أنشىء بأمر من التنظيم الدولي.. فى ذكرى حله .. ننشر حيثيات حل حزب الحرية و العدالة

حزب الحرية و العدالة
حزب الحرية و العدالة المنحل

ظلت جماعة الأخوان المسلمين لعشرات السنين تحلم بالوصول للحكم وبعد ثورة 25 يناير تمكنت من تحقيق حلمها الذى لم يدم طويلاً وانتهى بقيام ثورة 30 يونيو .

لكن الجماعة كان يلزمها ستاراً سياسياً قانونياً لتحقيق اطماعها فأسست حزب الحرية و العدالة فى 6 يونيو 2011 ذو مرجعية إسلامية ويتبنى أيدولوجية السياسة الإسلامية.

و في 9 أغسطس 2014 صدر حكما قضائيا بحل الحزب.. ننشر حيثياته فى السطور القادمة :

اعتبرت محكمة القضاء الإدارى أن حزب «الحرية والعدالة» خرج عن المبادئ والأهداف التى يجب أن يلتزم بها الحزب كتنظيم وطنى شعبى ديمقراطى، إضافة إلى تهديده للأمن القومى المصرى واعتباره ما حدث فى 30 يونيو «تظاهرات من عشرات الآلاف وليس ثورة شعبية»، وأن ما حدث يوم 3 يوليو انقلاباً عسكرياً».

ولفتت المحكمة فى حيثيات حكمها النهائى بحل الحزب، التى تنشرها «الوطن»، إلى أنه مع التأييد الشعبى لبيان 3 يوليو باعتباره نتاج ثورة شعب، وما تجلى لاحقاً بالاستفتاء على الدستور، وما أُجرى من انتخابات رئاسية فى ظله، يكون المنتمون إلى هذا الحزب قد خرجوا عن وحدة الوطن وعملوا على انقسامه وعدم استقراره من خلال نشر الفوضى فى ربوع البلاد وإشاعة العنف بديلاً للحوار والديمقراطية وتهديد السلام الاجتماعى.

وكانت محكمة القضاء الإدارى قد أصدرت حكماً نهائياً بحل حزب الحرية والعدالة وتصفية ممتلكاته وأمواله السائلة والمنقولة وأيلولتها إلى الدولة، لتقضى به فى الطعن الرسمى للجنة شئون الأحزاب السياسية.

ونص الحكم على تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء لتقوم بأعمال التصفية لجميع الأموال المملوكة للحزب، سواء فى ذلك الأموال العينية أو المنقولة.

وأكدت الحيثيات أنه ثبت للمحكمة أن جماعة الإخوان المسلمين ما هى إلا جزء من التنظيم العالمى للإخوان المسلمين، والمرشد العام للجماعة فى مصر هو المرشد العام لهذا التنظيم، وتبيّن لها أن التنظيم العالمى تنظيم سياسى إلى جانب أنه دعوى، ولا يمكن الفصل فكرياً ومن حيث الأهداف والوسائل بين ممارسة الإخوان بمصر لنشاطها السياسى وبين الأفكار والأهداف والوسائل التى ينتهجها التنظيم العالمى؛ لوحدة الفكر والهدف.

قالت المحكمة فى حيثيات حكمها: بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة، وحيث إن المادة «17» من قانون نظام الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 تنص على أنه «يجوز لرئيس لجنة الأحزاب السياسية بعد موافقتها أن يطلب من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا الحكم بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها، وذلك إذا ثبت من تقرير النائب العام، بعد تحقيق يجريه، تخلف أو زوال أى شرط من الشروط المنصوص عليها فى المادة «4» من هذا القانون، وعلى المحكمة تحديد جلسة لنظر هذا الطلب خلال الثمانية أيام التالية لإعلانه إلى رئيس الحزب بمقره الرئيسى، وتفصل المحكمة فى الطلب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ الجلسة المذكورة».

