ياسر بركات يكتب : الجوع يهدد 121 مليون حول العالم .. القصة الكاملة للفيروس الجديد بعد تراجع كوفيد19

كوفيد19
كوفيد19

منظمة أوكسفام تحذر من موت 12 ألف شخص يوميا فى نهاية العام

لا يزال وباء كورونا المستجد، في معظم أنحاء العالم خارج السيطرة. وتضاعف العدد الإجمالي للحالات في الأسابيع الستة الماضية. وما زاد الأوضاع سوءا هو أن منظمة "أوكسفام"، حذرت من تسبب "فيروس الجوع" في وفاة قرابة 12 ألف شخص يومياً بحلول نهاية العام نتيجة الجوع المرتبط بالوباء، والذي من المحتمل أن يتسبب في وفيات أكثر من الوباء نفسه. وأوضحت المنظمة في بيان، أن 121 مليون شخص أصبحوا مهددين بالمجاعة هذا العام، نتيجة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء، بما في ذلك البطالة الجماعية وتعطيل إنتاج الغذاء والإمدادات وتراجع المساعدات. كما حذّرت الأمم المتحدة من أن الوباء قد يدفع 45 مليوناً من سكان أمريكا اللاتينية والكاريبي، وغيرها من دول الطبقات الاجتماعية المتوسطة، إلى خط الفقر.

في حين لم تبلغ القارة الأمريكية بعد ذروة تفشي الوباء، انحسر الفيروس في باقي العالم رغم تسجيل بؤر جديدة في مواقع متفرقة. قال كيما فيرا، المدير التنفيذي المؤقت لمنظمة أوكسفام، إن كورونا هي القشة الأخيرة التي تقصم ظهر البعير لملايين الناس الذين يعانون بالفعل من آثار الصراع وتغير المناخ وعدم المساواة ونظام الغذاء الهش الذي أفقر الملايين من منتجي الأغذية والعمال. وكشف تقرير المنظمة عن أسوأ عشر مناطق يجوبها الجوع في العالم وحيث تزداد أزمة الغذاء حدة نتيجة الوباء، وتشمل اليمن والكونغو الديمقراطية وأفغانستان وفنزويلا وإثيوبيا وجنوب السودان وسوريا والسودان وهاييتي. كما يسلط التقرير الضوء على الأماكن التي تعد بؤر ناشئة، وهي الدول ذات الدخل المتوسط ​​مثل الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل.

وتتوقع الأمم المتحدة ارتفاع معدلات الفقر بنسبة سبعة% في العام 2020. أي زيادة قدرها 45 مليونا ترفع العدد الإجمالي للفقراء إلى 230 مليونا، أي ما نسبته 37.2% من سكان أمريكا اللاتينية والكاريبي. كذلك، ستزداد معدلات الفقر المدقع بنسبة 4.5%، أي زيادة قدرها 28 مليونا ترفع العدد الإجمالي لمن هم ضمن هذا التصنيف إلى 96 مليونا (15.5% من سكان المنطقة). وحذرت الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي أليسيا بارسينا بأن هؤلاء "ستتهددهم المجاعة". واعتبرت الأمم المتحدة أن على الحكومات في إطار تصديها للأزمة ومساعدة الفقراء توفير مداخيل أساسية طارئة وإعانات لمكافحة المجاعة. وأوضحت المنظمة أن هذا الأمر يعني توفير ما معدله 140 دولارا في الشهر للفرد. وطالبت الأمم المتحدة المجتمع الدولي بـ"توفير سيولة ومساعدة مالية" لدول أمريكا اللاتينية والكاريبي و"تخفيف ديونها".

