المسكوت عنه في علاقة الرئيس والوزيرة.. هل حاول عمر البشير تسميم مادلين أولبرايت بكوب «كركاديه»؟
في عهد الرئيس السابق عمر البشير، مرت العلاقات السودانية الأمريكية بكثير من المنعطفات التي أثرت سلباً عليها، وهذا ما انعكس في صفحات المذكرات التي كتبتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت بعد إحالتها للتقاعد، حيث أفردت جزءً كبيراً للحديث عن «البشير» وكيف تعامل معها؟.
وقد عُرفت مادلين في أثناء توليها وزارة الخارجية الأمريكية بتشددها تجاه السياسية السودانية من منطلق خلفيتها، وكذلك مصالح السياسة الأمريكية في السودان وفي إفريقيا عامة.
قلق من البشير
وبحسب مجدي كامل في كتابه «الحكام العرب في مذكرات زعماء وقادة ورجال مخابرات العالم»، زارت مادلين السودان لأول مرة، فدونت ملاحظاتها وانطباعاتها عن الرئيس السوداني عمر البشير وعبرت عن هواجسها التي تملكتها وهي في القصر الجمهوري.
تقول أولبرايت في الفصل السابع من مذكراتها: على الرغم من توجيه الانتقاد في الغالب إلى صُناع السياسة الأمريكية لتجاهلهم أفريقيا، فإنني زرت القارة سبع مرات عندما كنت في الحكومة، وتوقفت في اثني عشر بلداً بما فيها السودان في ربيع 1994. كنت قلقة لأنها أول مهمة دبلوماسية إلى حكومة نعتبرها معادية، ومع ذلك استقبلنا الرئيس عمر البشير بشكل حسن.
كان البشير وقتها في أوائل الخمسينيات من العمر، ولديه شارب ولحية قصيرة ومهذبة جداً. كان صارم الهيئة يستخدم عصا خشبية، وكان وقوراً لكل من حوله، لكن قبل العمل قدم لي كوباً طويلاً مليئاً بسائل زهري اللون له قوام الشامبو (يبدو أنه عصير الكركديه من هذا الوصف).
محاولة تسميم
وتروي وزيرة الخارجية السابقة: غالباً ما كنت أمزح بأن عملي كسفيرة هو الأكل والشرب نيابة عن بلدي، لكن بدا ما قدمه لي الرئيس السوداني خارج نداء الواجب، فقد لاحظت أن البشير لا يشرب أي شيء وكذلك كل السودانيين الآخرين، فخطر ببالي أنهم ربما يحاولون تسميمي.
وفيما كان البشير يراقبني رشفت ما أملت أن يكون رشفة مقنعة لكل من حولي من المشروب، لكنني لم أكد أبتلع شيئاً.. كان المذاق حلواً، وشبيهاً بمذاق بيتول – بسمول (مشروب أمريكي)، وانفرجت أساريري لأنني لم أنقلب رأساً على عقب.
والواضح أن هاجس الخوف من التسمم تملك أولبرايت وهي في الخرطوم، لعدة أسباب ترسبت في نفسها من قرائن الأحوال من حولها، فهي تصف السودان بأنه عدو للسياسة الأمريكية ثم إن لديها إحساس أن الرئيس البشير رجل صارم، ثم قدم لها شراباً.. ولضخامة هواجسها لاحظت أن البشير أو السودانيين لم يشربوا أي شيء مما زاد من هواجسها الداخلية.
والاهم من كل ذلك ما ذكرته أن البشير كان يراقبها أثناء شرابها للعصير.. كل تلك الأشياء جعلت حالتها النفسية مهيئة لهواجس الاغتيال التي طرأت على فكرها في تلك اللحظات.
وتمضي أولبرايت متحدثة عن تلك الزيارة واجتماعها بالرئيس قائلة، لم يكن فحوى اجتماعي بالبشير مرضياً أكثر من المشروبات، فقد كنت أريد توجيه تحذير بشأن دور السودان كملاذ آمن للإرهابيين، ولم يلق التحذير آذاناً صاغية.