وحيث إن الثابت من الأوراق أن طلب حل حزب الحرية والعدالة الماثل قد قيد بجدول المحكمة طعناً برقم 49821 لسنة 60 قضائية عليا بتاريخ 15/7/2014، وأن السيد رئيس لجنة الأحزاب السياسية لم يلجأ إلى المحكمة طالباً ذلك إلا بعد موافقة اللجنة بجلستها المنعقدة فى 13/7/2014 بكامل تشكيلها وبإجماع الآراء لما ثبت لديها من التقرير المعتمد من النائب العام بتاريخ 8/7/2014 بشأن البلاغ رقم 1725 لسنة 2013 بلاغات النائب العام والمقيد برقم 465 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا، وما أجرى من تحقيقات، من مخالفة الحزب المطلوب الحكم بحله للشروط المنصوص عليها فى البنود «ثالثاً ورابعاً وخامساً وسادساً» من المادة «4» من قانون نظام الأحزاب السياسية، وفق المبين بالصورة الرسمية لاجتماع اللجنة بجلستها المشار إليها المرفقة بطلب حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها، المقيد بجدول المحكمة العام بالرقم المشار إليه آنفاً، الأمر الذى يكون معه الطلب مستوفياً سائر الإجراءات الشكلية اللازمة لقبوله، ومن ثم تعين قبوله شكلاً.

وحيث إنه عن موضوع الطلب الماثل فإنه قد استند إلى ما ثبت لدى اللجنة من تخلف الشروط التى تضمنتها البنود من «ثالثاً» حتى «سادساً» من المادة «4» من قانون نظام الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 2011 بناء على ما تضمنته مذكرة نيابة أمن الدولة العليا فى البلاغ المشار إليه من أنه بتقصى مدى التزام الحزب بالشرط المنصوص عليه فى البند «ثالثاً» من هذه المادة المتمثل فى عدم قيام الحزب فى مبادئه أو برامجه أو فى مباشرة نشاطه أو فى اختيار قياداته أو أعضائه على أساس دينى، وذلك نبذاً للتناحر المذهبى والاعتصام بالوحدة، حيث عنى المشرع بأن يكون التفانى والعمل هما معيار الالتحاق والترقى فى النظام الحزبى دون الولاء لجماعة بعينها واتباع فكر بذاته، بحيث يعكس الحزب الإرادة الشعبية دون ارتكان على نزعة طائفية أو عصبية مذهبية، فقد تبين أن الحزب أنشأته جماعة الإخوان المسلمين ورسمت حلقة مفرغة لتضمن سيطرة أبناء الجماعة على ما يربو على 80٪ من عضوية الحزب، وهو ما ثبت من تسجيلات اجتماعات مجلس شورى الجماعة من اتفاق حاضرى الاجتماع على أن يكون الأعضاء المؤسسون للحزب بنسبة 80٪، وأن تقتصر مشاركة من عداهم على نسبة 20٪، وتكون العضوية بتزكية مؤسسى الحزب للأعضاء الجدد ضماناً لهيمنة الجماعة على عضويته ولتبقى نسبة غير المنتمين للجماعة محددة على نحو ما ذُكر، كما أن سبل الترقى بالحزب وأدوات صنع قراراته هى حكر على الجماعة لما ثبت من التسجيلات من أن اختيار رئيس الحزب ونوابه وأعضاء أمانته العامة وأعضاء أمانته بالمحافظات يكون من خلال الجماعة، وأن آلية اختيار رئيس الحزب هى ترشيح ثلاثة أو أكثر من مكتب الإرشاد مع عرضهم على مجلس شورى الجماعة، وكذلك الأمر بالنسبة لأعضاء الأمانة العامة، وأن اختيار أعضاء الأمانة بالمحافظات يكون لمجالس شورى الجماعة بالمحافظات، وقد ثبت للنيابة من اطلاعها على المحررات المضبوطة بمقر الجماعة بشارع الإخشيد، حال تفتيشه على ذمة القضية رقم 317 لسنة 2013 حصر أمن دولة عليا، احتواء هذه المحررات على ما ينص على ضرورة أن تظل الجماعة مؤثرة على قرارات الحزب، وأن يظل الحزب متناسقاً مع رسالة الجماعة، الأمر الذى تكون معه عضوية نفر من غير المسلمين أو من غير جماعة الإخوان أمراً صورياً، وهو ما أكدته تحريات قطاع الأمن الوطنى وما شهد به مجريها من أن ذلك للإيهام بمدنية الحزب، كما أن نهج الحزب جاء مخالفاً للبند «رابعاً» فيما تضمنه من شرط عدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أى نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية، ذلك أن الحزب فرع لجماعة الإخوان فى ضوء ما سبق ذكره، وبالتالى فإن ما يسرى على الأصل ينسحب على فرعه.

