سعد الحريري رئيسا للوزراء .. تفجير بيروت يعيد ”الملياردير ” إلي منصب ”الرجل الثاني ” في لبنان
بعد خلو منصب رئاسة الحكومة اللبنانية بسبب استقالة رئيسها حساني دياب علي خلفية تفجير بيروت برزت العديد من الأسماء التي يمكن أن تشغل هذا المنصب، وحول ذلك يقول المحلل السياسي طارق عبود في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية :
حسب المتداول الآن اسم الرئيس سعد الحريري هو الأكثر حظا، والموضوع خاضع للتجاذبات وبورصة الأسماء ارتفاعا وهبوطا واحتراقا، كما حصل أثناء تشكيل الحكومة السابقة، ولكن بالمجمل الرئيس الحريري صاحب أكبر كتلة للمكون السني في لبنان، و"حزب الله" راض عنه والرئيس بري كذلك.
فيما يرى المحلل اللبناني أسعد بشارة بأن المهم الآن ليس الأسماء بل الأفعال، ويقول: السؤال لا يجب أن يكون عن الاسم بل عن وظيفة الحكومة الجديدة في لبنان، والمعلومات تقول أن حزب الله وشركاءه يرفضون تشكيل حكومة مستقلين حقيقين، ويريدون العودة إلى ما يسمى بحكومة وفاق وطني، ويطرحون على سعد الحريري أفكارا للتعاون، ولكن هذا الأمر لم يعد قابلا للبحث عند اللبنانيين.
ويتابع بشارة: أي حكومة تسمى حكومة وفاق وطني ستلقى مواجهة كبرى في الشارع، لأن اللبنانيين اليوم في رفض تجديد للطبقة السياسية والمنظومة التي تجدد نفسها عبر تشكيل هكذا حكومات، والمطلوب أن تكون هذه الحكومة حكومة إنقاذ اقتصادي وإنقاذ على المستوى الوطني، بالتالي كل من تتوفر فيه المواصفات لتولي هذه الحكومة يشكل الحكومة ممن يشبههم ويشبهونه ويقومون بعملية إنقاذ حقيقية.
فيما يرى الخبير السياسي والنائب السابق ناصر قنديل بأن الأمر على درجة من التعقيد بحيث لا يسهل الحديث عن بديل جاهز وفوري، وقد تستمر حكومة تصريف الأعمال إلى وقت غير قصير، ريثما يتم الاتفاق على اسم بديل، لأنه بالنسبة لفريق الغالبية النيابية الذي سمى الرئيس دياب وحكومته لن يكرر تسمية مرشح لون واحد.
ويكمل قنديل: المطلوب الآن خصوصا بعد المبادرة الفرنسية وما تحدث عنه الرئيس ماكرون من حكومة وحدة وطنية وإفساح المجال أمام مرشح إجماع، وبالتالي أعتقد أن الأسماء التي يجري تداولها من اللون الآخر والتي سبق وطرحت في فترة الصراع من نواف سلام أو محمد بعاصيري هي مستثناة من النقاش، ومثلها من الأسماء التي يمكن أن تحسب على الغالبية النيابية.
ويضيف: بالتالي البحث يبدأ من عند الطائفة التي ينتمي إليها رئيس الحكومة، ومن المرجعية السياسية التي تمثل الأغلبية السنية في مجلس النواب أي الرئيس سعد الحريري، وأعتقد أن الحريري ليس في وارد تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة في الظرف الراهن، ولا أعتقد أن تسمية شخصية سياسية مقربة منه يمكن أن تشكل مصدر رضى في الشارع، لذلك يجري البحث من طرف الحريري عن اسم تكنوقراط مقرب منه ويوحي بالثقة ويلقى قبول الخارج والقوى النيابية.
قبول الشارع
وعن مدى ثقة الشارع بالأسماء المطروحة لخلافة دياب، خصوصا بعد أن كان قد أطلق شعار "كلن يعني كلن" في أكتوبر الفائت يقول عبود:
"الشارع لا يعرف ما يريده أصلا، فهو لم يحدد أجندة أو ورقة سياسية وخارطة طريق، والشارع في لبنان منذ 17 أكتوبر عبارة عن شوراع، وهناك نقمة كبيرة عند المواطن اللبناني على النظام والطبقة السياسية كلها".
ويكمل: لأن هذا النظام في الحقيقة هو نظام طائفي ولاد للمشاكل والأزمات، وينخره الفساد لدولة ومؤسسات مهترئة، وما حصل في المرفأ هو نتيجة وانعكاس لحالة الفساد الإداري والمحاصصة الطائفية والمذهبية وحالات السمسرة في الواقع اللبناني، والشارع اللبناني لن يرضى بأي أحد، وحكومة التكنوقراط السابقة فشلت فشلا ذريعا، في أن تقدم شيئا جديدا خارج النمط السائد في الحكومات السابقة اللبنانية.
