وقف المعارف..ذراع أردوغان لأخونة أفريقيا

الموجز

كالأخطبوط يحاول أردوغان مد أذرعه إلى كافة انحاء القارة الإفريقية، لنشر أفكاره المعتمده في الأساس على الفكر الإخواني، مستغلا الفقر والجهل، ومستخدما عدد من الوسائل الناعمة، ومن أشهرها وقف المعارف الذي يفتتح كل يوم عدد من المدارس في القارة السمراء بهدف تخريج جيل يدين بالولاء للدكتاتور التركي.

واليوم كانت أحدث صفحة من صفحات وقف المعارف في أفريقيا، حيث زار وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو توجو والتقى نظيره التوجولي روبرت دوسي، الذي سلمه عدد من المدارس التابعة لمؤسسة المعارض التركي فتح الله جولن لتتحول ملكيتها لوقف المعارف التركي.

ولم يعد انتشار تركيا في القارة السمراء سرا بل أصبح مصدر للفخر بالنسبة لأردوغان وأوعوانه، وقد اعترف وزير الخارجية التركي خلال مقال له شهر مايو الماضي بمناسبة يوم أفريقيا بوجود 333 مدرسة لوقف المعارف في 43 بلدا، منها 23 في القارة الإفريقية.

تعود فكرة مؤسسة وقف المعارف التركية إلى عام 2016 حين قام حزب العدالة والتنمية بتمرير قانون إنشاء وقف معارف، داخل البرلمان لتكون مهمته إقامة المدارس في دول العالم.

وتقوم فكرة وقف المعارف على تمرير أفكار من بينها العثمانية الجديدة وفكرة العرق المتفوق المتمثل في العثمانية الجديدة والقومية الطورانية رغبة في تصدير الأيديولوجية الأردوغانية القائمة على خليط من الإسلامية الراديكالية والقومية التركية إلى دول العالم.

كما تأتي في سياق تقويض حركة"خدمة" التابعة للمعارض فتح الله جولن، وعلى خلفية ذلك أسندت تركيا لتلك المؤسسة مهمة إدارة المدارس والمؤسسات التعليمية ذات الصلة بحركة خدمة التي أسسها جولن عام 1995 واهتمت بشكل كبير بمجال التعليم في آسيا وعدد من دول العالم.

وتنتهج الفكرة أيضا ذلك النمط من السياسات للعمل كذراع للنظام الحاكم خارجيا لتكوين جماعة ضغط تساهم في نشر أفكاره المختلفة خلف عباءة تقديم الخدمات التعليمية وذلك كجزء من الحملة التبشيرية وجمع جيل جديد من الناشطين الإسلاميين لتبعية أردوغان ودعمه خارجيا، كما يستخدم ذلك النمط من الأذرع الخبيثة للنظام الحكام في الترويج للأهداف السياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في دول العالم.

ضخت الدولة التركية منذ تأسيس تلك الفكرة عام 2016 حوالي 723 مليون ليرة من خزينة الدولة فضلاً عن 19 مليون دولار في شكل تبرعات.

وبلغ عدد المدارس التابعة لمؤسسة وقف المعارف التركية حول العالم نحو 300 مدرسة وجامعتين و30 سكن طلابي، وذلك وفقاً لما ذكره، عضو مجلس الأمناء للمؤسسة، جهاد داميرلي، خلال مشاركته في تخريج دفعة جديدة في السودان في الخامس والعشرين من فبراير الماضي، وتقوم المؤسسة حالياً بتعليم نحو 30000 طالب، وتستهدف المؤسسة الانتشار في عدد 193 دولة وفقاً لتوجيهات أردوغان لإدارة المؤسسة.

ومن الملاحظ من خريطة الغزو التعليمي لتلك المؤسسة تنفيذاً للأهداف المذكورة أعلاه، فإن غالبية تلك المدارس تقع في الدائرتين العربية والإفريقية حيث تتواجد في نحو 15 دولة إفريقية ونحو ثلاث دول عربية وعدد من الدول الآسيوية والأوروبية، وذلك وفقاً لما ذكره رئيس وقف المعارف التركية، بيرون أقغون خلال تصريح له في نهاية ديسمبر لعام 2017.

وعلى الرغم من ذلك الانتشار إلا أن هناك عددا من الدول التي عارضت تدشين مثل تلك المدراس داخل أراضيها، ومنها تونس التي شهدت جدلاً واسعاً في نوفمبر لعام 2017 حول تأسيس إحدى المدارس التابعة لمؤسسة وقف المعارف التركية تحمل اسم المعارف، ففي حين وافق المدير العام للتعليم الثانوي بوزارة التربية على فتح تلك المدرسة والذي جاء طبقاً للقانون، فإن مديرة المكتبة الوطنية الحكومية التابعة لوزارة الثقافة، رجاء بن سلامة، انتقدت ذلك واعتبرت أن تلك المدرسة ستمثل تهديدا حقيقيا للمدرسة العمومية.

في حين نجد أن فرنسا رفضت بشكل صريح في مايو الماضي إقامة مثل تلك المدارس على أراضيها من قبل عدد من أعضاء البرلمان الفرنسي إلى جانب وزير التعليم الفرنسي، جين مايكل بلانكوير، والذي قال قرار افتتاح مدرسة ثانوية تابعة لتركيا، أمر غير مقبول.

وأثار وجود هذه المدارس في السودان أزمة وقال خبراء تربويون، إن أنقرة تحاول الالتفاف على الثورة السودانية عبر تحريك أذرعها ومؤسساتها التعليمية التي نمت في عهد البشير فيما يعرف بسلسلة مدارس مؤسسة وقف المعارف، تحقيقا لأهداف أردوغان بتخريج آلاف السودانيين المشبعين بأفكاره المتطرفة.

وكشف أولياء أمور تلاميذ المعارف التركية بالخرطوم أن إدارة المدرسة أصبحت تمارس إرهابا واضحا ضد أبنائهم، حيث تلقنهم أفكارا إخوانية وتفرضها عليهم في دراستهم.

تم نسخ الرابط