ولما كان الثابت بنص ميثاق حركة المقاومة الإسلامية «حماس»» أنها الجناح العسكرى للجماعة، فيكون للحزب جناح عسكرى وتشكيلات عسكرية، فضلاً عما ثبت من تحقيقات القضية رقم 1495 لسنة 2014 جنايات قسم أول المنصورة الخاصة بمجموعات الردع التى يديرها التنظيم، حيث توجد تشكيلات تنتهج العنف وتستخدم السلاح للذود عن الجماعة، ويعضد ذلك ما تم العثور عليه بمقر الحزب من أسلحة، التى حررت عنها القضية رقم 2777 لسنة 2013 إدارى عابدين.

ولما كان الثابت كذلك أن الحزب ما هو إلا فرع عن هذه الجماعة فإنه يعد بمثابة جناح سياسى لها وهو ما ثبت من أحد الفيديوهات من إقرار القيادى محمد مرسى -حال ترؤسه الحزب- بتبعية الحزب للجماعة ومرجعيته إليها فى اتخاذ القرار، وبالتالى يكون هذا الحزب فرعاً لذلك التنظيم الذى تترامى أطرافه فى مواطن مختلفة من العالم، وفق الثابت من إقرار المتهم محمد سعد الكتاتنى فى القضية رقم 371 لسنة 2013 حصر أمن دولة عليا بأن للجماعة تنظيماً دولياً، وهو ما ثبت أيضاً من تحريات الأمن الوطنى وما شهد به مجريها من أن الحزب أنشئ بتكليف من التنظيم الدولى ليكون جناحاً سياسياً له.

وعليه يكون الحزب قد خالف حكم البند «خامساً» من تلك المادة التى تتضمن شرطاً بعدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسى أجنبى، وأخيراً فإن ما تضمنه البند «سادساً» من تلك المادة من شرط علانية مبادئ الحزب وأهدافه وأساليبه وتنظيماته ووسائل ومصادر تمويله، متخلف أيضاً بشأن الحزب لما ثبت من مناقشات مجلس الشورى العام للجماعة ومن المضبوطات الخاصة بالقضية رقم 317 لسنة 2013 المشار إليها أن للحزب نظاماً خفياً ومآرب مستترة تختلف عن تلك التى أدرجها بنصوص لائحته التى تقدم بها حال تأسيسه، حيث ثبت من مقاطع الفيديو الخاصة بمناقشات مجلس الشورى أن الجماعة قد وضعت ما يعد نظاماً أو لائحة مستترة تحكم عمل الحزب وتم إقرارها من هذا المجلس، ففى حين تنص لائحة الحزب على أنه لكل المصريين دون تمييز، يقر مجلس الشورى أن يكون 80٪ من أعضائه من الجماعة، وفى حين تضمنت اللائحة الداخلية للحزب أن إصدار القرار يكون بالطرق الديمقراطية، يقر المجلس أن قرارات الحزب فى الموضوعات المهمة يصدرها مكتب الإرشاد دون أن يكون للحزب دور فى إصدارها، وأن القرارات قليلة الأهمية تصدر بالتشاور بين الحزب ومكتب الإرشاد.

وهذا ما أكده ما ضُبط بمقرى الجماعة من محررات على ذمة تلك القضية والتى ثبت بها أن الحزب ينطلق من رسالة الجماعة ومبادئها العامة ويعمل على تحقيق أهدافها وأن الجماعة هى مرجعية الحزب فى القرارات المهمة وبينهما علاقة تنسيقية فى إطار القضايا الرئيسية، كما أن ضبط العديد من المحررات التى تتعلق بالحزب بمقرات الجماعة يثبت تداخل الكيانين.

فضلاً عن أنه إذا كانت للحزب أهداف أعلن عنها نظامه الأساسى، فإن ما ثبت من مقطع الفيديو المذكور أن من أهدافه نشر رسالة الإخوان بين أبناء الشعب واتخاذه وسيلة للترويج لأغراضها ودعوة أعضائه الجدد للاقتناع بأفكار الجماعة.

قانون مجلس الدولة نص المادة «17» من هذا القانون المعدلة بهذا المرسوم بمجرد تحقيقات يجريها النائب العام كسبب يبرر حل الحزب السياسى دون اشتراط أدلة قاطعة وأحكام نهائية وباتة ضد الحزب رغم أن النصوص الدستورية ومبادئ العدالة تجعل المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته بحكم نهائى وبات، وأنه إذا كان هذا مطلوباً بالنسبة للأفراد فهو من باب أولى مطلوب للحزب ككيان قانونى، ويؤكد ذلك ما تضمنه الدستور الحالى فى المادة «27» التى نصت على أنه «لا يجوز حل مجالس إدارة النقابات المهنية إلا بعلم قضائى». للإخلال بمبدأ التقاضى على درجتين حيث تضمن نص المادة «17» أن يكون الحكم الصادر بحل الحزب من درجة قضائية واحدة خلافاً لما استقرت عليه النصوص الدستورية.