فيما يؤكد أسعد بشارة بأن الشارع فقد الثقة بهم جميعا، ولا يمكنهم الآن الاتفاق فيما بينهم وتشكيل حكومة تقاسم الدولة مرة أخرى، تحت أنظار اللبنانيين الغاضبين وأنظار المجتمع الدولي الذي يطلب منهم الإصلاح وهم لا يقومون به، هذا التفاهم إذا ما حصل فيما بينهم فهو يعني أنهم يجددون لأنفسهم، وهذا أمر باعتقادي لن يمر على الإطلاق.
أما المحلل ناصر قنديل فيقول: أعتقد أن الرئيس الحريري الذي سيتولى التسمية طالما نحن نتحدث عن حكومة وحدة وطنية، وإلا ستبقى حكومة تصريف الأعمال ولن يتم الوصول إلى اسم جديد، والشؤون التي تخص المواطنين ستغطيها حكومة تصريف الأعمال، من تأمين القمح والكهرباء وغيرها، والحكومة ذات الصلاحية الكاملة من دون التقدم خطوة في السياسة نحو الوفاق فلا حاجة للحكومة الجديدة.
ويتابع: الرئيس الحريري سيقدم اسما يحقق 3 شروط، أولا أن يشكل استفزازا لفريق الغالبية النيابية كي يقبل به، الثاني ألا يكون استفزازا للشارع والنخب المتحركة تحت عنوان الانتفاضة أو الثورة، والثالث أن يكون مطابقا للمواصفات التي يجري طلبها دوليا من الجهات المانحة، أي شخصية مشهودا لها بالنزاهة ونظافة الكف والالتزام بالقوانين، وإذا لم يتم تحقيق هذه الشروط سنبقى مع حكومة تصريف الأعمال.
شكل الحكومة
وعن شكل الحكومة القادمة في لبنان يقول طارق عبود:
حكومة تكنوقراط لم يعد لها حظوظ أبدا لأنها فشلت تماما، وكذلك حكومات الوحدة الوطنية بعد 7 مايو عام 2008 أيضا فشلت كلها، ولكن لا خيار في هذا النظام الطائفي أو قانون الانتخاب الحالي والتركيبة السياسية للبرلمان إلا حكومة تأخذ كل الأطراف إلا من لا يريد المشاركة.
ويتابع: هناك أيضا أحاديث الآن عن أن الأوروبيين والأمريكيين سيعرقلون الحل وسيفرضون عقوبات مالية واقتصادية، ونحن اليوم حقيقة نعيش أزمة نظام سياسي وليست أزمة حكومات، فقد ذهب رئيس وجاء آخر وشكلنا حكومتين في أقل من سنة والبلد ينهار اقتصاديا والحالة مذرية.
ويكمل حديثه: إذا شكلت حكومة اليوم لن تستطيع أن تقدم شيئا للبنانيين لأنها ستكون حكومة محاصصة بين الكتل النيابية، وإذا ما أرادت أن تعمل أو تكافح الفساد فإنها لن تستطيع، لأنها حكومة أحزاب ومقاسمة.
بينما يعتقد أسعد بشارة بأن الحكومة القادمة ستكون تكنوقراط حكما، أما إذا شكلت حكومة وفاق وطني كحكومة سعد الحريري المستقيلة أو حكومة حسان دياب التي لم تكن حكومة تكنوقراط، فستسقط في الشارع كما سقطت الحكومتان السابقتان.
بينما كان رأي قنديل حول هذه النقطة: أعتقد أن الحديث عن حكومة تمثيل الأطراف السياسية بلغة الذم هو نوع من النفاق السياسي، لأنه يستحيل أن نتحدث عن حكومة تحظى بثقة المجلس النيابي ما لم تكن الكتل النيابية مطمئنة إلى أنها محمية من خلال هذه الحكومة، وبأنها لا تشكل استهدافا لها، وهذه حقيقة.
ويتابع: من هي الأسماء التي يمكن أن تمثل هذه القوى السياسية أميل إلى أن تكون أسماء من الصف الإداري، أي قضاة وضباط سابقين أو موظفين كبار متقاعدين أو على رأس عملهم، وليس نوابا أو وزراء سابقين أو سياسيين معروفين بتعاطي العمل السياسي.
وحول الفترة التي سيتم تكليف رئيس الحكومة الجديد يقول طارق عبود: ذلك يعتمد على رئيس الحكومة والشروط والوضع الخارجي والضغوطات الخارجية، فكل ذلك له تأثير في تشكيل الحكومة، ومن غير المعلوم الوقت اللازم لتشكيل هذه الحكومة.
بدوره يقول أسعد بشارة: لا أحد يعرف، وعندما يقتنعون بكف يدهم عن الحكومة فهي ستتشكل بسرعة، أما إذا أرادوا أن يتصرفوا بالطريقة السابقة في تشكيل الحكومة، يمكنهم أن يعطلوا تشكيل الحكومة، لكن هذه المرة الغضب الشعبي بانتظارهم، والعقوبات الدولية أيضا بانتظارهم. وعن ذلك يقول ناصر قنديل: أعتقد أن الفترة الممتدة من هنا حتى نهاية هذا الشهر لن تشهد بسهولة تسمية رئيس حكومة، فأولا هناك استحقاق أولي له علاقة بتضميد الجراح، فالناس لا زالت تنتشل القتلى من تحت الركام، وبعدها سيكون هناك إعلان حكم المحكمة في 18 من الشهر الحالي، ويأتي بعد ذلك موعد تجديد اليونيفيل في 28، والوفود الدولية الآن كثيرة ومن العيار الثقيل.
