أردوغان ”راضع خيانة ” .. تعرف علي مؤامرات الحكام الأتراك لتخريب قناة السويس

الموجز

يبدو أن كره  الشيطان التركي رجب طيب أردوغان لمصر لم يكن بسبب طرد الإخوان من الحكم فقط لكنه رضع هذه الكره والتآمر من أجداده الذين فشلوا في تخريب مصر عبر كل العصور.

وفي السطور التالية نعرض تآمر الحكام الأتراك علي قناة السويس المصرية  حيث كشف  التقرير الذي نشره موقع "تركيا الان " وهو موقع متخصص في الشئون التركية  سردا سريعا لقصة قناة السويس، المشروع القومي الأكبر للمصريين في تاريخهم الحديث. كما يتوقف أمام العلاقة التي جمعت بين تركيا والقناة عبر ثلاث محطات تاريخية بين العصر العثماني، وعصر الجمهورية التركية، قام خلالها الأتراك بمحاولة احتلال المجرى الملاحي للقناة وردمه مرتين، ثم كانوا في طليعة المعارضين لتأميم مصر القناة، وكذلك إغلاقها في وجه الملاحة الإسرائيلية.

قناة السويس، التي يبلغ طولها 193 كم، وتصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، ومن ثم بين قارتي آسيا وأفريقيا، تعد واحدة من أبرز الممرات البحرية الصناعية في العالم الحديث. اقترح نابليون بونابرت إنشاءها أثناء وجوده على رأس الحملة الفرنسية في مصر (1798 - 1801)، بغرض الوصول السريع إلى الهند وطرد البريطانيين منها والحلول محلهم. لكن عدم نجاح حملته حال دون الوصول إلى هدفه.

لكن العام 1854 شهد عودة مشروع القناة للطرح من جديد، وعلى أيدي فرنسي آخر، هو المهندس الشهير فرديناند دي لسبس، الذي نجح في إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع، وكان حاكم مصر على الحقيقة، والتابع للعثمانيين اسميا. كما حصل على موافقة الحكومة العثمانية في إسطنبول، وحصد في المقابل من الخديو سعيد على عقد امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاما كاملة.

استغرق بناء القناة 10 سنوات بين عامي 1859 و1869. وقام بحفرها ما يقرب من مليون عامل مصري بنظام السخرة، ما أدى إلى وفاة أكثر من 120 ألف منهم أثناء عمليات الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة من المشرفين. ثم تم افتتاح القناة المروية بالدم المصري أخيرا في العام 1869 في حفل مهيب لا تزال اللوحات الاستشراقية تحتفظ لنا بتفاصيله الملونة.

ومنذ افتتاح القناة وحتى الربع الأخير من القرن الـ19، ظل العثمانيون بعيدين بحكم ضعفهم وقلة حيلتهم عن الصراع العالمي على قناة السويس بين إنجلترا وفرنسا. ومع الاحتلال البريطاني لمصر في العام 1882، أصبح الوضع في القنال بين الطرفين على وشك الانفجار، حيث أصبح الإنجليز يحكمون القطر المصري بقوة السلاح، بينما يسيطر الفرنسيون بعقد الامتياز على قناة السويس، وهو ما رفضته بريطانيا الساعية للسيطرة على القناة، وتأمين الطرق إلى مستعمراتهم الغنية في شبه القارة الهندية.

ومنعا لقيام حرب لحسم هذا النزاع، اجتمعت في العاصمة العثمانية القسطنطينية (إسطنبول) كل من بريطانيا وألمانيا القيصرية، والإمبراطورية النمساوية المجرية، وروسيا القيصرية والدولة العثمانية وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، ووقعوا اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر 1888، ونصت على حرية الملاحة الدولية في قناة السويس، كما ألزمت الدول باحترام سلامة القناة والامتناع عن القيام بأي عمليات عسكرية فيها، بينما منحت الحكومة الخديوية في مصر السيطرة الشكلية على قناة السويس.

