ساند القضية الفلسطينية.. قصة ”كارلوس” الذي حيّر أعتى أجهزة مخابرات العالم

كارلوس
كارلوس

في عملية مخابراتية معقدة تم القبض على الفنزويلي إلييتش راميريز سانشيز الملقب بـ"كارلوس"، على أرض السودان عام 1994، ليمثل أمام القضاء الفرنسي، بعدما حيّر وأرهق أنظمة كثيرة بسبب عملياته التي قام بها في أرجاء مختلفة من العالم.

وبحسب سعيد الشحات في كتابه "ذات يوم.. يوميات ألف عام وأكثر"، لُقب "كارلوس" بـ"ابن آوي" أو "الثعلب" أثناء إحدى جلسات محاكمته أمام القضاء الفرنسى بعد القبض عليه فى العاصمة السودانية "الخرطوم" فى عملية مخابراتية معقدة بين فرنسا والسودان.

لكن ما لا يعرفه كثيرون عن "كارلوس" أنه لعب دوراً فى القضية الفلسطينية منذ انضمامه إلى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على أثر تعرفه بزعيمها جورج حبش فى نهاية الستينيات من القرن الماضى، ومن خلالها نفذ وخطط لعمليات شهيرة فى اختطاف الطائرات وقتل إسرائيليين.

وتبقى عمليته الأشهر هى اقتحام مقر منظمة " الأوبك" أثناء اجتماع وزرائها فى العاصمة النمساوية فيينا فى ديسمبر 1975، واختطافه11 وزيرا وآخرين مشاركين فى الاجتماع، وشحنهم فى طائرة توجهت إلى العاصمة الجزائرية، واستقبله فى مطار الجزائر وزير الخارجية وقتئذ والرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وشهدت هذه العملية مفاوضات بينه وبين وزير النفط السعودى أحمد عبده يمانى، وتلا كارلوس أثنائها بيان "درع الثورة العربية"، وانتهت العملية بالإفراج عن الرهائن، وقيل إن المقابل كان بين 20 و50 مليون دولار، وقدم شرحا تفصيليا لهذه العملية للكاتب الصحفى اللبنانى غسان شربل فى كتابه "أسرار الصندوق الأسود"، وقال إن الأموال التى قيل إنه تم دفعها لم يصل منها شيء.

هو فنزويلى الأصل وابن لمحام، وكانت عائلته ثرية لكنه اعتنق الفكر الماركسى، والتحق عام 1968 بجامعة "لومومبا" فى موسكو لدراسة الفيزياء والكيمياء، وتعلم نحو ست لغات هى الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والروسية والعربية والأرمينية.

كانت نقطة التحول فى حياته نحو القضية الفلسطينية تعرفه على شاب جزائرى ثورى هو محمد بودية المناضل فى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتعرف عليه أثناء دراسته فى موسكو، وحين اغتالت إسرائيل "بودية" فى 28 يونية عام 1973، أخذ عهدا على نفسه بضرب الأهداف الصهيونية واليهودية الداعمة لإسرائيل فى أوربا، فاختطف طائرة فرنسية كان على متنها إسرائيليون وتوجيهها الى مطار عنتيبى بأوغندا عام 1976، وبعد أسبوع منها اقتحم نفس المطار واستهدف طائرة العال الإسرائيلية، ومحاولته اغتيال نائب رئيس الاتحاد الصهيونى البريطانى فى لندن.

سيرة "كارلوس" هى سيرة للعالم فى مرحلتين، فأثناء مرحلة الحرب الباردة التى سادت العالم منذ الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى كان فى حماية الأنظمة اليسارية فى العالم كله، ومناضلا فى صفوف الثورة الفلسطينية، ويرتبط بعلاقات متفاوتة مع رؤساء عرب مثل الليبى معمر القذافى والسورى حافظ الأسد، وقيادات "اليمن الجنوبى" قبل توحد اليمن، إضافة إلى معظم الدول الاشتراكية فى أوروبا.

أما بعد زوال الاتحاد السوفيتى فأصبح "إرهابيا" مطلوب القبض عليه ومحاكمته، ولهذا ظل متخفيا ومطاردا، حتى حط به الرحال فى السودان وفيها تم القبض عليه وتسليمه الى فرنسا لمحاكمته، ويقال أن ذلك تم باتفاق مع حسن الترابى.

تم نسخ الرابط