انتهت حياتها بعنق زجاجة وقضت على عصر الفتوات واهتم النحاس باشا بقضيتها..حكاية مقتل أشهر راقصة بشارع عماد الدين
اشتهرت بـ امتثال فوزي، واسمها الحقيقي أسماء، ولدت في قرية مير، التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، وانتقلت إلى الإسكندرية مع عائلتها، ثم التحقت بمدرسة بالعطارين وتعلمت اللغة اليونانية، ولكن والدتها فضلت عدم تعليمها وإبقاءها بالمنزل، وبسبب ظروف مرت بها احترفت الرقص، وكانت تعمل بمقهى الغزاوي بالإسكندرية، وبلغت شهرتها الآفاق، مما دفع بديعة مصابني للذهاب إلى الإسكندرية للتعاقد معها.
ولم تمضي فترة طويلة حتى تركت امتثال فوزي العمل بصالة بديعة واشتركت مع صديقتها ماري منصور في إدارة صالة بجوار محطة مصر عُرفت بمسرح أو كازينو البوسفور بميدان رمسيس حاليًا، كما تزوجت امتثال من زكي طليمات رائد المسرح المصري الحديث بعد طلاقه من الفنانة روز اليوسف، وكانت زوجة مثالية كما قيل عنها.
وفي عصر امتثال كان للفتوات شأن كبير، وكانوا يفرضون إتاوات على كل شخص يقع في نطاق نفوذهم، وبعد أن افتتحت امتثال مع صديقتها كازينو البوسفور، كان فى ذلك الوقت فؤاد الشامى فتوة عماد الدين والذى كان رجالة يسيطرون على الشارع ومنشغولون دائما بجنى الإتاوات، وبعض العمليات التى تدر عليهم أرباح كبيرة، لم يشغل بال فؤاد الشامى تحصيل إتاوة من امتثال فى حين أنها تدفع لغيرة من الفتوات، على الرغم من وقوعها فى منطفة نفوذه.
وبعد أن زادت شهرة امتثال دفع ذلك الشامى لفرض إتاوة عليها، وهي بدورها لم تتردد في إعطائه ما طلب تجنبا لشره، لكن يبدو أن الطمع أعمى بصيرته فأخذ كل فترة يطلب منها المزيد مما جعلها ترفض دفع أى إتاوة يطلبها الشامى أو غيره من الفتوات، وهذا أوقعها فى الكثير من المتاعب، وأرسل فؤاد الشامى أحد رجاله إلى امتثال للجلوس معه فرفضت، مما أثار غضب الشامى.
واتصل بها فؤاد الشامي وفرض عليها إتاوة قدرها 50 جنيهًا شهريًّا لحمايتها، إلا أنها رفضت دفع الإتاوات وأمرت بطرده وأعوانه من الكازينو الخاص بها، لكنه واصل تهديده لها بضربها ما دامت تحاربه في رزقه، وهددها بقتلها في حالة عدم الدفع.
وقامت امتثال بإبلاغ رجال الشرطة، وكان قسم الأزبكية يطل مباشرة على كازينو البوسفور، فلما علم الشامي بذلك شعر بأن هيبته ستنهار بين رجاله، وما زاد صعوبة الموقف هو امتناع بعض راقصات عماد الدين عن دفع الإتاوات، فدفع الشامي بأحد رجاله ويدعى كامل الحريري، مساء يوم الجمعة 22 مايو 1936، لانتظارها خلف مسرح البوسفور وقام بغرز رقبة زجاجة مكسورة في عنقها لتلقى حتفها على الفور، فانقض رواد الكازينو على القاتل وضربوه ثم قدموه إلى الشرطة واعترف بأن محرضه هو فؤاد الشامي، وتم القبض على الشامي وحكم عليه هو ومن معه بالأشغال الشاقة المؤبدة.
وفي هذا الوقت انتدب النحاس باشا اثنين من موظفي الداخلية لحضور التحقيق وإعداد تقرير، وانشغلت الصحف بالحدث فتصدرت الحادثة الصفحات الأولى، وزاد ذلك من الضغط على الحكومة للقضاء على الفتوات، وما زاد الأمر سوءًا مقتل الراقصة سكينة، الشهيرة بعيوشة، بعد مصرع امتثال بأربعة أيام فقط.
وظل الشامي بالسجن حتى عام 1957، وعندما خرج اعترف بندمه الشديد، قائلاً: «الله يخزي الشيطان، لقد كانت امتثال جميلة حقا، لا تستعمل مواد الزينة، وكانت أيضًا محبوبة من زميلاتها ومن العاملين معها، وكانت إذا ما طالبتها بفلوس تشتمني باليوناني، فأقول لها: إذا كنتي شاطرة اشتميني بالعربي، فتنطلق فورًا في شتمي بالعربي دون أن تخشاني مع أني كنت شيطان فظيع، ولكنني كنت أحبها»، ومنحته محافظة القاهرة كشكًا لبيع الحلوى وظل فيه حتى توفى.
وفي عام 1972 تم إنتاج فيلم باسم "امتثال" قدمت بطولته الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب في دور "امتثال" وعادل أدهم في دور فؤاد الشامي، وتم فيه دمج قصة امتثال فوزي مع قصة الراقصة عيوشة في الفيلم.