هل تحسم وساطة إريتريا قضية سد النهضة؟

الموجز

وصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في زيارة مفاجئة إلى إريتريا لم يعلن عنها من قبل بشكل رسمي، الأمر الذي اثار التساؤلات حول سر هذه الزيارة، لاسيما أن توقيتها يأتي في أعقاب تعقيدات في مفاوضات سد النهضة بالنسبة لأثيوبيا.فضلا عن تزامنها مع التجاذبات الداخلية الإثيوبية، التي أعقبت اغتيال الفنان الأورومي المشهور، هشالوا هونديسا، وما تبعه من أحداث دامية، واعتقالات واسعة لرموز الحراك الأورومي، وقيادات حزبية وسياسية نافذة.

وكانت مصر قد كشفت أن القمة الأفريقية المصغرة لمناقشة ملف سد النهضة التي عقدت أول من أمس الثلاثاء. شددت على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة، وهو الأمر الذي لا ترغب فيه أثيوبيا.

كما أكدت على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يتضمن آلية قانونية مُلزمة لفض النزاعات يحق لأي من أطراف الاتفاق اللجوء إليها لحل أي خلافات قد تنشأ مستقبلاً حول تفسير أو تنفيذ الاتفاق، و تم خلال القمة تأكيد ضرورة تركيز المفاوضات على سد النهضة باعتباره سداً لتوليد الكهرباء غير مُستهلك للمياه، وعدم إقحام أي موضوعات غير ذات صلة بالسد أو طموحات مستقبلية في عملية المفاوضات.

فضلا عن ذلك، فإن توقيت الزيارة لأسمرا، يتزامن مع الذكرى الثانية لتوقيع اتفاق السلام بين إريتريا وإثيوبيا، بعد عقدين من حالة "اللاحرب واللاسلم"، وهي المناسبة التي استغلها وزير الإعلام الأريتري، يماني قبر مسقل، في وقت سابق، لتوجيه انتقادات لمسار التسوية السلمية بين بلاده وجارتها، مؤكدا وجود تعثر واضح في تطبيق بنود الاتفاقية الموقعة في كل من جدة وأبو ظبي، معتبرا بقاء الأراضي الإريترية تحت الاحتلال الإثيوبي، حتى الوقت الحالي، تعثراًفي مسار التسوية، المنصوص عليها في اتفاقيَّتي السلام

وإذا كانت هذه الانتقادات التي تم توجيهها لأبي أحمد تعد سببا وجيها لهذه الزيارة فإن قضية سد النهضة أيضا لن تكون بعيدة عن أسبابها، على المستوى الإقليمي، حيث يرى الخبراء أن خصوصية العلاقات بين إريتريا والأطراف المعنية بأزمة نهر النيل، ومشروع سد النهضة يمكن أن تسمح لأسمرا للقيام بدور إيجابي تجاه التوصل للحل العادل، ضمن مبادرة الاتحاد الأفريقي المسنودة أمميا، و يمكن القول إن إريتريا لاعب أساسي ضمن فريق يضمّ كلّ الأطراف (مصر والسودان وإثيوبيا) إضافة إلى المحيط الأفريقي والعربي ثم الدولي.

ويرى الخبراء أن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي قام منذ فترة قصيرة بجولة شملت أديس أبابا والخرطوم والقاهرة، قد يكون طرح خلالها مبادرة ما لم يتم الإعلان عنها وقد تكون سببا في زيارة أب أحمد له

ويرى الخبراء أن الرئيس الإريتري معروف باللعب على التناقضات الدولية والإقليمية، فهو دوما يبدو نشطا وفاعلا في أوقات الأزمات، ليس فقط لحلها، بل لتوجيهها لجهة مصالحه السياسية، ولدعم بقائه في الحكم لأكثر وقت ممكن، والأزمة الأخيرة المتعلقة بتدابير تشغيل سد النهضة الإثيوبي، تعد جزءا من اللعبة التي أجادها لثلاثة عقود.

وكان التصريح الرسمي للرئاسة المصرية، أثناء زيارة أفورقي الأخيرة للقاهرة، قد أشار إلى تباحث الرئيسَين، السيسي وأفورقي، حول تداعيات أزمة سد النهضة وسبل حلها، ما يعد إشارة إلى دور ما تلعبه أسمرا بعيدا عن مبادرة الاتحاد الأفريقي، مستفيدة من علاقاتها المتقدمة مع العواصم الثلاث ذات الصلة بالملف.

تم نسخ الرابط