وأما فيما يتعلق بالدفع المتعلق ببطلان ما صدر عن لجنة الأحزاب السياسية من موافقة على طلب حل الحزب فقد تمثلت الأسباب التى بنى عليها هذا الدفع فى:

«1» عدم مشروعية القانون سند طلب اللجنة لعدم سابقة عرضه على قسم التشريع بمجلس الدولة بالمخالفة لنص المادة «63» من قانون مجلس الدولة.

«2» عدم صدور قرار من السلطة المختصة بتشكيل لجنة الأحزاب السياسية وفقاً لنص المادة «8» من قانون نظام الأحزاب السياسية.

«3» عدم وجود ما يدل على موافقة مجلس القضاء الأعلى لاختيار أعضاء اللجنة وفق نص المادة «8» المشار إليها والفقرة الثانية من المادة «68» من قانون مجلس الدولة.

«4» عدم وجود محضر اجتماع اللجنة المؤرخ 13/7/2014 والذى يدلل على صحة انعقادها وعلى صحة قرارها بالموافقة فى ضوء نص المادة «8» التى تضمنت أن اجتماع اللجنة لا يكون صحيحاً إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضائها، وأن قراراتها تصدر بأغلبية أربعة أصوات على الأقل.

«5» مخالفة نص المادة «17» من القانون المنوه به، حيث لم يقدم التقرير المعد بشأن تخلف الشروط اللازمة لقيام الحزب من النائب العام بشخصه وعدم إجراء التحقيق بشخصه لأن الاختصاص المنوط به وفقاً لهذه المادة إنما هو من الاختصاصات المنفردة التى لا يجوز له التفويض فيها لأنها لا تتعلق بتحريك الدعوى الجنائية وإنما هى ضمانة لصالح الحزب، والثابت أن التقرير المعد بشأن البلاغ رقم 1725 لسنة 2013 قدم من نيابة أمن الدولة.

كما أن الأوراق قد خلت من أى تحقيقات مع ممثلى الحزب بشأن تخلف أو زوال أى شرط من الشروط المنصوص عليها فى المادة «4» من ذلك القانون.

وأما فيما يتعلق بما ذهب إليه الحزب من انعدام قرار اللجنة بطلب حل الحزب لاستناده إلى إجراءات تمت من غير مختص، فقد استند هذا الدفاع إلى أن جميع الإجراءات قامت بها نيابة أمن الدولة العليا بما يخرج عن اختصاصاتها المحددة على سبيل الحصر فى المادة «1588» من التعليمات العامة للنيابات.

وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية المادة «17» فيما تضمنته من جعل التقاضى بشأن حل الحزب السياسى على درجة واحدة، وما تضمنته من الاكتفاء بالتحقيقات دون استلزام صدور أحكام باتة، فإن المستقر لدى المحكمة الدستورية العليا أن قصر التقاضى على درجة واحدة مما يجوز دستورياً كلما كان هذا القصر مستنداً إلى أسس موضوعية، ولما كانت مقتضيات الفصل فى طلب حل الحزب السياسى وما يحاط به من جلال تقتضى أن تكون الكلمة العليا فيه للمحكمة الإدارية العليا بعد تمحيص الطلب وأسبابه وأدلة توافر الأسباب الموجبة لحله، فمن ثم فلا تكون ثمة جدية للدفع بعدم دستورية النص لذلك السبب.

فضلاً عن عدم جديته فيما يتعلق بالسبب الآخر إذ الأمر لا يتعلق بتصرف يصدر عن الجهة الإدارية بحل الحزب حتى يلزم توافر أحكام باتة بشأن أسباب حله، وإنما الأمر مخول للمحكمة، التى لا تصدر حكماً بحل الحزب إلا إذا تخلف أو زال يقيناً شرط من تلك المنصوص عليها فى المادة «4» من قانون نظام الأحزاب.

