الملك فاروق طلقه من زوجته.. و الرئيس السادات منع إذاعة أغانيه .. و تحية كاريوكا تسببت في وفاته. . حكايات حزينة في حياة ”البلبل الباكي ” عبد الغني السيد
صاحب صوت جميل .. ساحر لمع نجمه في الإذاعة المصرية مع افتتاحها عام 1934 وتبناه الموسيقار زكي مراد .. عمل في السينما ممثلا ومطربا.. لقب بـ"البلبل الباكي".. إنه الفنان الراحل عبد الغني السيد
عاش المطرب الراحل عبد الغني السيد حياة صعبة مليئة بالمواقف المأساوية، والدرامية، من مولده إلي وفاته، حيث ولد لأسرة بسيطة فى 16 يونيو 1908، وكان والده يعمل "أستورجي " في الموبيليا، وانفصل عن والدته وتزوج بأخرى وأنجب منها 5 أبناء عملوا جميعا فى مجال الموبيليا، ولم يكمل تعليمه وأخذه والده للعمل معه.وعانى فى طفولته من معاملة زوجة أبيه التى كانت تعذبه وتحرق جسده بالمياه المغلية، وفى إحدى المرات دخل والده عليه ليلا فوجده يبكى فرفع الغطاء ليجد ملابسه التصقت بجسده المحترق، فطلق زوجته وأعاده ليعيش مع والدته التى لم تتزوج وعاشت لابنها الوحيد.وظل يعمل مع والده لينفق على نفسه وعلى والدته، وبالرغم من أنه لم يكمل تعليمه إلا أنه كان يقرأ ويكتب جيدا ويتميز بجمال الخط، في أحد الأيام وهو يعمل داخل محل الموبيليا، صادف وجود الموسيقار زكي مراد، والد المطربة ليلى والملحن منير مراد، الذي سمع صوته وأعجب به، ثم قرر تبنيه فنيًا، ليترك السيد مهنته ويحترف الغناء بالأفراح والصالات، وأقام معظم الوقت في بيت مراد، وأخذ يتدرب مع أبنائه، ومن هنا كانت انطلاقته الأولى في عالم الغناء.
ولعبت الصدفة دورا آخر مع الفنان عبد الغني السيد عندما إلتقي الموسيقار رياض السنباطي، ووقع معه عقد إنشاء شركة "بيضافون" التي أصبحت أكبر شركة أسطوانات في مصر، وأصبح أول مطرب يغني في الإذاعة المصرية عند افتتاحها.
وفي الثلاثينيات حققت أغنيته "نسيتي حبي بعد اللي كان" مبيعات قاربت المليون نسخة، وهي ظاهرة كان يصعب تحقيقها آنذاك.
وتوالت نجاحاته وأغانيه حتي وصلت لـ 800 أغنية، و منها: "البيض الأمارة، أنا وحدي يا ليل سهران، بحبك مهما أشوف منك، الحلو شاورلي بمنديله، ليه يا جميل ياللي بعادك طال، جبال الكحل، آه من العيون، سبحان اللي صور، يا بايع الصبر، أنا وأنت في الهوى، لا دمع كفى وطفى النار، الحب حلم جميل، كفاية البعد يا نسمة العصاري، عطشان والنبي، آه يا حبيبي، يا موعودين بالهن، افرح، ودي السلام والنبي، يا حبيبي الله يخليك، عمر الحب مالهش نهاية، صعبان عليه، الدنيا غنوة بقربك، وحشتني عينيه، أنت فاكر ولا ناسي، سحر جمالك فاق الحد، أنت على بالي، بكره حتندم، العشرة صعبانة عليا"، ومن أغانيه الدينية "يا حاج بيت الله، يا رمضان"، وكانت آخر أغنياته "أنا ما تنسيش" والتي أعادتها المطربة لطيفة التونسية فيما بعد.
