عاجل.. ميركل تفكر في خطة تأديب السفاح التركى

الموجز

طالب البرلمان الأوروبي قبل أيام بتوقيع عقوبات على تركيا، التي لم تحترم قرار حظر السلاح إلى ليبيا، في حين طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في 20 الجاري، باتخاذ إجراءات صارمة بحق أنقرة التي لا تتوانى عن تهريب السلاح سراً إلى طرابلس.

وفي السياق ذاته، دعا وزير البيئة الألماني السابق، وخبير السياسية الخارجية والمرشح لرئاسة الحزب الديموقراطي المسيحي (حزب المستشارة أنجيلا ميركل)، نوربرت روتغن، إلى تدخّل الجيش الألماني بشكل مباشر لحسم الصراع الليبي، منتقداً ما أسماه "تساهل ألمانيا حيال المناطق الملتهبة في أنحاء كثيرة من العالم، واعتمادها في هذا الشأن على دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، حين يتعلق الأمر بمشاركة عسكرية خارجية".

في نوفمبر من العام الماضي، دعت ألمانيا إلى مبادرة سلام بين طرفي النزاع في ليبيا، كجزء من مسئوليات السياسة الخارجية لألمانيا في العواصم الأوروبية وحتى عبر الدولة نفسها؛ حيث جاءت المبادرة بعد جدل دار في الرأي العام الألماني، ووصْف محللين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالضعف في الردّ على التوغل العسكري في الشمال السوري، قررت المستشارة الألمانية الاهتمام بالملف الليبي، لكن بهدوء، خشية تكرار السيناريو السوري، الذي تضرّرت منه ألمانيا بشكل كبير، إثر أزمة اللجوء، عام 2015، فيما ينظر إلى ألمانيا أنّها تحتل موقعاً رمادياً في الوساطة بين طرفَي النزاع، لكن يبدو أنّ هذا الأمر على وشك التغيير.

جاء في تقرير نشر على موقع "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، أواخر العام الماضي، معلقاً على موقف ألمانيا من أنقرة، وتدخّلها في ليبيا، ومتطرقاً إلى أنّ السياسة الأوروبية بشأن الشمال الأفريقي، تتميّز عادة بنقص الوحدة، والتذبذب، وعدم الثبات على الموقف المعلن، وموضحاً أنّ الصراع الليبي يظهر إلى أيّ مدى يمكن أن تنحرف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في مواقفها ضدّ بعضها، بينما يواجه حلفاؤهم المحليون بعضهم في ساحة المعركة، وتشكّك التقارير في الموقف الإيطالي، الذي أشير إليه من قبل عدة محللين، بالدعم غير الواضح لميليشيات الوفاق الوطني المدعومة من تركيا، ومشاركة روما بشكل غير معلن في عرقلة تقدم قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر.

ويبدو أنّ المستشارة أنجيلا ميركل، والتي عادة ما توصف بالتردّد حول تولي زمام المبادرة، أصبح قلقها من وجود سوريا جديدة في ليبيا واضحاً، حتى إن لم تفعل الكثير في هذا الشأن، وإن لم تصرّح بشكل علني، لكن هجوم الصحافة المستمر منذ أزمة اللجوء يضعها وحزبها في مأزق إذا لحقت ليبيا بسوريا، وفتحت ألمانيا أبوابها إمام الليبيين أيضاً.

تعدّ تركيا من أكبر مستوردي الأسلحة الألمانية، ولم يشكّل هذا فارقاً في الرأي العام في برلين، إلّا حين استخدم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هذه الأسلحة في اجتياح ليبيا. وفي وقت سابق من العام الماضي انتقد وزير الخارجية الألماني أفعال أنقرة، وطالب بتفعيل عقوبات عليها، إلّا أنّ الموقف الألماني المتردد بسبب ضغط تركيا بورقة اللاجئين، لم يكن بهذا الوضوح كما هو اليوم

وأشار تقرير نشرته مجلة "ستيرن" الأسبوعية الألمانية، إلى أنّ المعدات التركية المستخدمة في الحرب تمّ بيعها لأنقرة قبل فترة من الحرب للاستخدام المحلي، في سياق عقود الأسلحة المنتظمة بين البلدين، لكنّ نظام أردوغان قام بتهريب هذه الأسلحة سراً إلى ليبيا لمساعدة ميليشيات الوفاق الوطني الإرهابية، في انتهاك واضح وصريح لقرارات الأمم المتحدة التي أمرت بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.

