حرب الموانئ.. شبح تفجيرات بيروت يهدد دولة عربية

تفجيرات بيروت
تفجيرات بيروت

أطلق سياسيون ونشطاء تونسيون صيحة فزع بسبب تعاظم المخاوف من تكرر سيناريو فاجعة بيروت في تونس، على خلفية ما تعانيه بعض الموانئ والمصانع التونسية من إهمال وفوضى وغياب تدابير الحماية ووسائل الأمن وفقا لقولهم.

أولى هذه التحذيرات حسبما ذكرت وكالة سبوتنيك الروسية في تقرير لها انطلقت من محافظة قابس في الجنوب الشرقي لتونس التي تضم منطقتها الصناعية مجمعا كيميائيا ضخما يحوي مصنعا "للأمونيتر" فيه أربع وحدات لتخزين مادة الأمونياك ووحدة لتخزين مادة الأمونيتر.

قال مدير مشروع تأهيل المصنع مالك العزوزي، إن هذا المجمع يشكل قنبلة موقوتة على المنطقة وعلى محافظة قابس عموما، منبها من أن الآثار التي قد تحدثها المواد الخطرة الموجودة في مخازن الأمونيتر قد تكون أقوى بعشرات المرات مما حدث في بيروت.

وأوضح العزوزي أن الخطورة لا تكمن في مادة الأمونيتر في حد ذاتها، وإنما في خزانات الأمونياك المجاورة لها التي تحوي 50 ألف طن من هذه المادة، فضلا عن وجود خزانات للغاز ولحمض الكبريت والحمض الفسفوري على مسافة قريبة من المصنع.

وأشار إلى وجود نوعين من مادة الأمونيتر تتم صناعتها في المنطقة هما النوع الزراعي الذي يستخدمه الفلاحون ولا يمثل خطرا ونوع آخر يستخدم كمادة أولية لصناعة المتفجرات بغرض استخراج الفسفاط.

وأكد العزوزي وجود 4500 طن من مادة الأمونيتر الفاسدة بالمصنع منذ مدة ولم يقع التصرف فيها أو حفظها بشكل آمن، داعيا سلطات الإشراف ووزارة الداخلية إلى التدخل لتوفير متطلبات الحماية في وحدات الإنتاج والتخزين تجنبا لأي سيناريوهات خطرة.

في المقابل أكدت إدارة مصنع الأمونيتر بقابس في بلاغ توضيحي لها أن المصنع مطابق لمواصفات السلامة المعمول بها دوليا، وبينت أن "سماد الأمونيتر الزراعي غير قابل للتفجير وأن الأمونيتر النفيذ يستخدم كمادة أولية لصنع متفجرات غير قابلة للتفجير لوحدها".

وجاء في نص البلاغ أنه تم تحديث منظومة المراقبة والتحكم في وحدات الإنتاج وذلك بتركيب منظومة رقمية جديدة ومتطورة تواكب مواصفات السلامة المعمول بها حديثا.

جاء هذا البلاغ بعد تصاعد الدعوات من أهالي محافظة قابس بإغلاق مصنع الأمونيتر خوفا من حدوث كارثة مماثلة لما حدث في العاصمة اللبنانية بيروت.

موانئ في حالة إهمال

من جانبه حذر الباحث والناشط السياسي د. طارق الكحلاوي من الوضعية السيئة التي تعيش عليها بعض الموانئ التونسية وخاصة ميناء رادس، قائلا إن ظروف السلامة بهذا الميناء تستدعي المراجعة.

وشدد الكحلاوي على ضرورة الاعتبار من حادثة ميناء بيروت التي خلفت أضرارا بشرية ومادية هائلة، مؤكدا وجود سلع قديمة مخزنة منذ مدة بميناء رادس ولا يُعلم مدى خطورتها ومدى قابليتها للاشتعال.

وبين أن الاصلاحات الرقابية التي برمجتها مؤسسة الميناء خير دليل على وجود مشاكل في التأمين، وأكد أن المجلس الوزاري المضيق الذي انعقد أول أمس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ يأتي في إطار إصلاح ميناء رادس وإعادة هيكلته ليصبح ملائما ومطابقا للمعايير المعتمدة دوليا.