كان اتفاق القسطنطينية عبارة عن تسوية سياسية بين بريطانيا وفرنسا، نظمت فعاليتها الدولة العثمانية دون أن تنال في المقابل وضعا متميزا لها بقناة السويس. وكان يمكن للأمر أن يستمر كذلك لو لم يدخل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في تحالف واسع مع ألمانيا القيصرية بزعامة القيصر غليوم الثاني، ووضع مع الأخير خطة طموحة لطرد البريطانيين من مستعمراتهم في كل من مصر والهند.

ففي العام 1906، كان مشروع سكة حديد الحجاز يتم تنفيذه على قدم وساق. وهو مشروع عثماني - ألماني، كان غرضه الظاهري الربط بين دمشق في الشام، وبين مكة المكرمة والمدينة المنورة في الحجاز، بينما كان هدفه الحقيقي تسهيل القيام بعمليات عسكرية ضد الوجود البريطاني في مصر. وأثناء عمليات الإنشاء، قامت وحدات عثمانية باحتلال قلعة طابا المصرية في شبه جزيرة سيناء وأعلنت أن المنطقة ستكون محطة من محطات سكة الحجاز. وهو ما اعتبره البريطانيون خطة عثمانية ألمانية لتحويل طابا إلى قاعدة عسكرية تكون منطلقا لحملة عسكرية تنتزع شبه جزيرة سيناء من الإنجليز، ثم تحتل قناة السويس، قاطعة الطريق بين بريطانيا وأملاكها في الهند.

أمام هذا، سارع الإنجليز إلى تحريك قطع الأسطول البريطاني نحو مضيق البسفور، وهددت بقصف إسطنبول، إن لم يسحب عبد الحميد الثاني وحداته العسكرية فورا من طابا، ويلغي فكرة وضعها على خطة سكة الحجاز. ونتيجة صمت الحليف الألماني المطبق أمام تلك التهديدات، وجد السلطان العثماني نفسه مجبرًا على الرضوخ للتهديد البريطاني والانسحاب من طابا، بعد الاعتراف بدخول الأخيرة ضمن الحدود الإدارية لمصر.

فشل المحاولة العثمانية الأولى لاحتلال قناة السويس، أعقبه محاولة جديدة قام بها خلفاء عبد الحميد الثاني من قادة حكومة الاتحاد والترقي، والذين أجبروا عبد الحميد على إعادة الحياة النيابية والدستورية بالبلاد في انقلاب العام 1908، ثم ما لبثوا أن أطاحوا به من العرش العثماني في العام 1909.

واصل الاتحاديون (نسبة إلى الاتحاد والترقي) التحالف العثماني الألماني مع توسعته وقبول الاشتراك مع الألمان في مغامرة عسكرية كبيرة كان هدفها إنهاء الوجود البريطاني في الشرق الأوسط والهند إلى الأبد.

أفرزت هذه المغامرة الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918)، والتي كانت من محطاتها الرئيسة، النزاع فيها على العالم العربي بين العثمانيين والألمان من جانب، وبين الإنجليز من جانب آخر. وللمرة الثانية، يتم وضع خطة لاحتلال قناة السويس لقطع الطرق بين بريطانيا ومستعمراتها في الهند.

وعلى العكس من محاولة عبد الحميد الثاني، فقد تحولت الخطة هذه المرة إلى واقع على الأرض فيما عرف باسم "حملة ترعة السويس 1915"، والتي قام بها الجيش الرابع العثماني المرابط في سوريا بقيادة جمال باشا السفاح، والعقيد الألماني كريس فون كرسنشتاين. وكان في نيتهما اجتياح سيناء بالكامل، ثم احتلال قناة السويس، وردمها بالبوارج الحربية والسفن لمنع الملاحة فيها، وبالتالي حرمان الإنجليز من أي اتصال بقواعدهم العسكرية في آسيا، وتحديدًا في الهند.

