عاجل..مساعي مصرية لتحجيم التواجد التركي في اليمن
أثارت زيارة رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، برفقة وفد رفيع المستوى من كبار رجال الحكومة اليمنية إلى القاهرة التساؤلات حول اسباب هذه الزيارة لاسيما في هذا التوقيت،
ويرى الخبراء أن الزيارة عمدت إلى استباق أي نفوذ تركي في اليمن، فمن شأن تمدد النفوذ التركي في اليمن إحكام تطويق مصر تماما من كافة الاتجاهات على يد تركيا، في حين تتردد تحذيرات من أن يكون الإخوان المسلمون في اليمن حصان طروادة لأردوغان كي يجد لأطماعه موطىء قدم على البحر الأحمر.
الزيارة التي تمت الأحد الماضي، بحضور رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، سعت إلى بحث سبل التعاون بين البلدين على عدة أصعدة، خلال جلسة مباحثات عقدت ظهيرة يوم الزيارة، بحضور لفيف من الوزراء والمسئولين من البلدين.
وفي حوار له أثنى عبد الملك على الدور المصري التاريخي في اليمن، والعلاقات الثنائية القوية بين البلدين، التي تجعل مصر شريكا أساسيا في عملية إحلال السلام، ويبدو أن الدور المصري في ليبيا كان دافعا للإدارة اليمنية للتواصل مع مصر، التي تدعم عملية السلام في اليمن، ووقف الحرب المشتعلة منذ خمسة أعوام.
ويرى الخبراء أن لهذه الزيارة دلالات أكثر عمقا من بحث العلاقات المشتركة بين البلدين؛ حيث كان هناك اعتراف على المستويَين الرسمي وغير الرسمي في مصر، بأن الموقف المصري تجاه ليبيا كان يتسم لفترة طويلة بالبطء وعدم الوضوح، ما تسبب في إحداث ثغرة استطاعت تركيا النفاذ من خلالها، حتى أفاقت القاهرة وانتبهت، في الدقائق الأخيرة للمباراة، وها هي تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تقوم بإصلاح ما تهدم، ولا تريد مصر تكرار الخطأ نفسه في اليمن، لذلك تعمل على تكثيف تحركاتها لاستباق أيّ نفوذ تركي هناك، فمن شأن تمدد النفوذ التركي في اليمن إحكام تطويق مصر تماما من كافة الاتجاهات على يد تركيا.
كما يشير الخبراء إلى انه يوجد حضور شعبي لتركيا في مناطق الساحل اليمني، ومنطقة جنوب غرب اليمن تعد مجتمعا أقرب إلى المكون الإسلاموي، ما يعني إمكانية تشكيل حاضنة لاستقبال النفوذ التركي إنسانيا في مرحلته الأولى، فهيئة الإغاثة التركية صاحبة نشاط ملحوظ في اليمن مؤخراً، عبر مشروعات صحية وخدمية، وما يزال حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين أصحاب نفوذ في اليمن، ولديهم علاقة جيدة مع الرئيس هادي، وكما هو معروف؛ فإنّ الإخوان المسلمين، بصفتهم الوكيل الأيديولوجي للرئيس التركي، سوف يسهلون توسع النفوذ التركي كلما كان ذلك ممكناً، وما يزال للغاز موقع من الأزمة اليمنية؛ حيث كانت تركيا من أوائل الدول التي اشترت الغاز اليمني المسال، عبر ميناء بلحاف اليمني، منذ عام 2013، وحيث أصبح الغاز أحد أهم محركات السياسة الخارجية التركية، فإنه يظل حاضرا وبقوة، وفي هذا الشأن تصارع روسيا أيضا للحصول على مكاسب.
كما يؤكد الخبراء أن سواحل اليمن الجنوبية هدف أساسي لتركيا، حيث تعد موطئ قدمٍ لها في بحر العرب، وتساعدها في تقديم أي إسناد للقاعدة العسكرية التركية في الصومال، كما أنه منفذ لها على القرن الأفريقي، بذلك تسيطر على الشمال عن طريق ليبيا، وعلى القرن الأفريقي من اليمن، وبذلك تكون تركيا قد أحكمت السيطرة على هذه المنطقة تماما، وأثر ذلك في مصر هو (خنق مصر) في خاصرتها الجنوبية الشرقية، بما يحقق مخطط التطويق الكُلي لمصر من الجهات الأربعة، الرئيسة والفرعية.
ومن هنا فإن توجه مصر نحو اليمن دليلاً على إداركها الكامل لأبعاد التدخل التركي، خاصّة أنّ تجربة ليبيا حاضرة أمام الأعين
ومن المؤكد أن التدخّل التركي موجود في اليمن، وتمّ العثور أكثر من مرة على سفن في السواحل اليمنية، محملة بأسلحة خاصة بتركيا في أماكن التهريب، إضافة إلى إعلان جماعة الإخوان المسلمين في اليمن تأييدها للتواجد التركي، وولائها لأنقرة، وحنينها إلى الخلافة العثمانية، وهو أمر معلن في الإعلام اليمني بشكل لا جدال فيه، بل وتطالب بتدخّل تركي معلن، ويتجاوز الخطاب طلب التدخل إلى مطالبات بأن يكون بديلاً عن التحالف العربي، على اعتبار أنّ التدخل التركي أفضل، وأمّا توجه اليمن نحو مصر، في هذا الوقت تحديداً؛ فهو لأجل مناقشة قضايا الأمن في البحر الأحمر، التي تتساوى أهميتها في البلدين؛ فالأمن القومي والإستراتيجي لليمن يعتمد بشكل أساسي على مصر والسعودية، والتاريخ المصري اليمني المشترك، منذ ستينيات القرن الماضي، يجعل مصر في مقدمة الدول التي يجب أن ترعى عملية الأمن، لا سيما أنّ منطقة البحر الأحمر همّ مشترك للشقيقتَين.