الشيخ طالب بقانون يمنع ارتدائه والزعيم أفحمه.. قصة «الميني جيب» الذي أشعل الخلاف بين عبدالناصر وإمام مسجد
في عقد الستينيات من القرن الماضي، انتشر بين قطاع من الفتيات والسيدات ارتداء الـ«ميني جيب»، ما أثار جدلاً كبيراً، خاصة أن هذا الأمر كان غريبًا على المجتمع المصري آنذاك.
لكن الغريب أن هذا الجدل امتد إلى الأوساط السياسية، بل وأصبح الرئيس جمال عبدالناصر طرفاً فيه، وهذا ما حدث أثناء عقد فعاليات المؤتمر القومي العام الذي دعا له الرئيس في ديسمبر 1968، حيث تجاذب مع إمام مسجد وجهات النظر في هذا الأمر، وهذا ما عرضه سعيد الشحات بالتفاصيل في كتابه «ذات يوم.. يوميات ألف عام وأكثر».
ضحكات واستياء
في هذا المؤتمر الذي كان عنوانه "طلبة والجامعات"، تحدث الشيخ عاشور نصر إمام وخطيب مسجد سيدى المرسى أبوالعباس بالإسكندرية، وخرج عن سياق موضوع المناقشة، وانتقد السيدات والبنات، مشيرا إلى ارتدائهن للمينى جيب، واستطرد فى هذا الجانب مما أثار ضحكات الحاضرين، واستيائهم ايضاً.
وكان الرئيس عبد الناصر ممن استاءوا من كلام الشيخ عاشور، وعلق قائلا: «على العموم الشيخ عاشور بين لنا حاجة من اللى احنا قلناها امبارح إن المناقشة مفتوحة لكل الناس وبأى طريقة من الطرق.. الشيخ عاشور أفادنا فى أنه رفه عنا شوية وسط هذا الاجتماع، وفى الحقيقة أنا أعتبر أن بلدنا من أكثر البلاد تمسكا بالدين، هذا باعتراف كل الناس فى الحقيقة أن الثورة عملت من أجل الدين، وأنا أقول برضه للشيخ عاشور وأمثاله إن ده شغلهم اللى بيأخذوا عليه ماهية، واللى بيأخذوا عليه فلوس واللى مفروض إنهم يدعوا ويبشروا من أجله، ولكن بالأسلوب السليم مش بالأسلوب القبيح اللى اتقال النهاردة، أما الكلام عن المينى جيب ده الحقيقة غير معقول، وأنا أعتقد أن الكلام ده إذا اتقال فى مسجد أبوالعباس، والناس ضحكت زى إحنا ما ضحكنا النهاردة تبقى العملية هزلية وليست عملية جدية”.
أضاف عبدالناصر: «الحقيقة هناك وسيلة للوعظ وهناك وسيلة للإرشاد، وفى أول الثورة جاءنى من طالب بحاجات كثيرة جدا، وقال من لم يزع بالقرآن يزع بالسلطان، واعمل كذا واعمل كذا، كان ده ممكن لأن أنا إذا كنت هاعمل هذا الكلام كنت سأضيق على كل الحريات اللى فعلا اتعودنا عليها فى هذا البلد، ولا يمكن الحقيقة إن إحنا نرجع فيها، البلد والعالم كله فعلا بيتطور».
قانون لـ«الميني جيب»
وتابع «مثلا هو بيتكلم عن المينى جيب، أنا لو طلعت قانون يمنع المينى جيب معنى ده إيه؟.. معناه إن البوليس له الحق أنه يتعرض لكل ست فى الشارع سواء كانت لابسة مينى جيب أو مش لابسة، وهذا الحقيقة شعور يؤذى كل واحد فينا، مين اللى عليه يعمل هذا القانون، كل عيلة عليها تعمله، كل رب عيلة يعمل هذا القانون، الجامعات مثلا يطلعوا قرار إن ماحدش يدخل بالمينى جيب، أو شىء من هذا القبيل، والبنت اللى تيجى فى الجامعة به تُفصل، وبهذا نستطيع نحدد أمورنا».
واستطرد عبدالناصر: «الخلاصة الحقيقية فى هذا الموضوع بالنسبة للإذاعة هناك مواد كثيرة خاصة بالدين، بالنسبة للتليفزيون أيضا، فى الإذاعة هناك محطة مخصصة لإذاعة القرآن الكريم والتفاسير، وبعدين الحقيقة بالنسبة للدين إحنا تعلمناه من أهلنا، الواحد اتعلمه من عيلته وإن ده حلال وحرام، وأحب أن أنهى كلمتى بأن أقول إن رجال الدين والوعاظ والمشايخ عليهم فى هذا مسئولية كبيرة إنهم يوعظوا مش بس فى المسجد اللى هم فيه، فى الحى بيختلطوا وبيقولوا للناس وأولياء الأمور والآباء والعائلات، وبعدين المجتمع منذ قام وحتى اليوم فيه الصالح وفيه الفاسد منذ قامت الخليقة من عهد آدم، وقصة هابيل وقابيل فيها الفاسد وفيها الصالح، وعلينا جميعا أن نقاوم الفاسد وندعم الصالح والدين والحمد لله بخير فى بلدنا، والشكر للشيخ عاشور على أنه فتح لنا هذا الموضوع لنتكلم فيه».