وبعد استجلاء الحقيقة حول ذلك فى محاكمة عادلة يتوافر فيها للحزب المقدم ضده طلب الحل سبل الدفاع ووسائل الإثبات وفق صائب القانون وسديد الإجراءات، الأمر الذى يكون متعيناً معه الالتفات عن الدفع المتعلق بعدم الدستورية المبدى بشأن المرسوم بقانون المشار إليه أو بشأن المادة «17» المنوه بها.

ومن حيث إن ولاية هذه المحكمة التى لا تريم عنها بشأن الفصل فى طلب الحكم بحل الحزب المقدم ضده هى ولاية كاملة لا تقتصر على حدود ولاية الإلغاء، إذ ليس محله قرار إدارى، وإنما محل الطلب إنهاء الشخصية الاعتبارية التى تمتع بها الحزب وفقاً لأحكام قانون نظام الأحزاب السياسية وجعل ممارسة النشاط السياسى محظوراً عليه بصفته هذه والتى تزايله عند صدور حكم بذلك، وبما يلازم ذلك من تصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها، بما يكون معه للمحكمة سلطان مبسوط دون انتقاص، وهيمنة ممتدة محيطة بجوانب ما هو مطروح عليها، بما مقتضاه ولازمه فحص وتمحيص ما يقدم أمامها من دليل تأخذ به إن كان مؤدياً إلى نتيجته غير مطعون فيه بما يرديه، ولا تأبه به إن كان غير ذات جدارة بالتعويل على ما أقيم لإثباته أو كان ذا وهن أو كان مما تأتيه الريبة من بين يديه أو من خلفه، الأمر الذى معه لا يكون طلب الحكم بحل الحزب مجاباً إلا إذا تيقن قيام السبب ودليله وثبت تخلف أو زوال أى شرط من تلك الشروط التى إن تحقق تخلفها أو زوالها كان لزاماً زوال الحزب السياسى من وجوده القانونى، بحسبان أن الحكم القضائى -وليس أى تصريف إدارى- هو المنشئ للواقع القانونى الجديد بزوال الحزب وانحسار شخصيته الاعتبارية من لحظة صدور الحكم بحله. ومن حيث إنه ولئن كانت ولاية هذه المحكمة لا يحدها سوى حدود القانون دون أن يكون ما قامت به لجنة الأحزاب السياسية من إجراءات وما استندت إليه فى شأن طلب الحكم بحل الحزب من أسباب، حائلاً دون بسط كامل هذه الولاية بحسبانها صاحبة كلمة الفصل فى مدى استمرار قيام الحزب من عدمه دون أن يحد من سلطانها فى سبيل ذلك شىء أو يقف أمام سعة اختصاصها أى تصور مقدم من جهة الإدارة أو يقيد من تقديرها ما قام عليه الطلب من أسباب.