ودعا الكحلاوي إلى ضرورة اعتماد قاعدة رقمية لمراقبة جميع البضائع التي تمر عبر الميناء وتخزن داخله لتجنب أي خطر قد يهدد سلامة العاملين به.

وبدوره قال الإعلامي والمحلل السياسي عبد اللطيف دربالة لـ "سبوتنيك"، إن تونس مهددة بتكرر سيناريو بيروت لأسباب موضوعية ترتبط أساسا بوجود البيروقراطية الإدارية.

وأوضح المتحدث أن المادة التي تسببت في انفجار ميناء بيروت لم تكن مصنعة في لبنان وإنما وقع تخزينها منذ 6 سنوات ولم يقع التصرف فيها بسبب تعطل الاجراءات الإدارية وطول إجراءات التقاضي، مبينا أن تونس عاشت وضعيات مماثلة، مستدلا على ذلك بحادثة الأسلحة والمعدات العسكرية التي وقع حجزها على متن باخرة بنمية في محافظة صفاقس والتي تخزين محتوياتها في الميناء إلى حين استكمال الإجراءات القانونية.
كما نبه دربالة من خطورة استفحال الفساد في الموانئ التونسية وتواصل تمرير السلع التي تدخل عبرها بطرق غير قانونية.

وتساءل "هل أن السلطات التونسية بادرت بتفقد المواد المحجوزة والمخزنة في الموانئ لمنع تكرر ما حدث في ميناء بيروت؟ وهل وقع التثبت من ظروف السلامة التي يقع فيها نقل المواد الخطرة القابلة للاشتعال أو الانفجار؟ وهل أن تونس اعتبرت من الدرس وفهمت المخاطرة الناجمة عن الاهمال والناتجة عن البيروقراطية الإدارية؟

حرب الموانئ

على الجانب الآخر، حذر النائب المستقل بمجلس نواب الشعب الصافي سعيد من حرب الموانئ التي قد تهدد تونس.

وأوضح أن الحروب بين الدول لم تعد بذلك الشكل الذي نعرفه في الستينات أو السبعينات وحتى في التسعينات، مستدلا على ذلك بخطاب حسن نصر الله الذي هدد سابقا بتفجير إسرائيل بواسطة مادة الأمونيا المخزنة بميناء حيفا والمقدر حجمها بـ 25 ألف طن.

وأشار إلى أن ما وقع في لبنان كان حادثا مفتعلا وأن مسألة الإهمال لم تكن سوى طريقة لتنفيذ مشروع سياسي ضد لبنان بدأ منذ سنوات بتدمير البنك اللبناني ونقل أمواله إلى الخارج ثم بضرب مينائه الذي يمثل الهوية اللبنانية ويوفر حوالي 70 بالمائة من قوت الشعب اللبناني ومن مبيعاته وقوّته التبادلية والتجارية والمالية.

ويرى النائب المستقل أن حرب الموانئ مشتعلة منذ حوالي 10 أو 15 سنة وأن الأطراف التي تريد السيطرة على الموانئ هي ذات الأطراف التي تطمح للسيطرة على التجارة الدولية، قائلا إن تونس معنية بهذه الحرب بحكم تواجدها على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، ومحاذاتها لليبيا وانفتاح موانئها على أفريقيا، معتبرا أن "من يتحكم في الموانئ فهو يتحكم ضرورة في عصب الاقتصاد، وأن الموانئ هي الطريق لليّ ذراع أي دولة في العالم". واعتبر سعيد أن "أي دولة تعيش وتحكم ولا ترى نفسها أنها ربما تكون مستهدفة وأنها بعيدة عن أي خط من خطوط النار هي دولة نائمة"، مشيرا إلى أن خط النار يمتد من بغداد إلى سوريا ولبنان ومصر وليبيا وصولا إلى تونس.

تم نسخ الرابط