في الجزء الثاني من حواره مع ”فيفا”.. البدري: الجوهري قدوتي في التدريب.. وأشعر بالفخر بسبب صلاح.. والأهلي علمني الانتصار
نشر الموقع الرسمى لنهائيات كأس العالم 2022 التابع للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" الجزء الثانى من الحوار الذى أجراه حسام البدرى، المدير الفنى لمنتخب مصر، مع موقع الفيفا حيث نُشر الجزء الأول منه بالأمس.
وجاء في الجزء الثانى تساؤلات ساخنة وإجابات حاسمة من جانب حسام البدري، ويعرض لكم "الموجز" نص الحوار..
س: اعتزلت اللعب بعمر 25 عاما، وقتها كان من الصعوبة على اللاعبين الشباب التفكير والاتجاه للتدريب، فمن الذى دفعك لكي تنخرط في هذا المجال بعد الاعتزال؟
- صحيح، أجبرتني الإصابة على الاعتزال بسبب قطع في الرباط الصليبي، منتصف الثمانينات كانت هذه الإصابة تعني نهاية مشوار أي لاعب. كانت لدي تطلعات كبيرة بعد أن اكتسبت الخبرات باللعب مع الأهلي أو منتخب مصر، لكن هذا انتهى فجأة، لكني بطبيعي أعشق التحديات ولا أستسلم فقررت التوجه للتدريب.
وكان هناك الكثير من الأسماء اللامعة في تاريخ مصر، لكن هما شخصان جعلاني أعشق التدريب، الراحل الكبير محمود الجوهري،وفؤاد شعبان المدرب المساعد للمدير الفني المجري الكبير هيديكوتي، وكلاهما لعبت تحت قيادته في النادي الأهلي عندما تم تصعيدي للفريق الأول. في إحدى المرات كنا نتناقش مع المدرب شعبان طريقة اللعب والخطط الفنية، بعد تلك المناقشة نظر إليّ وقال سيكون لك شأن كبير في عالم التدريب بعد الاعتزال، ولم أظن أني سأعتزل بسرعة واتجهت للتدريب مباشرة دون تردد.
س: لكل مدرب هنالك حكمة أو منهج يحبذ السير عليه في عمله التدريبي من أجل تحقيق النجاح؟
- لديّ إيمان كبير بأن شخصية المدرب هي من تصنعه وتحقق له الكثير من النجاح، ليس فقط في حصد البطولات بل أيضا في التفاف اللاعبين والإدارة من حوله، حتى الجماهير يمكن أن تدرك تلك الشخصية ومكنوناتها. فكرة القدم تطورت وأصبح حولها مكوّنات متعددة وقفزات نوعية في الجوانب البدنية والفنية والنفسية والإدارية، ما جعلها علمٌ قائمٌ بذاته.
فالتدريب فنٌ وموهبة لكن يتوجب على المدرب أن يصقلها بالعلم، من هنا يبدأ الابتكار والبحث عن طرق وأساليب جديدة في اللعب، فالمدرب الناجح من يضع إستراتيجية عمل شاملة ويعمل على إنجاحها من خلال التعامل الفني والنفسي مع المحيط الذي يدور من حوله، لذلك أصبح من الضروري أن يكون المدير الفني ذي كفاءة عالية وصاحب شخصية مؤثرة.
س: يملك المنتخب المصري العديد من اللاعبين المهمين في القارة الأوروبية، كيف تقيّم المكاسب التي يحققونها؟
- هو أمر رائع بالفعل، وجود نخبة من اللاعبين المصريين في أفضل البطولات الأوروبية يعطينا المزيد من القوة بكل تأكيد، و يهمّنى دوماً أن أرى هؤلاء النجوم يستمرون باللعب والاحتاك والتطوير بشكل يمنحهم المزيد من الخبرات التي تنعكس على المنتخب الوطني. أمنيتي دوماً أن أرى اللاعب المصري يخرج لممارسة الاحتراف الحقيقي، التدريب واللعب باستمرار ينعكسان على شخصية اللاعب وقدراته الفنية والذهنية.
س: لنتحدث عن محمد صلاح.. كيف تقوم بالتخطيط لتسخير قوته من أجل الفريق ودعمه ليعطي أفضل ما لديه كما يفعل مع ليفربول؟
- ما حققه محمد صلاح حتى الآن شيء يدعو للفخر بلا شك، لقد وصل لمكانة مرموقة وبات رمزاً للمجتمع المصري، ولن أبالغ إذا ما قلت بأنه مثالاً يحتذي به في العالم العربي والقارة الأفريقية، هو الحلم الذي أصبح حقيقة والأمل للشباب لكي يحذو حذوه في اجتهاده ومثابرته، لذلك أعرف أنه يعشق التحدي ويحب منتخب بلاده ويضعه في أولى الاهتمامات، بلغ صلاح أعلى درجات الاحترافية يفهم حقوقه وواجباته، وهو الركيزة الأساسية للمنتخب ويحمل آمال ملايين المصريين، ولكن يجب أن لا نُحمّله فوق طاقته، فكرة القدم لعبة جماعية ويتطلب الأمر عملاً جماعياً وبطبعي أهتم بتحديد الاختصاصات الفنية داخل الملعب، توكل لكل لاعب مهام دفاعية وأخرى هجومية، ونجاح كل لاعب سيؤثر بالتأكيد على زميله ولذلك علينا أن نتوحد من أجل مصلحة المنتخب الوطني.
