رقصت على الذهب والفضة وفتحت زجاجات الشمبانيا لخيولها وماتت وهى تتسول فى شوارع القاهرة .. تفاصيل مثيرة فى حياة شفيقة القبطية

شفيقة القبطية
شفيقة القبطية

استطاعت بجمالها الأخاذ، وقوامها الممشوق، وملامحها الجذابة ،أن تخطف الأضواء نحوها، وتسحب البساط من تحت أقدام منافسيها، لعبت الصدفة دورا كبيرا فى حياتها، فأنارت لها طريق المجد والشهرة، وتناثر على جسدها الذهب والفضة، وحصدت الكثير من الأموال، فأفلست جيوب الأغنياء وكانت سببا فى ضياع ثروات العديد من البشوات، وأصبحت هى من ذوى الاملاك ساكنى القصور، ولكن دوام الحال من المحال، بعد مرور السنوات ذبل جمالها، وابيض شعر رأسها، وانحنى ظهرها، وكشرت الدنيا فى وجهها، وأدارت لها ظهرها وفقدت كل شئ مالها، وشهرتها وعشاقها، ولم يتبقى لها سوى شريط من الذكريات المؤلمة، عاشت شفيقة القبطية حياة الأمراء، وكانت نهايتها تعيسة تشبه نهاية البؤساء ، الموجز يستعرض أهم المحطات فى حياة الراقصة القبطية المتدينة .

ولدت شفيقة عام ١٨٥١ بمنطقة شبرا، لأسرة متدينة وملتزمة ، ارتبطت بالكنيسة منذ صغرها وكانت تتردد عليها، بشكل مستمر، وكان الساكنون والمارة فى منطقة شبرا ينتظرون موعد مرور الفتاة الجميلة يلقون نظرة عليها، أثناء ذهابها إلى الكنيسة.

لعبت الصدفة دورا كبيرا في دخول شفيقة القبطية مجال الرقص عام ١٨٧١، عندما رقصت شفيقة أمام الراقصة المشهورة "شوق " ، والتى كانت الأشهر في ذلك الوقت، وكانت الوحيدة التي يسمح لها بأحياء حفلات العائلات الكبيرة ، وشوق هى الراقصة التى رقصت في حفل افتتاح قناة السويس، لفتت الفتاة السمراء الجميلة نظر" شوق "، إليها وهى تتراقص مع مجموعة من الفتيات، وتبادلتا نظرات الإعجاب، وأبدت الراقصة المشهورة إعجابها بالفتاة القبطية ابنه الأسرة المحافظة، وقتها أيقنت "شفيقة" أن طريقها للمجد والشهرة سيبدأ مع عند "شوق"، فذهب إليها وطرقت باب منزلها، بعدما تركت منزل أسرتها، وفى منزل "شوق"، تعلمت "شفيقة"، مبادئ الرقص الأولى، بحثت أسرتها عنها كثيرا ولكن دون جدوى، وبعد مرور عدة أشهر على تركها المنزل، تمكنت أسرتها من معرفة مكانها فأرسلوا إليها قسيس ، كي ينصحها بالعودة لأهلها ولكنها رفضت، فأعلنت أسرتها التبرؤ منها، ومنذ تلك اللحظة أرفقت شفيقة اسمها بالقبطية تيمناً بدينها .

وبعد مرور ستة أشهر فقط توفيت "شوق "، واتسعت الساحة لشفيقة التي أبدعت وذاع صيتها وابتدعت بعض الرقصات الجديدة، وخلال فترة قليلة جدا تربعت شفيقة على عرش الرقص والفن وأصبح اسمها مدوي في كل مكان، وسعى خلفها أصحاب الملاهي للعمل معهم والتف حولها الرجال ووضع كل رجل معجب بها ثروة ضخمة تحت قدميها ، وعندما كانت تقف شفيقة على خشبة المسرح لترقص، كانت الجنيهات الذهبية تتناثر عليها تحية لها من المعجبين والعشاق، وكانت تستخدم ثلاثة من الخدم فى جمع هذه الجنيهات، ليقدمونها لها بعد انتهائها من وصلة الرقص، وقيل إن واحد من هؤلاء الخدم كان يحتفظ لنفسه ببعض هذه الجنيهات ، واستطاع فى فترة زمنية قصيرة أن يمتلك ثروة كبيرة وأصبح بعد ذلك من الأعيان.

سافرت شفيقة إلى دولة فرنسا، وحققت هناك نجاحا باهرا، وأطلقت عليها الصحافة المصرية لقب "الراقصة العالمية " وملكة الرقص الشرقي، وتلقت بعدها العديد من العروض لإحياء الحفلات والافراح بمعظم الدول الأوروبية والعربية، ووصلت شفيقة حدا من الشهرة والثراء، جعلها تعيش حياة الملوك والامراء، وكانت أول إمرأة في مصر تمتلك عربات "الحنطور" ، وأحبها الكثيرون وتهافت عليها المعجبين ، ويقال أن الكثير من البشوات والأغنياء أنفقوا جميع أموالهم من أجل ارضائها، وهناك من كان يفتح زجاجات الشمبانيا، ليسقي خيولها. وعلى الرغم من أن الدنيا أعطت "شفيقة"، كل شيء إلا أنها حُرِمت من الامومة ، فقررت إن تتبنى طفلا اسمته "ذكي" ومنحته كل شئ، ولكن نشأته في جو الخمور والرقص والمال بدون حساب ، جعلت منه شخا فاسدا، فأدمن الخمور والمخدرات، وتدهورت حالته الصحية وفارق الحياة بسبب ادمانه، تألمت شفيقة من أجله ألما شديدا، وأدمنت هى الأخرى الخمور والمخدرات، وعندما تقدمت بها سنوات العمر، انفض المعجبون من حولها، واختفى الطابور الذى تعودت على رؤيته، لم تستطع تحمل ذلك، وراحت تنفق الأموال على الشباب الصغير لتشعر بأنها ما زالت مرغوبة ومحبوبة، إلى أن تزوجت شاب صغير سلبها جميع أموالها وممتلكاتهم وتركها تتسول فى شوارع القاهرة، وافترشت شفيقة الحصير في أحد البيوت الشعبية وألم بها مرض شديد لم تستطع مقاومة، وفارقت الحياة بعدما تجرعت كؤؤس الذل والمهانة، ولم يسير فى جنازتها سوى شخصين فقط.

تم نسخ الرابط