أبو المفاهيم واللئيم وراء مثل ”تحت القبة شيخ”..اعرف الحكاية
نشاهد المسلسلات ونتعلق بها، وبالأحداث التي تدور فيها، حتى أننا أحيانًا نأخذ منها "حكم وأمثال" نرددها، والأمثال الشعبية يتم تداولها بين الناس في حياتهم اليومية، فهي تعكس ثقافة المجتمع التي جاءت منه، والشعب المصري من أكثر الشعوب التي تنتشر فيه الأمثال الشعبية والحكم المأثورة التي تعبر عن موقف ما يصادف الفرد.
لكن في الغالب لا نعرف ما هي قصة هذا المثل الشعبي، الذي نستخدمه في مختلف المواقف الحياتية، فعلى سبيل المثال ظهر في مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي، والعطار والسبع بنات والمسلسل السوري باب الحارة"، وغيرها من الأعمال العديد من الأمثال الشعبية التي سنستعرضها معًا تحت عنوان "مثلك من مسلسلك".
"تحت القبة شيخ" قصة المثل أنه كان هناك محتالان من عتاة النصابين والحرامية، أحدهما اسمه نائل اللئيم، والثانى اسمه عطية أبوالمفاهيم، أثارت أفعالهما اللئيمة، وخصالهما الذميمة غضب الكثيرين، ولما ذاع أمرهما واشتهر، وجدا أنه لا مفر من الرحيل، فسرقا حمارًا وحفنة من الذهب، لاذا بالفرار من المدينة ليلًا، وحملهما الحمار إلى قرية بعيدة، اسمها قرية البرسيم، التي يعرف أهلها بالطيبة والتدين، وعلى أعتاب القرية نفق الحمار الذي هلك فى المسير دون طعام أو شراب، حزن اللصان حزنا شديدا، وفكرا فى تركه والسير على الأقدام، ولكن لنائل اللئيم راودته فكرة، فقال لصاحبه عطية: "لقد صبر معنا هذا الحمار أميالًا كثيرة، وحملنا دون شكوى أو اعتراض، ومن حقه علينا أن ندفنه هنا»، فقال عطية: «ولم نكلف أنفسنا المشقة؟" رد نائل: "هذا حقه، لقد كان هذا الحمار صابرا معنا، فهو أبوالصبر، وعندما سندفنه هنا، سندبر أمراً يجعلنا فى ثراء وغنى، وقد نحكم هذه القرية فى الحال"، ثم همس فى أذن صاحبه بكلمات أفرحته.
بدأ الرفيقان يحفران الأرض، ودفنا الحمار فى الحفرة العميقة، وأقاما على الحفرة سورا من طوب الطين، وبعد أن انتهيا من الدفن، سمعا من بعيد أصواتاً آتية، فجلسا يبكيان ويقولان "لا إله إلا الله، أبو الصبر حبيب الله"، اقترب الناس منهما وقالوا لهما: "ما هذا، ومن أنتما؟ وماذا تفعلان؟" قال اللص نائل اللئيم وهو يبكى، "نحن من أتباع الشيخ أبوالصبر، وهو من أولياء الله، وقد كانت له كرامات وكرامات، يشفى المريض، ويزوج العانس، وقد مات هذا الصباح، وكان قد أوصانا أن ندفنه فى هذا البلد، وقال لنا إنها قرية الخير والمدد، وأهلها من أهل الجنة".
صدق الناس الطيبون قصة المحتالين، ووعدوا بمساعدتهما في بناء مقام يليق بـ "الشيخ أبوالصبر"، وبالفعل تم بناء المقام، ثم اتسع البناء وأصبح مسجدًا والمقام فى أوسطه، وحوله سور جديد من حديد، وعندما كان أهل القرى المجاورة يأتون لهذه القرية فيسألونهم عن هذا المقام وسر بناء هذه القبة العالية، فكان أهل القرية يقولون لهم: "تحت القبة شيخ" فذهبت مثلًا، وصارت العطايا والهبات والنذور تنزل على الصاحبين، وبين ليلة وضحاها أصبحت بركة القرية فى هذا القبر، وزاد مال اللصين، وأصبحت لهما هيمنة على شؤون القرية، وعلى العمدة والأعيان والخفراء والأغنياء والفقراء.
وفى يوم من الأيام قال نائل اللئيم لصاحبه عطية أبوالمفاهيم: "سأتركك بضعة أسابيع، وأسافر إلى أهالينا، لأعطيهم ما يكفيهم من المال، وسأودع عندهم صكوك الأراضى التى اشتريناها من القرى الأخرى»، وغاب المسافر أكثر من شهر، ثم عاد من مهمته وقد ظهرت النعمة عليه من تورد وجهه، وزيادة وزنه، فسأل صاحبه: «كم أتى لنا من المال فى غيابى؟» قال عطية أبوالمفاهيم: «لم يدخل لنا دانق ولا خردلة»، فنظر فيه صاحبه وهو مندهش، وهم أن يبطش به، فصاح عطية وهو يقول: «أقسم لك على صحة كلامى بحياة سيدى الولى أبوالصبر»، فرد عليه نائل اللئيم، وقد نفد منه الصبر: «سيدى أبوالصبر! ده على أساس إن تحت القبة شيخ!!»، فأصبحت العبارة مثلًا للدلالة على فهم شخص لحيلة آخر.