ووفق تقرير المجلة، المنشور في الرابع والعشرين من ينايرالماضي؛ فقد أبحرت سفينة نقل من ميناء مرسين التركي إلى إيطاليا، وكان من المفترض أن تمرّ عبر جزيرتَي كريت وقبرص، لكنها اختفت من الرادار في 27يناير، ولمدة يومين، ثمّ ظهرت فجأة على بعد 25 كم من طرابلس، ثمّ عادت مرة أخرى إلى جنوة الإيطالية، حيث قطعت الإشارة، وواصلت رحلتها كأنّ شيئاً لم يكن، وبحسب تصريحات شرطة البحارة للمجلة؛ فإنّ السفينة قامت بتفريغ شحنة أسلحة ألمانية كبيرة في طرابلس تحت إشراف جنود أتراك، وأخفت هذا الأمر عن العالم.

في تقرير نشرته صحيفة "ديفلت" الألمانية، استعانت فيه بوثائق مسربة، تكشّف أنّ "البنك المركزي الليبي حوّل أكثر من 160 مليون دولار إلى شركة أسلحة تركية، تعرف باسم تكنولوجيا الصناعات الدفاعية، هذا إلى جانب 30 مليون دولار شهرياً تتكفل تركيا بدفعها كرواتب إلى المرتزقة السوريين الذين استعانت بهم، وبالطبع ليست من أموال تركيا الغارقة في الأزمة الاقتصادية، لكنها من أموال النفط الليبي الذي تسعى أنقرة للاستيلاء عليه، وتعقب الصحيفة بأن دعم تركيا للسراج وميليشياته ليس على سبيل الصدقة، لكنها خطة متوسطة وبعيدة المدى للسيطرة على نفط ليبيا، أحد أهم الموارد التي تحتاج إليها أوروبا خصيصاً من ليبيا، لجودته المميزة.

تحاول ألمانيا أن تظهر أمام المجتمع الدولي على مسافة واحدة من طرفَي النزاع، لكنّ حملات الهجوم التي تشنّها الصحافة الألمانية يومياً على انتهاك أردوغان للقوانين الدولية، يمكن أن تعكس توجهاً ألمانياً لنبذ العدوان التركي، وفي هذا الخصوص يقول جرجس فكري: "هناك قوات أوروبية متواجدة على الأراضي الليبية، وأغلبها قوات إيطالية، حتى إن لم يكن هناك تصريح بهذا، لكنّها متواجدة، لتثبت وجودها على أرض المعركة، لكن بعد تصعيد الأمر بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، والتركي مولود أوغلو، والحديث عن عملية عسكرية للتوغل نحو الخط الأحمر "سرت - الجفرة" (بالنسبة إلى مصر والإمارات والاتحاد الأوروبي)، نتوقع أنّ صمت ألمانيا لن يدوم طويلاً، لأنّ حدوث مثل هذه المعركة هو مأساة إنسانية وسياسية، لن تتحملها دول الاتحاد الأوروبي، وسيحاولون ردعها بشتّى الطرق، لأنّ وقوعها سيكون كارثة أكبر من أن تتحملها أوروبا، بل أكبر من أن يتحملها أردوغان نفسه، وستصبح ورقة الضغط التي لطالما استخدمها أردوغان (اللاجئين) في إسكات ألمانيا بلا قيمة مقابل الكارثة التي ستحلّ على ألمانيا، إذا سمحت لأردوغان بالاستمرار على نهجه الاستعماري".

 

تم نسخ الرابط