أحمد رشدى .. حكايات وأسرار وزير الداخلية الذى عشقه المصريون

أحمد رشدى
أحمد رشدى

قاهر المخدرات، الرجل الطاهر الذى استحوذ على قلوب المصريين وعشقه الجميع، صاحب السجل الحافل بالإنجازات،  حقق الأمن والأمان فى الشارع المصرى، وكان بمثابة "البعبع" ، الذى هدد عرش تجار المخدرات، إقتحم عالمهم وهدم أوقارهم وجعلهم يسكنون الجحور مثل الفئران، صاحب مبادئ راسخة ولم يتخلى عنها حتى مع أقرب الناس إليه، تقلد منصب وزير الداخلية لمدة عامين خلال فترة الثمانيات، إنه اللواء أحمد رشدي محمود عيد، ابن محافظة المنوفية الذى ولد فى 29 أكتوبر عام 1924، وتوفى عام 2013.

تقلد رشدى حقيبة وزارة الداخلية فى ظرف استثنائية وعصيبة كانت تمر بها البلاد ، وشهدت تجارة المخدرات روحت كبيرا فى تلك الفترة بسبب الانفلات الأمنى السى كان يعانى منه الشارع المصرى بعد مقتل الرئيس أنور السادات على يد جماعة الشر الارهابية، وكان رشدى رجلا استثنائيا هو الآخر فكان الرجل المناسب فى المكان المناسب فى الوقت المناسب ، كما كان له دور فعال فى تجنيد رأفت الهجان، فهو الذى اكتشفه وقام بترشيحه لجهاز المخابرات العامة للقيام بالمهمة الوطنية . 

استحوذ  اللواء أحمدرشدى على قلوب المصريين وكان مضرب المثل فى تحقيق العدل بين طوائف الشعب المصرى فقد رأى فيه المصريين رجلا حقيقيًّا صاحب مبادئ راسخة، وخاصة حينما تعلق الأمر بعمل نجله "ضابط الشرطة"، والذى قال له: "يا بابا أنا زمايلى بس قالولى أقولك إننا كنا عايزين مكافآت عشان بقالنا فترة ماخدناش مكافآت وكده"، فرد عليه والده: "تمام"، وفى اليوم التالي، وبمجرد أن وصل اللواء أحمد رشدي إلى مكتبه داخل الوزارة، أحضر طلب استقالة وكتبه باسم ابنه، ووضع طوابع التمغة، ووقع عليه بالموافقة، وعندما علم نجله بما حدث قال له "رشدى": "إنت ما تنفعش تشتغل فى الشرطة طول ما آنت شايف أبوك هاينفعك"؛ ليخرج ابنه من الخدمة ويعمل بعدها فى مجال المحاماة.

صحيفة اللواء أحمد رشدى ناصعة البياض، فقد وقف لتجار المخدرات بالمرصاد، وكان القضاء على إمبراطوريتهم فى منطقة الباطنية هدف أ ساسى قام بتحقيقه ، اكتشف "رشدى" أن سر عدم نجاح الحملات على "الباطنية" هو أن رجال الشرطة السريين المزروعين كمرشدين للمباحث ، هم ذاتهم الذين يُحذّرون تجار المخدرات ليأخذوا حذرهم ويقومون بإخفاء بضاعتهم فى سراديب سرية غير معلومة، فتم إعداد  خطه سريه واجتماع طاريء ونجحت الحملات نجاح باهر فى اقتحام أوكارهم والقضاء عليهم. 

ومن أشهر قصص اللواء أحمد رشدي، ما فعله فى قسم الأزبكية عندما حضر رجل عجوز إلى قسم الأزبكية، وقد بلغ من العمر أرذله يتكئ على عصاه متسخآ فى ثيابتظهر على وجهه وجسده علامات الإعياء الشديد ومصابا أعلى جبهته اليمنى ليقوم بتحرير محضرا لمن قاموا بالإعتداء عليه ، وعندما دخل إلى القسم وجد مجموعة من ضباط القسم يلعبون ويتسامرون فإذا به ينادى عليهم،  فيرد أحدهم قائلاً:" مالك عاوز ايه على أخر الليل؟"، فيجيب الرجل :"أريد أن احرر محضرا فى من قام بضربي" فيجيب الضابط فى استهزاء "أترزع هناك لحد ما نشوفلك صرفة".

ولكن العجوز لم ينتظر الضابط وتوجه على الفور إلى مكتب مأمور القسم، وعندما قرع الباب ودخل عليه قائلا :"أريد أن أحرر محضرا والسادة الضباط لا يستجيبوا لى"، فإذا بالمأمور ينهال على ذلك العجوز سبآ قائلا له :"أيه اللى جابك هنا يا حيوان أنزل اترزع تحت" ، وماكان من الرجل العجوز إلا أن يرمي العصا على الأرض ويزيل الكمامة التي كان يضعها على جرحه الزائف، ناظرا إلى المأمور الذى تسمرت قدماه فور وضوح الرؤية لوجه ذلك العجوز، ثم ذهب وجلس على مكتب المأمور أمرآ له قائلاً :" اجمعلى كل البهوات بتوع القسم وانت على رأسهم"،وقد كان فقد أعطى جزائات لكل ضباط قسم الأزبكية.

أصبح رشدى شوكة فى ظهر الخارجين عن القانون وكان لا بد من ازاحته من المشهد بأى طريقة وكانت انتفاضة الأمن المركزي التى وقعت في 25 فبراير 1986م عندما تظاهر عشرات الآلاف من مجندي الأمن المركزي في معسكر الجيزة بطريق الإسكندرية الصحراوي احتجاجًا علي سوء أوضاعهم وتسرب شائعات عن وجود قرار سري بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلي خمس سنوات.

استمرت حالة الانفلات الأمني لمدة أسبوع أعلن فيها حظر التجول وانتشرت قوات الجيش في شوارع القاهرة وأعتقل العديد من جنود قوات الأمن المركزي وبعد انتهاء هذه الأحداث واستتباب الأمن تم رفع حظر التجوال وأعلن عن إقالة اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية آنذاك وعزل العديد من القيادات الأمنية من المركزي مستقبلًا، وهو ما قاد فى نهاية المطاف إلى استقالة “رشدى” من وزارة الداخلية بعد أحداث الأمن المركزى الشهيرة فى 28 فبراير 1986.

وكان رحيله سببًا فى حزن وأسف الكثيرين من المواطنين المدنيين ومن رجال أجهزة الشرطة، بينما أقام الخارجين على القانون وعصابات تهريب وتجارة المواد المخدرة، الاحتفالات عند سماع خبر الرحيل ويقال أنهم أطلقوا على نوع جديد من المخدرات اسم "باى باى رشدى”.

تم نسخ الرابط