بثتها إذاعة القرآن الكريم اليوم .. تعرف علي التلبية وأحكامها في موسم الحج

الموجز

من شعائر الحج العظيمة التلبية، وقد وردت بها النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أَصْحَابَكَ فَليَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ" .

وكان الصحابة أسرع الناس استجابة لأمر الله ورسوله، فقد روى ابن أبي شيبة عن يعقوب بن زيد قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغون الروحاء حتى تبح أصواتهم من شدة تلبيتهم .

تلبية النساء

والتلبية للرجال والنساء، ولكن المرأة لا ترفع صوتها إذا خشيت الفتنة، روى أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إني لأعلم كيف كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سمعتها بعد ذلك لبت: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك .

والذي عليه جمهور العلماء، أن الجهر بالتلبية خاص بالرجال، ونقل ابن عبدالبر الإجماع على ذلك، فقال: "وأجمع العلماء على أن السنة في المرأة ألَّا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تسمع نفسها" .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها، وعليه يُحمل فعل عائشة رضي الله عنها ".

فضل التلبية

وقد وردت الأحاديث في فضلها، فروى الترمذي في سننه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ، حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا".

وروى الترمذي في سننه من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أَنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: "الْعَجُّ وَالثَّجُّ". والعج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج سيلان دماء الهدي.

وروى الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ، وَلا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلا بُشِّرَ".قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّه، بِالْجَنَّةِ ؟ قَالَ: "نَعَمْ".

شروطها

ويُسن أن يستقبل القبلة عند التلبية، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الْحْرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه فَعَلَ ذَلِكَ .

وينبغي الإكثار من التلبية، وبخاصة كلما علا شرفًا أو هبط واديًا، لما روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بِوَادِي الأَزْرَقِ، فَقَالَ: "أَيُّ وَادٍ هَذَا؟" فَقَالُوا: هَذَا وَادِي الأَزْرَقِ، قَالَ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عليه السلام هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ، وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ" .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث أن التلبية في بطون الأودية من سنن المرسلين، وأنها تتأكد عند الهبوط كما تتأكد عند الصعود" .

وله أن يخلطها بالتكبير والتهليل لقول ابن مسعود: "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة، إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل ، وفي صحيح مسلم من حديث محمد ابن أبي بكر قال: قلت لأنس بن مالك غداة يوم عرفة: ما تقول في التلبية هذا اليوم؟ قال: سِرت هَذَا المسير مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم، فَمِنَّا الْمُكَبِّرُ، وَمِنَّا الْمُهِلُّ، وَلا يَعِيبُ أَحَدُنَا عَلَى صَاحبهِ .

معاني التلبية وألفاظها

والتلبية من لبى بمعنى أجاب، فلفظة لبيك مثناة على قول سيبويه، والجمهور تثبتها للتكثير، أي إجابة لك بعد إجابة، أو إجابة لازمة.

"ومن معاني التلبية أنها مأخوذة من لب بالمكان إذا أقام به، والملبي عند الحج أو العمرة يخبر أنه يقيم على عبادة الله ويلازمها، والمراد تلك العبادة التي دخل فيها سواء كانت حجًّا أو عمرة" .

وأما ألفاظ التلبية فهي كثيرة، فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ".

قال نافع: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها: لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل .

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: "لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ" .

وروى ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَبَّيْكَ اللَّهُمّ لَبَّيْكَ، إِنَّمَا الْخَيْرُ خَيْرُ الآخِرَةِ" .

وقت التلبية

ويبدأ وقت التلبية حين الإحرام، فمن نوى أحد النسكين يهل بما نوى، ثم يلبي، والمعتمر يلبي حتى يشرع في الطواف، وهو قول جمهور العلماء، وأن قطع التلبية يكون بالشروع في الطواف لأنه شعار إقامة العبادة التي لبى إليها .

أما الحاج فيلبي حتى يرمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الفضل رضي الله عنه أخبره أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ .

تم نسخ الرابط