للمرة الأولى منذ بداية أزمة "كوفيد – 19"، يعبر رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي حدود بلاده في زيارة عمل إلى الخارج ليجتمع بنظيره البرتغالي أنطونيو كوستا، ثم برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيز، بهدف تعزيز "المحور الجنوبي"، استعداداً للقمة الأوروبية التي ستخصَّص لمناقشة صندوق الإنقاذ الذي ما زال يواجه اعتراضات شديدة من بعض دول الشمال الأوروبي لتحديد قيمته الإجمالية والشروط التي تقيّد الحصول على قروضه ومساعداته. ومن المقرر أن يقوم كونتي، بعد عودته إلى روما، بجولة عمل أخرى إلى لاهاي وبرلين وباريس، تحضيراً للقمة الأولى التي ستُعقد تحت الرئاسة الألمانية يوم الخميس المقبل. وتأتي جولة كونتي في مرحلة دقيقة بدأت إيطاليا تدرك فيها عمق مشكلاتها التي تراكمت وتفاقمت بسبب الأزمة الصحّية، والتي تختصرها خطورة الوضع الاقتصادي الذي يوقد نار الخلافات السياسية داخل الحكومة وخارجها ويدفع بالوضع الاجتماعي إلى حالة غير مسبوقة من الاحتقان.

الخزانة الإيطالية ترزح تحت عجز تاريخي وما لا يقلّ عن مليوني عاطل عن العمل بسبب من الأزمة ما زالوا ينتظرون الحصول على المساعدات التي وعدت بها الحكومة، بينما عشرات آلاف المؤسسات التي أغلقت أبوابها توشك على إعلان إفلاسها إذا لم تصل إليها المساعدات الموعودة قبل نهاية هذا الشهر. من هنا يأتي الاستعجال الإيطالي للتوصل إلى اتفاق نهائي حول صندوق الإنقاذ في القمة الأوروبية المقبلة أو في القمة التي تليها قبل نهاية هذا الشهر بما يتيح للبلدان المتضررة من الوباء أن تبدأ بالحصول على القروض والمساعدات مطلع الشهر القادم.

إلى جانب مبادرته السياسية لرصّ صفوف "المحور الجنوبي" الذي يضمّ إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان، ويحظى بدعم قوي معلن من فرنسا وتعاطف من ألمانيا، يحمل كونتي في جعبته ورقة الإصلاحات التي أقرتها حكومته مؤخراً لتسريع إجراءات التعاقد لتنفيذ المشاريع وزيادة الشفافية، والتي قال إنها تشكّل ثورة في تاريخ الإدارة الإيطالية المعروفة بتعقيداتها البيروقراطية. وفي تصريحات موجّهة إلى الشركاء الأوروبيين الذين ما زالوا يصرّون على شروطهم قال كونتي: "لا بد أن يدركوا أن المسألة ليست مجرّد مساعدات للتضامن معنا في محنتنا، بل هي السبيل الوحيد لإنقاذ السوق الأوروبية المشتركة والدفاع عن مصالحنا جميعاً. هذا ما أدركته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأنا على يقين من أن الآخرين سيدركونه أيضاً".

لكن عواصم الشمال الأوروبي تعرف أن مستقبل كونتي السياسي يتوقّف على نتيجة المفاوضات في القمة الأوروبية حول صندوق الإنقاذ، ويُخشى أن تنجرّ وراء إغراء الضغط حتى النهاية لإجبار إيطاليا وحلفائها على القبول بشروطها. وتجدر الإشارة إلى أن إيطاليا تتوقع الحصول على 170 مليار يورو، بين مساعدات وقروض ميسّرة، من صندوق الإنقاذ، فيما تتوقع إسبانيا الحصول على 140 مليار يورو من الحزمة التي تقدّر بنحو 750 مليار يورو.

تأتي جولة كونتي بالتزامن والتنسيق مع نظيره الإسباني بيدرو سانتشيز الذي سبقه في زيارة إلى البرتغال حيث أعلن عن تطابق وجهات النظر مع رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا، تمهيداً لجولة ثانية ستحمله هو أيضا إلى لاهاي ثم إلى استوكهولم حيث سيحاول إقناع نظيره الاشتراكي بالعدول عن الإصرار على الشروط التي تطالب بها كتلة الشمال الأوروبي للموافقة على صندوق الإنقاذ. وكان سانتشير وكوستا قد أعلنا من لشبونة أن البرتغال وإسبانيا لن تقبلا بأي شكل من الأشكال شروطاً جديدة غير تلك التي يتضمنها اقتراح المفوضية الأوروبية بشأن صندوق الإنقاذ، والتي أقرها البرلمان الأوروبي منتصف الشهر الماضي بأغلبية كبيرة، لا بل دعا إلى زيادة حجم القروض والمساعدات. وقال كوستا: "اقتراح المفوضية ذكي ومنصف ومتوازن، وحجم الصندوق يجب ألا يكون دون 750 مليار يورو"، فيما شدّد سانتشيز على إقراره قبل نهاية هذا الشهر على أبعد تعديل.