ويستطرد قنديل: التشاور السياسي أمامه الآن قرابة 20 يوما ليتمخض عن تسمية، ويمكن أن تظهر في بداية الشهر القادم إذا النوايا كانت سليمة وتقدير القوى متفق عليه، لأنه يمكن للبعض أن يظن بأن فريق المقاومة وحلفائها في وضع ضعيف فيمكن فرض شروط عليه، أو بعض من هم في المقاومة يظن بأنه قادر على تكرار تجربة الرئيس دياب باسماء مختلفة.
ويضيف: إذا كانت القراءة معقولة وموضوعية هناك فرصة في النصف الأول من الشهر القادم لتسمية رئيس حكومة، وعندها سيكون هناك فترة بسيطة لا تتعدى الشهر لتسمية حكومة.
انتخابات نيابية مبكرة
وعن المطالبات بانتخابات نيابية مبكرة وقانون جديد للانتخاب تحدث المحلل طارق عبود: الانتخابات النيابية المبكرة على هذا القانون ستنتج نفس الطبقة السياسية، وأكثر المتفائلين يقول بأنه سيتغير نسبة 30% من نواب البرلمان بالحد الأقصى، وهذا لن يؤثر في الحقيقة على خارطة المجلس النيابي.
ويكمل: إذا تحدثنا عن قانون نيابي جديد فالقانون الماضي أخذ أكثر من 3 سنوات لإقرار هذا القانون، فالتعقيدات في لبنان أكبر من أن نكون في حالة ترف نحل فيها البرلمان ونقدم على انتخابات نيابية جديدة، كما يحدث في الدول الديمقراطية، والموضوع هنا معقد أكثر من أي بلد آخر.
ولم يستبعد بشارة هذه الفكرة، ويكمل: لماذا لا يكون هناك انتخابات نيابية مبكرة، لأن هذا المجلس بات ركاما وفقد شرعيته الشعبية، وبالتالي المطلوب تشكيل حكومة أولا تشرف على انتخابات نيابية مبكرة، وليختار اللبنانيون بحرية من يريدون، وإلا سندور في حلقة مفرغة.
ويواصل حديثه: اختيار اللبنانيون لنفس الطبقة السياسية ليس حتميا، فهناك اهتزاز في صورة هذه المنظومة السياسية وفي قدرتها على العمل، إلا إذا قامت بأساليب غير مشروعة من ترغيب وترهيب وابتزاز وقانون انتخابي على قياس إعادة انتخابهم.
ويردف بشارة: الأكيد أن هناك تصدعا في المنظومة السياسية، والأكيد أن هناك تغيير سيحصل في حال حصول انتخابات، ولكن هم لا يريدون الانتخابات، وأحد أسباب استقالة حسان دياب أنه طرح موضوع الانتخابات المبكرة، فجن جنون المنظومة من داخل وخارج الحكومة وأسقطوا حسان دياب.
أما الخبير ناصر قنديل فطلب التمييز بين قانون انتخابي جديد والانتخابات المبكرة، ويوضح: فالقانون هو ضرورة والكل يجمع على أن القانون الحالي كان فاشلا ولا بد من قانون انتخابي جديد، وطبعا لا قيمة لقانون جديد ما لم يأخذنا خطوة إلى الأمام للخروج من القيد الطائفي، لأن الكل يتحدث على أن النظام الطائفي سقط وانتهى وهو سبب الفساد.
ويكمل: لكن هذا يحتاج إلى مناخ توافقي وليس إلى صيغة التحدي، ونحن الآن لم نصل إليه، ونحتاج إلى مزيد من الوقت حتى إذا ما تشكلت حكومة سيكون تشكيلها فرصة لصياغة توافق انتخابي جديد.
ويتابع قنديل: أما الانتخابات المبكرة فأريد لفت الانتباه إلى مسألة يجري تجاهلها من قبل الكثيرين، وهي تقصير ولاية مجلس النواب ورئيس الجمهورية يعنيان سقوط اتفاق الطائف، فمن ركائز الاستقرار التي بني عليها اتفاق الطائف أن يقضي رئيس الجمهورية ومجلس النواب ولاية كاملة.
ويختم حديثه: الآن الأغلبية لدى طرف وعندما تدعو إلى تقصير الولاية لأن الأغلبية في جهة، فأنت تفتح الباب كلما جاءت أغلبية لأن تطالب الجهة المقابلة بانتخابات مبكرة، وهذا يعني إنهاء الاستقرار، لذلك هذا الأمر ليس واردا على الأطلاق، هذا إذا ما تم تمديد المجلس النيابي لانتخاب رئيس جمهورية، بسبب الصعوبة في إيجاد قانون انتخابي قبل انتخاب رئيس جمهورية جديد.