بدأت الحملة في 28 يناير 1915، حين قاد جمال باشا نحو 20 ألف جندي عربي، جمعوا في معظمهم من خلال السفربرلك، وهي كلمة تركية تعني النفير العام، بينما اعتبرها العرب نفيا عاما، لأن الشباب العربي كان يتم جمعه بالقوة من القرى في الشام وفلسطين للخدمة العسكرية في القوات العثمانية، وأعلن نيته اختراق الصحراء السيناوية للوصول إلى القنال. ونتيجة لفقر سيناء في تلك الفترة على مستوى طرق المواصلات، كانت القوات العثمانية تصل إلى القناة منهوكة القوى لتحصدها البوارج البريطانية الموجودة في القناة، أو القوات البريطانية التي تتحصن على الضفة الغربية للقناة بالمدافع والرشاشات. ومع أن بعض السرايا العثمانية القليلة استطاعت اجتياز القناة إلا أن الهجوم فشل فشلا ذريعا بحلول يوم الثالث من فبراير 1915، ولم ينج من الجيش الرابع إلا القليل، الذي انسحب مرة أخرى في اتجاه الشام.

بعد فشل حملة ترعة السويس، خسر العثمانيون بقية معارك الحرب العظمى حتى سقطت العاصمة إسطنبول نفسها في أيدي الإنجليز وقوات الحلفاء العام 1918. وفي العام 1923، أعلن القائد التركي القومي مصطفى كمال (أتاتورك لاحقا)، عن إلغاء السلطنة العثمانية، وقيام الجمهورية التركية، وهو ما وافقت عليه القوى الأوروبية الكبرى في يوليو من نفس العام أثناء التوقيع على معاهدة لوزان بين تركيا والحلفاء.

فرض على الأتراك منذ تأسيس جمهوريتهم وحتى مطلع الخمسينيات الابتعاد عن قضية قناة السويس بصورة شبه كاملة. لكن مع إعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948، وتدشين الصراع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، بات في إمكان تركيا من جديد أن تطل برأسها على القنال.

ففي العام 1951، استخدمت الحكومة المصرية المادة العاشرة في اتفاقية القسطنطينية 1881، والتي تتيح لمصر اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة في قناة السويس، للحفاظ على النظام العام، وقامت بإغلاقها في وجه الملاحة الإسرائيلية. وبما أن تركيا كانت أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بإسرائيل (1949)، وكان رئيس وزرائها عدنان مندريس يرى أن التحالف مع الصهيونية هو أيسر السبل لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن مندريس في صيف العام 1951 عن اصطفاف بلاده إلى جوار القوى الغربية وإسرائيل ومعارضتها القرار المصري إغلاق قناة السويس في وجه إسرائيل، بحجة أن ذلك يعد إخلالا لمبدأ حرية الملاحة الدولية في القناة.

ثم عندما أعلن الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956، مقررا الإدارة المصرية الوطنية الكاملة لمجراها الملاحي، عاود عدنان مندريس الوقوف إلى جانب الغرب ضد القرار المصري. وفي مؤتمر لندن أغسطس 1956، أعلن رئيس الوزراء التركي تأييده للحملة العسكرية التي قررت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل إنفاذها إلى مصر لاحتلال قناة السويس، والمعروفة بحرب السويس (أكتوبر 1956). ولولا وقوف مندريس على حقيقة الرفض الأمريكي لتلك الحملة، لشارك فيها بالقوات العسكرية التركية.

كانت هذه أهم المحطات التاريخية التي جمعت الأتراك، بنسختهم العثمانية أو الجمهورية بالقناة. نتذكرها اليوم أثناء الاحتفال بقناة السويس الجديدة التي تكمل عامها الخامس، في وقت تطل فيه تركيا برأسها على الشرق الأوسط، وتنتوي شرا بالعرب في سوريا والعراق وليبيا واليمن. ولعل درس التاريخ قادر على دفعنا إلى التيقظ للنوايا التركية الجديدة تجاهنا، كما فعل أجدادنا قبل عقود.

تم نسخ الرابط