وحيث تبين أنه من جماع ذلك أن موقف حزب الحرية والعدالة من أحداث 30 يونيو 2013 وما تبعها من إجراء يوم 3 يوليو 2013 هو اعتبار ما حدث مجرد تظاهرات من عشرات الآلاف وأن ما حدث يوم 3 يوليو انقلاب على الشرعية وليس استجابة لمطالب الشعب وأنه للخروج من الأزمة التى تمر بها البلاد لا بد من العودة عن الانقلاب العسكرى وعودة الدكتور محمد مرسى لرئاسة الجمهورية رجوعاً للشرعية الدستورية، ومما لا ريب فيه أن هذا الموقف لا يمثل رأياً لفرد وإنما يعبر عن توجه الحزب، رغم ما هو ثابت واقعاً خلافاً لذلك وما صدر من إعلان دستورى نشر بالجريدة الرسمية يوم 8/7/2013 متضمناً الخطوات التى يتعين اتباعها لبناء مؤسسات الدولة الدستورية، ورغم التأييد الشعبى الواسع لما تم يوم 3 يوليو باعتباره ثورة شعب والذى هو من السلطات وهو ما تجلى لاحقاً بالاستفتاء على الدستور الأمر الذى يؤدى إلى خروج المنتمين إلى هذا الحزب على وحدة الوطن والعمل على انقسامه وعدم استقراره كما حدث واقعاً غير منكور، وهو ما لا مندوحة معه من ثبوت خروج الحزب بذلك وبالإصرار عليه على مبادئ وأهداف التنظيمات الوطنية الشعبية والديمقراطية بما ينال من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديمقراطى وفق ما آل إليه أمر رافضى الثورة وداعمى فكرة أن ما حدث انقلاب عسكرى على الشرعية من نشر الفوضى فى ربوع البلاد وإشاعة العنف بديلاً للحوار والديمقراطية وتهديد السلام الاجتماعى، الأمر الذى يجعل الحزب بذلك قد زال فى شأنه الشرط المنصوص عليه فى البند «ثانياً» من المادة «4». يضاف إلى ذلك أن ما أفاده به السيد رئيس الحزب فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين بمصر وكذا بالتنظيم العالمى للإخوان المسلمين والذى تعتبر جماعة الإخوان بمصر جزءاً منه، عندما يتم إعطاؤه ككيان الوصف القانونى -بغض الطرف عن كونه غير معترف به- يتبين أنه بحق تنظيم أجنبى ليس له من قرار يقر به بيد أن له هيكلاً تنظيمياً متمثلاً فى المرشد العام ومكتب الإرشاد ومجلس الشورى العالمى، وأن جماعة الإخوان بمصر جزء -كما سبق من هذا الكيان- وأن المرشد العام بمصر هو مرشد هذا التنظيم العالمى، وأنه ولئن كان كذلك بالنسبة للجماعة داخل مصر، حيث كان الدكتور محمد مرسى وفق ما أفاد به رئيس الحزب فى أقواله السالف ذكرها هو من كان يشرف على القسم السياسى، بما يعنى أنه تنظيم سياسى إلى جانب كونه دعوياً، ولما كان البين من أقوال السيد رئيس الحزب المقدم ضده عدم إمكان الفصل فكرياً وأهدافاً ووسائل لممارسة جماعة الإخوان المسلمين بمصر لنشاطها السياسى -أو الدعوى- بمعزل عن تلك الأفكار والأهداف والوسائل التى ينتهجها التنظيم العالمى لوحدة الفكر والهدف، ولما كان الحزب المقدم ضده قد أنشأته جماعة الإخوان المسلمين بمصر وهى جزء لا يتجزأ من ذلك التنظيم العالمى للإخوان المسلمين، فمن ثم لا ينأى هذا الحزب عن التبعية الفكرية لهذا التنظيم بما يصطبغ بذلك بصبغة الفرع التابع لهذا الأصل دون أن يغير من هذا الوصف القانونى تأسيس الحزب وفق إجراءات قانون نظام الأحزاب السياسية واكتسابه الشخصية الاعتبارية طبقاً لأحكامه، إذ العبرة بواقع الأمر وصحيح التكييف لا بما يستر هذا الواقع من إجراءات استناداً إلى أحكام القانون وإلباسه خلعة لا تمثل الحقيقة.

وبالبناء على ذلك يمسى الحزب متخلفاً فى شأنه الشرط المنصوص عليه فى البند «خامساً» من المادة «4» من وجوب عدم قيام الحزب كفرع لتنظيم سياسى أجنبى.

ومن حيث إن المادة «17» من قانون نظام الأحزاب السياسية جعلت مناط حل الحزب السياسى تخلف أو زوال أى شرط من الشروط الواجب توافرها لتأسيس الحزب أو استمراره، وكان ما ثبت يقيناً وفق ما سلف ذكره تحقق زوال الشرط الثانى وتخلف الشرط الخامس من تلك الشروط، فمن ثم يكون مناط الحكم بحل الحزب المقدم ضده متوافراً دونما حاجة إلى بحث مدى تخلف أو زوال أى من الشروط الأخرى بحسبان أن تخلف أو زوال شرط واحد مؤدٍ وفق صريح نص المادة «17» من القانون إلى الحكم بحل الحزب، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بحل حزب الحرية والعدالة المقدم ضده.

ومن حيث إن المادة «17» المشار إليها أوجبت الحكم بتصفية أموال الحزب الذى يُقضى بحله، وخولت المحكمة ولاية تحديد الجهة التى تؤول إليها، إذ ليس ثمة وجوب قانونى بأيلولتها إلى جهة معينة، فمن ثم فإن المحكمة تقضى بتصفية أموال الحزب المقدم ضده وبأيلولتها إلى الخزانة العامة للدولة فور النطق بهذا الحكم، على أن تشكل لجنة برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء تتولى عملية التصفية للأموال المملوكة للحزب العينى منها والمنقول.

فلهذه الأسباب: حكمت المحكمة بقبول طلب حل حزب الحرية والعدالة شكلاً، وفى الموضوع بحل الحزب وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الخزانة العامة للدولة، على أن تقوم بالتصفية اللجنة المذكورة بالأسباب.

تم نسخ الرابط