كما قدّم العديد من الأغاني الوطنية في مرحلة الخمسينيات تقارب الـ30، وضاع معظمها في أرشيف الإذاعة إلى أن قامت السيدة هدى نجلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بإعطاء نجله "محمد" بعض هذه الأغنيات التي كانت تحتفظ بها، ومع استلام الرئيس الراحل أنور السادات، الحكم منع إذاعة هذه الاغاني، ومن أشهرها "من شعبي إلى عبد الناصر، خمس فدادين، الأرض دي أرضنا، العربي أخو العربي، نداء الوطن، كلنا عمال، يا مسافر المنصورة، تحيا بلادي، ثورة الأحلام".
أما سينمائيا فقد قدّم عبد الغني السيد 16 فيلمًا، أربعة منها قام فيها بدور البطولة، والأخرى ظهر كفنان فقط أو دور ثانوي، وأول أعماله كان فيلم "وراء الستار" عام 1937، ثم شارك في أعمالا أخرى منها: "المرأة كل شيء، ضحيت غرامي، البيت الكبير، طاقية الإخفاء، أسرار الناس، نور من السماء، بنت العمدة، سفير جهنم، عريس من أسطنبول، شارع محمد علي"، كما شارك بالغناء فقط في أفلام: "عايدة، وراء الستار، بابا أمين، كيلو 99".
وتزوج عبد الغني السيد ثلاث مرات، الأولى كانت من قريبة له وكان زواجًا تقليديًا وأنجب منها "زينب، وبثينة"، الزوجة الثانية كانت ابنة وزير في فترة الأربعينيات والتي أُعجبت بصوته وهندامه، ووسامته، وحين تم التعارف بينهما طلبت منه أن يقدم لها أسطوانة من أُغنياته هدية لها، فأهداها أُغنيته الشهيرة "نسيتي حبي"، فأحبته أكثر من خلالها، وتزوجا لعدة أيام فقط قبل صدور قرار من الملك فاروق بتطليقهما كونه لم يُرِد أن تصبح عادة متبعة ويتزوج البسطاء من طبقات الأعيان.وتزوج للمرة الثالثة من "شجون توفيق راسخ"، التي عاشت قصة كفاح في تربية أبنائها منه "ليلى، إيمان، محمد"، بعد وفاة "عبد الغني"، وحصلت على لقب "الأُم المثالية" على مستوى الجمهورية عام 1982.
ومن ضمن المواقف الطريفة التي حدثت أنه أثناء تصوير أحد مشاهد أعماله، وهو مشهد حزين مع الفنان عبد الفتاح القصري بكواليس فيلم "شيء من لا شيء"، عام 1938، كان من المفترض أن يؤدي الاثنان أحد المشاهد الحزينة سويًا، وبمجرد بدء التصوير تنتاب السيد، نوبة من الضحك لا يستطيع التخلص منها كلما نظر إلى عيني القصري، واستمرت محاولات المخرج أحمد بدرخان للتصوير دون فائدة.
واتفق القصري، مع بدرخان، سرًا على حل جيد، وهو إبلاغ السيد، أن عمه تُوفي للتو ليبدو حزينًا ويتم التصوير، ثم بعدها يبلغاه بالحقيقة، وافق بدرخان، وأخبر السيد بذلك واستأذنه في تصوير المشهد ومن الغريب، أنه لم يعترض بل بدا مرحبًا بذلك لإنهاء التصوير وعدم تعطيل الفيلم، وعندما حان وقت التصوير ووقف الاثنان متقابلان لم يتمالك السيد نفسه مجددًا من الضحك مرة أخرى، فاغتاظ القصري، بشدة وعاتبه قائلًا: "إنت مش عمك ميت؟"، فرد عليه السيد ضاحكا: "هو أنا عندي عم أصلاً".
نوبة قلبية أصابت عبد الغني السيد خلال زيارته لتحية كاريوكا وزوجها الفنان فايز حلاوة، للصلح بينهما، فردت عليه بأسلوب قاسِ تأثر منه جدًا، وأحس بالمرارة وعلى إثر ذلك تم نقله إلى المستشفى ومات في 21 أغسطس 1962.