صادق أوستون.. معلومات مثيرة عن أخطر جواسيس أردوغان في ليبيا

صادق أوستون
صادق أوستون

يومًا بعد يوم تنكشف أسرارًا جديدة حول انقلاب الخامس عشر من يوليو عام 2016، والذى كان بمثابة عصا "موسى السحرية" للديكتاتور العثمانى رجب طيب أردوغان، لتصفية كل من يُخالف طموحات ومخططات السلطان التركي، حيث تم شن حملة اعتقالات بالآلاف وفصْل المئات ومصادرة صحف وتكميم أفواه، والسبب المعلن دعم منظمة الداعية فتح الله جولن، الذي اتهمه أردوغان بالتخطيط للانقلاب بعد ساعات من تحركات الجيش وبدون أي تحقيق.

موقع مونيتور السويدي كشف أسرارًا جديدة وتفاصيل خطيرة حول "التمثيلية المدبرة"، موضحًا أن رجل الاستخبارات التركي الذي يُدير العمليات السرية لأنقرة في ليبيا ساعد في تنظيم المسرحية الانقلاب المزعومة ضد رجب طيب أردوغان في يوليو 2016.

التحقيق الصحفي السويدي أكد أن المسرحية الانقلابية استهدفت دعم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي نفذ على أثرها عملية اضطهاد جماعي للمعارضة.

عميل المخابرات التركية صادق أوستون لعب دورًا رئيسيًا في تنظيم الجماعات الإسلامية في ليبيا عام 2011، وعاد لاحقًا إلى تركيا لإدارة العمليات السياسية نيابة عن أردوغان، بحسب تقرير "مونيتور" التابع لشبكة نورديك للأبحاث والمراقبة ومقرها ستوكهولم.

ويوضح السجل العسكري لأستون أنه خدم بشكل أساسي في اللوجستيات في قيادة القوات الخاصة للجيش التركي، ومقر الأركان العامة وقيادة القوات البرية، وتم، بين عامي 1999 و 2002 تكليفه بالخدمة في المقر الرئيسي لحلف شمال الأطلنطي للعمل على النقل والخدمات اللوجستية وتنسيق حركة القوات، وكان قائد فوج المتدربين في الأكاديمية العسكرية التركية بين عامي 2004 و 2006، وآخر منصب خدم فيه قبل تقاعده في 2 أكتوبر 2009 كان القيادة اللوجستية للقوات البرية في أنقرة.

التحقيق الصحفي السويدي كشف عن أن "أوستون" ساعد في التخطيط للانقلاب الفاشل، ونصب فخًا لجنرالات في الجيش التركي ليس لهم علاقة بهذه المسرحية، ونسق حشد القوات تحت بند مواجهة تهديدات الإرهاب الطارئة.

واتهم رجل أردوغان، حركة جولن غير المشتبه بها، بالتآمر والتخطيط للانقلاب، ثم عاد مرة أخرى إلى ليبيا لحشد الدعم للقيادة الليبية المتحالفة مع الرئيس التركي، وهو مسئول حاليًا عن عمليات المخابرات هناك.

وأزيح الستار عن دور أوستون أمام المحكمة في المسرحية العسكرية الكاذبة للإطاحة بأردوغان، والتي كان من المفترض أن تكون سرية، عندما وقع في خطأ التوقيت الرئيسي للعملية، بالإسراع بالإعلان عن اسم قائد الانقلاب، وهو ما أثار الشكوك حول دوره في أحداث 15 يوليو 2016.

وخلال جلسات محاكمة المتهمين بالانقلاب المزعوم الذين عرفوه جيدًا، تقدم الكثيرون للكشف عن مزيد من التفاصيل حول دوره في تلك المسرحية الكاذبة.

وأمام ذلك، سارعت حكومة أردوغان إلى إرسال (أوستون) بعد أحداث الانقلاب مباشرة إلى أستراليا كمُلحق دبلوماسي، ليُصبح بعيدًا عن متناول محامي الدفاع الذين أرادوا وضعه على المنصة واستجوابه في واقعة الانقلاب الكاذب.

وأشار التحقيق إلى أن أوستون، ضابط الجيش الذي التحق بالاستخبارات، وقع في خطأ فادح عندما سارع قبل اكتمال التحقيقات إلى الإعلان في المجلس العسكري الأعلى والقائد السابق للقوات الجوية آكين أوزتورك كقائد للانقلاب في الوقت الذي كان الجنرال لا يزال في منزل ابنته.