أوساط سياسية إيطالية تعرب عن أملها في أن تكون نتيجة هذه المعركة الجديدة بين بلدان الجنوب وبلدان الشمال في الاتحاد الأوروبي مختلفة عن تلك التي دارت في عام 2011 بعد الأزمة المالية وخرجت منها دول الجنوب مثقلة بالديون ومنهكة بالشروط التي فُرضت عليها. وتستند هذه الأوساط في تفاؤلها إلى أن بلدان الجنوب تحظى هذه المرة بدعم قوي من برلين وباريس، فضلاً عن أن الجميع على يقين بأن تكلفة الفشل ستكون كارثيّة على المشروع الأوروبي بأكمله.

في القارتين الأمريكيتين، يتواصل تفشي فيروس "كورونا" المستجد، حيث بات يطال قادة بعض دولها، إذ أعلنت رئيسة بوليفيا ورئيس الجمعية الوطنية في فنزويلا إصابتهما بالمرض بعد أيام على كشف إصابة الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، في وقت سجلت الولايات المتحدة والمكسيك أعلى حصيلة يومية للإصابات حتى الآن. وكتبت الرئيسة البوليفية جانين آنييز المرشحة للانتخابات الرئاسية في 6 سبتمبر في تغريدة، يوم الخميس: "إنني مصابة بـ(كوفيد – 19). أنا بخير وسأعمل في العزل، معاً سنمضي قدماً". وأوضحت الرئيسة اليمينية البالغة من العمر 53 عاماً، في فيديو نشرته على حسابها في موقع "تويتر": "سأكون في الحجر الصحّي لمدة 14 يوماً، ثم سأخضع لفحص آخر، أشعر أننّي على ما يرام".

تولت أنييز رئاسة بوليفيا بالوكالة بعد استقالة الرئيس اليساري إيفو موراليس وخروجه إلى المنفى في نوفمبر 2019. وفي الوقت نفسه، كشف رئيس الجمعية الوطنية التأسيسية ونائب رئيس الحزب الرئاسي في فنزويلا ديوسدادو كابيلو أنه مصاب بـ"كوفيد - 19". وذلك غداة قطعه برنامجه الأسبوعي الأربعاء موضحا أنه يعاني من "حساسية شديدة". وعلق الرئيس نيكولاس مادورو بالقول: "كلّ تضامني له، هو يستريح. إنه بخير"، معلنا في الوقت نفسه أن عمر برييتو حاكم ولاية زوليا (غرب) على الحدود مع كولومبيا، وحيث أكبر بؤرة لوباء "كوفيد - 19" في فنزويلا، مصاب أيضاً بالفيروس.

البرازيل هي الدولة الأكثر تضرراً جراء الوباء في أمريكا اللاتينية. وبعد يومين من إعلان بولسونارو إصابته، أكد الرئيس المشكك علناً في خطورة الوباء والمعارض لتدابير الحماية من الفيروس، أنه بحالة "جيدة جدا"، وأوصى مرة جديدة، الخميس، باستخدم الهيدروكسي كلوروكين، العقار المثير للجدل، لمعالجة "كوفيد - 19".

ويتفاقم الوضع بشكل متواصل في أمريكا اللاتينية، بينما قلل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، من حجم الأرقام قائلاً: "للمرة المائة، إن السبب في تسجيل هذا العدد من الإصابات مقارنة بالدول الأخرى التي ليست أفضل منا بكثير، يعود لكوننا نجري فحوصات بطريقة أكبر وأفضل بكثير". لكن خبير الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي الذي يقدم المشورة للبيت الأبيض بشأن أزمة "كوفيد - 19" قال: "إننا في وضع صعب للغاية". وانتقد في مؤتمر عبر الفيديو نظمه موقع "ذي هيل" الإعلامي إعادة فتح البلاد من خلال "تخطي جميع الخطوات الموصى بها". وقال: "هذه ليست الطريقة الصحيحة نحن بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل مختلف".

تم نسخ الرابط