ياسر بركات يكتب : يوسف العتيبة .. المهندس الحقيقي لصفقة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل
لا شك أن صفقة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل قد شغلت الرأي العام العالمي وأيدتها الدول العربية والقوي العظمي في العالم وأكدوا أنهم يرونها خطوة مهمة في سبيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط. وتباري الكثيرون في التخمين بمن يقف وراء طبخ الصفقة الكبري التي يتم الاعداد لها منذ شهور لكننا في الموجز كنا أول من سلط الضوء علي "الجندي المعلوم "الذي وضع بذور الاتقاق وتواصل مع جميع الأطراف حتي تم الإعلان عنها في بيان ثلاثي مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات وإسرائيل.
الكاتب الصحفي ياسر بركات رئيس التحرير يعد أول من أشار إلي الجندي المعلوم يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة الأمريكية والدبلوماسي المحنك الذي يعتبر من أقوي السفراء في واشنطن بما يملكه من علاقات قوية مع مراكز صنع القرار.
وإلي نص المقال الذي كتبه رئيس التحرير في 24 يونيو الماضي والذي كشف فيه سر المقال الذي كتبه العتيبة في جريدة يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية واشترط فيه وقف خطة الضم مقابل التطبيع .
" يوسف العتيبة سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، أقدم على خطوة قد يراها البعض جريئة وقد يراها آخرون متهورة، ونشر مقالا في جريدة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، حذر فيه من أن خطة إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ستعرقل أي احتمال لحصول تقارب بينها وبين الدول العربية، مما يعرقل عملية السلام. وذكر أنه "في الفترة الأخيرة، تحدث قادة إسرائيليون بحماس عن التطبيع مع الإمارات ودول عربية إضافية، لكن هذه الأقوال تتناقض مع خطة الضم الإسرائيلية"، موضحًا أن الضم سيقوض بالتأكيد وعلى الفور التطلعات الإسرائيلية لتحسين العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية مع العالم العربي والإمارات.
في مقاله الذي حمل عنوان "إما الضم أو التطبيع" قال العتيبة إن "استمرار الحديث عن التطبيع سيكون مجرد أمل مغلوط في تحسين العلاقات مع الدول العربية"، مؤكداً أن خطة الضم الإسرائيلية تتحدى الإجماع العربي - وعملياً الدولي أيضاً - فيما يتعلق بالحق الفلسطيني.
مقال العتيبة يأتي في وقت تستعد فيه إسرائيل في أول يوليو المقبل لتنفيذ الخطة الأمريكية للسلام التي تنص على ضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية المحتلة منذ 1967. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن أواخر يناير عن خطة للسلام تنص على ضم إسرائيل المستوطنات، وتلحظ في المقابل إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على مساحة صغيرة دون القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم الموعودة.
كان عبد الله بن زايد، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، قد أعرب في بيان صدر في 10 مايو الماضي عن بالغ قلقه ورفضه لما تضمنه برنامج الحكومة الإسرائيلية الجديدة من خطط وإجراءات لضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية. وحذر وزير الخارجية الإماراتية من أن "هذه الخطوة أحادية الجانب غير قانونية وتقوض فرص السلام وتتعارض مع جميع الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للوصول إلى حل سياسي دائم، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة"، مؤكداً أن "مسار عملية السلام في الشرق الأوسط التي ننشدها جميعاً واضح ومعروف، وقد أرسته المبادئ الدولية المتفق عليها لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، مجددا تأكيد دولة الإمارات على أن "أي خطوات أحادية الجانب تعيق وتعرقل فرص السلام الدائم الذي نطمح إلى تحقيقه".