ويقع منزل ابنة القائد السابق للقوات الجوية التركية على بعد حوالي أربعة أو خمسة كيلومترات من قاعدة أكينجي الجوية، المقر الرئيسي لقوات الانقلاب المزعوم، في الوقت الذي لم يكن لأوزتورك علاقة بحركة جولن من الأساس أو على علم تمامًا بالمؤامرة التي تُحاك ضده.

وفي أول مثول له أمام المحكمة في 1 مارس 2019 بعد فترة احتجاز طويلة قيد الحبس الانفرادي، كشف الجنرال أوزتورك عن كيفية تلفيق الاستخبارات التركية التهم له، واتهم أوستون بتنفيذ المؤامرة، لكن دفاع أوزتوك، في غياب وسائل إعلام حرة، وجد آذانًا صمًا في قضاء غير مستقل.

وردد أردوغان ومسئولون أتراك آخرون قصة وكالة المخابرات الملفقة، التي رواها أوستون، في حين تم استخدام محاولة الانقلاب كذريعة لتحويل نظام تركيا إلى حكم الرجل الواحد.

ولفت التقرير إلى أن أحد مكاسب أردوغان من عملية الانقلاب الفاشلة هي تهميش أوزتورك، حيث واجه الرئيس التركي وقائد الاستخبارات هاكان فيدان مقاومة شديدة في كثير من المواقف من قبل الجنرالات الموالين للناتو، وخاصة أوزتورك، الذين شغلوا مقاعد رئيسية في المجلس العسكري الأعلى.

وساعد الانقلاب المزيف على كسر تلك المقاومة في الجيش التركي عبر الإطاحة بنحو 70% من جميع الضباط الكبار.

وفي النهاية حصل أردوغان على ما أراد بتعزيز قبضته على السلطة، وحول النظام البرلماني للبلاد إلى رئاسة دائمة، وأقصى الجنرالات والأدميرالات الذين عارضوا مغامراته العسكرية عبر الحدود، واضطهد المعارضة، وسجن عشرات الآلاف ممن لا علاقة لهم بالانقلاب وأغلق ما يقرب من 200 منصة إعلامية.

ومنذ عدة أيام، كشف سليمان صويلو وزير داخلية تركيا عن عن حصيلة العمليات الأمنية الواسعة التي انطلقت في تركيا عقب 15 يوليو 2016، موضحًا أن وزارة الداخلية شنت 99 ألف و66 حملة أمنية منذ المحاولة الانقلابية وحتى يومنا هذا، مضيفًا أن الحملات أسفرت عن احتجاز وتوقيف 282 ألف و790 شخصًا واعتقال وحبس 94 ألفا و975 آخر.

وأشار "صويلو" إلى أن عدد سجناء المحاولة الانقلابية يبلغ حاليًا 25 ألف و912 شخصًا، بينما بلغ إجمالي الأشخاص الذين تم اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم 597 ألف و783 شخصًا.

وحاولت العديد من التقارير الاستخباراتية تسليط الضوء على حقيقة ما حدث في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، وخروج أردوغان على العالم في اليوم التالي، بقائمة من الاتهامات المجهزة بعناية، معلنًا أن فتح الله جولن، هو العقل المدبر للانقلاب وموجهًا أصابع الاتهام إلى حركة الخدمة بأنها من دبرت الحركة الانقلابية، ليستخدمها كتهمة سابقة التجهيز، لضرب كل أعدائه بحجر واحد.

وبدأت المخابرات الأوروبية وبالأخص البريطانية، بعد أسبوع واحد من محاولة الانقلاب، كشف حقيقة ما حدث، حيث أشارت إلى أنها حصلت على مكالمات هاتفية وبريدية مشفرة لمسئولي الحكومة التركية أثناء حدوث الانقلاب الفاشل، تكشف أنهم خططوا لإلصاق الجريمة بحركة الخدمة حتى يختلقوا ذريعة لإطلاق حملة تصفية موسعة في أجهزة الدولة.

وفى فبراير 2017، أعد مركز الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي تقريرًا يؤكد بشكل صريح أن أردوغان هو من دبر هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة، لكي يتمكن من الحصول على ذريعة لتصفية معارضيه، ووصف التقرير إدعاء أردوغان، إن فتح الله جولن، كان وراء المحاولة الانقلابية "بالاحتمال البعيد".

تم نسخ الرابط