حشد جماهيري كبير.

تم نسخ الرابط