في بداية يونيو الجاري، كررت الإمارات تحذيرها من أن أي تحرك إسرائيلي من جانب واحد سيمثل انتكاسة خطيرة لعملية السلام، في إشارة إلى خطط الحكومة الإسرائيلية للبدء بإجراءات ضم المستوطنات اليهودية ومنطقة غور الأردن ذات الأهمية الاستراتيجية في الضفة الغربية. وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "الحديث الإسرائيلي المستمر عن ضم أراض فلسطينية يجب أن يتوقف. إن أي تحرك إسرائيلي أحادي الجانب سيكون انتكاسة خطيرة لعملية السلام، وسيقوض حق تقرير المصير للفلسطينيين، وسيشكل رفضا للإجماع الدولي والعربي بشأن الاستقرار والسلام". وأكد قرقاش أن التجاوب الدولي مع التحرك الإماراتي مشجع ويتصل بقلق العواصم من القرار الإسرائيلي المتوقع، قائلاً "الإمارات من خلال تحركها المدروس تفند تصريحات نتنياهو بخصوص العلاقات مع العالم العربي وتحذر من تداعيات وخطر توسعة الاحتلال،
بالتزامن، أدان 54 عضواً بالكونجرس الأمريكي تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، ودعوا في رسالة وجهوها للسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان إلى إدانة جميع أعمال العنف في الضفة الغربية مع تزايد هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.
جاء في نص الرسالة التي بادرت إليها عضو الكونجرس ديب هالاند: "نحن نعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تدين جميع أعمال العنف التي تبعدنا عن السلام، ويجب أن توضح إدانتها، سواء كانت الضحية إسرائيلية أم فلسطينية". وأكدت الرسالة أن "حوادث العنف ضد الفلسطينيين التي يرتكبها مستوطنون زادت بنسبة 78% في الأسبوعين الأخيرين من شهر مارس، وتشمل تلك الانتهاكات الاعتداء الجسدي، اقتلاع أشجار الزيتون المملوكة للفلسطينيين ورجم سيارات يقودها فلسطينيون. ويعزو مسؤولو الأمم المتحدة وأجهزة الأمن الإسرائيلية، ارتفاع عدد الهجمات، جزئياً، إلى إغلاق المدارس في المستوطنات بالضفة الغربية". وقالت: "مع انشغال الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل منهجي في مكافحة انتشار فيروس كورونا، فإن أي زيادة في العنف بين الجانبين من شأنها أن تزيد فقط من صعوبة معالجة أزمة الصحة العامة المتزايدة". وأضافت: "هذا الارتفاع، وسط وباء فيروس كورونا، يتبع الزيادات الكبيرة بالفعل في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين على مدى العامين الماضيين. فكما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز فإن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم، زادت بنسبة 50% في 2018".
في الوقت الذي تتبنى فيه إدارة ترامب سياسة خارجية متهورة فيجب على أوروبا التعبير عن موقف واضح. وتعتبر إسرائيل من أهم شركاء أوروبا التجاريين وتعتبر معظم الدول الأوروبية الاستيطان غير قانوني وتدعم حل الدولتين. وفي الوقت الذي اتسم فيه رد أوروبا على ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 بالسرعة حيث تم فرض عقوبات على روسيا، كان ردها على الاستعمار الإسرائيلي الزاحف هو الاستسلام. ومن أجل مصداقية الاتحاد الأوروبي وما تبقى من عملية سلمية فإن عليه توضيح أن أي عملية ضم ستواجه بتداعيات.
ومن الإجراءات المباشرة للضم هو منع تداول المنتجات القادمة من المستوطنات التي لن يتم التعامل معها كأجزاء من إسرائيل. ويجب ردع نتنياهو قبل تنفيذه الضم.
ربما أرادت إسرائيل من الضم تحقيق النصر إلا أن تحطيم آمال الفلسطينيين بتسوية عادلة سيؤدي إلى مشاكل في المستقبل. وسيجد الشباب الفلسطيني الذي يعاني من ضغط الاحتلال جاذبية في كلام المتطرفين. ولو سمح العالم لنتنياهو المضي في خطط الضم فسيتحمل نوعا من المسؤولية للتداعيات الناجمة عن القرار