أُعتقلت 100 يوم.. حكايات تحية كاريوكا مع الملك فاروق وجمال عبدالناصر

تحية كاريوكا
تحية كاريوكا

لم تكن تحية كاريوكا مجرد راقصة متميزة في مجالها، وإنما كانت ايضًا صاحبة مواقف سياسية حادة وواضحة تجاه كثير من الأحداث والشخصيات، وذلك على مدار سنوات عمرها، ومهما اختلف الحكام.

ويروي الكاتب جلال أمين في كتابه «شخصيات لها تاريخ» موقف جمع الراقصة الراحلة بالملك فاروق، فيقول إن «تحية» كانت ترقص في الأربعينيات بأحد الملاهي الليلية، وكان من عادة الملك فاروق أن ينتقل من ملهى ليلي لملهى آخر في الليلة نفسها.

وفي هذه الليلة ظهر الملك جالساً إلى إحدى الموائد في الملهى الذي ترقص فيه «تحية»، فذهبت إليه لتعاتبه قائلة: «إن هذا المكان لا يليق بملك، والأفضل له أن يعود إلى قصره»، فأُحرج وخرج في صمت.

وقبل ثورة يوليو 1952 كان الفدائيون المصريون يقومون بعملياتهم الشجاعة ضد جنود الاحتلال الإنجليزي على امتداد قناة السويس، وكان ذلك يلقى مساندة وتأييداً كاسحاً من الشعب المصري، بل ومن حكومة الوفد التي تسلمت الحكم بعد نجاح ساحق في الانتخابات في العام 1950.

وكان المدهش أن تحية كاريوكا ساهمت لإنجاح هذه العمليات الفدائية، باستخدام سيارتها في نقل بعض ما يحتاج إليه الفدائيون من عتاد ومواد متفجرة.

وعندما قامت ثورة يوليو سنة 1952 قلبت الأمور رأساً على عقب، وتحمس الناس للثورة حماسة منقطعة النظير. ولكن بعد عامين شّب الخلاف بين محمد نجيب الذي كان يعتبره المصريون جميعاً قائد الثورة، وبين جمال عبدالناصر قائدها الفعلي الذي كان حتى ذلك الوقت متوارياً في الظل.

غضب المصريون بشدة بسبب إعلان مجلس قيادة الثورة عزل محمد نجيب، وأصابت الناس درجة لا يستهان بها من الإحباط.

تفاعلت كاريوكا مع الأحداث الجديدة، ونسب إليها قولها» ذهب فاروق وجاء فواريق«، أي أن المستبد الواحد حلّ محله عدة مستبدين، قاصدة بذلك بالطبع مجلس قيادة الثورة المكون من 12 ضابطاً وقتها. ووصل عبدالناصر ما قالته كاريوكا فتم القبض عليها ووضعها في السجن 100 يوم.

عاد الصفاء بين «تحية» وثورة يوليو في العام 1956، وهي السنة التي عاد فيها أيضاً الصفاء بين الثورة وسائر المصريين بعد قيام عبدالناصر بتأميم قناة السويس.

في هذا العام أنتج فيلم «شباب امرأة» لتحية كاريوكا، وشكري سرحان، ومن إخراج صلاح أبو سيف، ورشحت مصر العمل لمهرجان «كان»، وسافر أبطال العمل برئاسة الروائي يحيى حقي، واُستقبل الفيلم في فرنسا استقبالاً حسناً، ولكن حدثت لتحية كاريوكا خلال المهرجان حادثة مهمة تنطوي على أكثر من مغزى.

كان العام هو 1956، وكان التوتر شديداً بين مصر وإسرائيل، وكان من بين الممثلات والممثلين العالميين الذين حضروا المهرجان من يتعاطفون مع إسرائيل، وهذا ما انعكس على توجهاتهم نحو الفيلم المصري وأبطاله.

كان من بين هؤلاء الممثلة الأمريكية سوزان هيوارد، التي صدرت عنها عندما تسلمت دعوة إلى حفلة مصرية بالمهرجان عبارة فيها إهانة لمصر والمصريين، فما كان من تحية كاريوكا إلا أن أشبعتها سباباً، وقيل في إحدى الروايات أنها خلعت فردة حذائها وانهالت على سوزان هيوارد بالضرب.

ورغم تشكيك البعض في واقعة «الضرب بالحذاء» رغم ما عُرف عن «تحية» من سرعة لجوئها إلى هذا الأسلوب كثيراً، إلا أنهم اتفقوا على أنها لم تمرر إهانة سوزان هيوارد التي نالت ما تستحقه عليها، حتى أن عبد الناصر كافأ كاريوكا على موقفها بمنحها جائزة على دورها في الفيلم.

وفي نهاية الستينيات تحولت كاريوكا من السينما إلى المسرح، حيث كونت فرقة مسرحية باسمها، وقدمت مسرحيات سياسية ناجحة تضمنت إشارات نقدية كثيرة للحكم، واستقبل الجمهور هذا النقد بحماسة.

كان ذلك عقب هزيمة 1967، وشعور الناس بالإحباط بلغ ذروته، ما اضطر الحكومة إلى وقف بعض مسرحياتها. كانت «تحية» تخرج للجمهور الواقف خارج المسرح، وتخبره بان الحكومة هي التي أوقفت المسرحية.

وفي سنة 1988، سافرت «تحية» إلى أثينا وقبرص مع مجموعة من الفنانين المصريين للاشتراك في تظاهرة جريئة لتأييد الفلسطينيين، وجمعت التبرعات لهم. في نفس العام شاركت في اعتصام مع الفنانين المصريين وفي الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على قانون سئ للنقابات الفنية.

تم نسخ الرابط