كما نحرص على متابعة كل اللاعبين بشكل أسبوعي، ونتواصل معهم شخصيا للبقاء على اطلاع بكل التفاصيل، ونشد على أيديهم ونقدم لهم الحافز المعنوي. لدينا أحمد حجازي في وست بروميتش يقوم بأداء ممتاز منذ عودته من الإصابة، يمتلك عقلية احترافية وشخصية رائعة ولديه مستقبل كبير ونعوّل عليه كثيراً في الفريق. أما تريزيجيه فقد تطور بشكل أكبر في الدوري الإنجليزي أكثر مما كان عليه في تركيا. ما زال أمامه طريق طويل لكي يصل لمراحل أعلى فهو يمتلك كل المقومات.
وكذلك البقية، حيث نرصد أداء أحمد المحمدي، ومحمد النني وأحمد حسن "كوكا"، كلهم مهمين بالنسبة لنا ونريد منهم الأفضل لكي يكونا الاضافة لنا في المباريات المقبلة. أتحدث مع "كوكا" وأحفزه وأطلب منه المثابرة فهو لاعب مميز في مركز رأس الحربة، لدينا نقص حاد في هذا المركز وأريد من كل اللاعبين المهاجمين أن يبذلوا جهدهم والمنافسة لكي يكونوا داخل المنتخب، كما قلت الباب مفتوح أمام من يثبت جدارته في الملعب.
س: لا يمكن ألا نتذكر مسيرتك في النادي الأهلي، كيف تصف هذه العلاقة في كل مراحلها؟
- إنها مسيرة حياة بأكملها في النادي الأهلي، كيف كهذا الكيان العظيم لأكثر من أربعين عاماً، كل اللحظات السعيدة تمر أمامي بشكل مستمر، لقد تعلمت هناك الكثير من المثابرة والصبر وإتقان العمل، تعرف ما معنى الحكمة وتعلم المسؤولية في مختلف المواقف، تكتسب الروح الانتصارية وتحقيق الذات. الأهلي يعني البطولات والنجاح، هو القمة وكيفية الوصول إليها والمحافظة عليها. لعبت له وأنا شاب صغير، ومن ثم اتجهت للتدريب فيه بعد الاعتزال، كان هدفي دوما أن أرد جميل هذا النادي الكبير.
خلال سنوات طويلة كنت أخطط للارتقاء في هذا النادي ومساعدته في تحقيق البطولات، لم أترك شيئا للصدفة كنت أجتهد من أجل الحصول على مكان في تاريخه المجيد، والحمد لله أنني وفقت في المشاركة بواحد من أهم الأجيال الكروية، التي سيطرت على بطولات أفريقيا ومصر، وما يزيد من فخري أنني ساهمت بعد ذلك بتحقيق المزيد وأنا على رأس الإدارة الفنية للفريق. أعتقد أنني محظوظ جداً أنني أنتمي لهذا النادي الكبير وكنت أحد الأسباب التي جعلت جماهيره العظيمة تشعر بالسعادة، دعني اختصر كل هذا .. الأهلي هو من صنع اسم حسام البدري ولذلك أدين له بكل الفضل الذي وصلت إليه.
س: قلت إنك تدرجت في مختلف الدرجات التدريبية في الأهلي، وبالتأكيد فقد عرفت كل خبايا المنافسات واكتسبت الخبرات اللازمة، هل ترى أن هذا هو ما جعلك مؤهلاً لقيادة المنتخب؟
- الترشح لتدريب المنتخب المصري ليس بالأمر السهل، فكيف إذا اصبحت المدير الفني له. هذا المنصب يفرض على من شغله توافر بنك من الخبرات والتجارب. لقد عملت في الأهلي لسنوات طويلة وواجهت الكثير من الضغوطات وتعاملت مع أغلب المدارس الأفريقية، وبخلاف النجاح الذي تحقق فقد استفدت من هذا المشوار الطويل. هدفي أن أثبت أن المدرب المصري قادرٌ على تولي أكبر مسؤولية في كرة القدم المحلية، وأنه لا يقل كفاءة عن المدربين الأجانب.