بسبب تعاونه مع مصر.. قصة عالم الصواريخ الألماني الذي فشل الموساد في اغتياله
في عقد الستينيات من القرن الماضي، اتجهت مصر إلى تصنيع الأسلحة الثقيلة، واستعانت في سبيل ذلك بعدد من العلماء الأجانب، ولم يكن ذلك ليروق لإسرائيل التي اتجهت عبر جهاز «الموساد» إلى التخطيط لاغتيال هؤلاء، وكان على رأسهم عالم الصواريخ الألماني هانز كلاينفختر.. فما هي قصته؟
تبدأ قصة هذا الرجل من عام 1945 عندم هُزمت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وتقسيمها إلى «شرقية» و«غربية»، ثم توقف تصنيعها للصواريخ التي تفوقت فيها أثناء الحرب، ما أدى إلى تعطل قاعدة واسعة من العلماء والخبراء، فأصبحت ملعباً لأجهزة المخابرات، ومجالاً لصراع دولي تمثل في جذب هؤلاء العلماء للعمل خارج ألمانيا.
في طريق طموح مصر إلى القوة والعلم، قررت الاستعانة بعدد من هؤلاء العلماء والخبراء، ووصل سراً مجموعة منهم في عام 1957، وكان من بينهم العالم «وولفجانج بيلز» وهو الساعد اليمنى لـ«فيرنر فور براون» أب الصواريخ الألمانية الذي اجتذبته أمريكا.
ومع استقدام هؤلاء لمصر نشطت حركة مجالات البحث العلمي المصري، فتوسعت الدراسات العلمية وتم إيفاد بعثات متخصصة للخارج، وإنشاء مراكز وهيئات البحث ومنها المركز القومي للبحث العلمي الذي أقيم بمنطقة الدقي.
أدى هذا التعاون إلى إطلاق مصر لصاروخي «الظافر» و«القاهر»، بعدها خاضت إسرائيل حربها ضد مصر، لإخراج العلماء الألمان منها بأي طريقة، وكان إرسال الطرود المفخخة منها وسيلة، واغتيالهم وسيلة أخرى، وكان منها ما حدث يوم 23 فبراير 1963 ضد واحد منهم، هو العالم الألماني «هانز كلاينفختر».
ويروي محمود مراد في كتابه «الحرب الخفية. قصة العلماء الألمان في مصر» إن «هانز» كان في مدينة «لوراخ» الألمانية حيث كان يقضي أجازته، وبينما كان يسير بسيارته في شوارع المدينة، فوجئ بمن ينزل من سيارة قطعت الطريق أمامه، ليطلق الرصاص عليه وفر مسرعاً، في الوقت الذي نزل فيه «هانز» من باب السيارة الأيسر مهرولاً إلى بيته القريب من مكان الحادث.
وبفحص البوليس للسيارة فوجئ بجواز سفر مصري فيها باسم مقدم طيار سمير أحمد علي، وذلك في مخطط يستهدف اتهام الأجهزة الأمنية المصرية بتدبير هذه الجريمة.
أفشل هذا المخطط مواطن ألماني آخر. تقدم إلى الشرطة الألمانية بجواز سفر يؤكد أنه كان في مصر، وكان مع صديقه الضابط سمير وقت وقوع الحادث في كازينو «الأوبرج» بشارع الهرم، وقدم صوراً فوتوغرافية للقاءه، وعليها توقيع بالإهداء من الضابط المصري، وبذلك فشلت خطة الموساد الإسرائيلي في إنجاح مزاعمه بأن مصر هي التي تقف وراء محاولة قتل «هانز».
وفي اليوم التالي لمحاولة الاغتيال تلقى «هانز» ورقة صغيرة مكتوب عليها باللغة الفرنسية: «من يأكل اليهود جزاؤه الموت»، وفي اليوم الرابع تلقى رسالة تهديد أخرى: «إذا كنت قد أفلت من الموت فلابد أنك ستموت، من الصعب الوقوف ضدنا، إنك الآن تنتظر مصيرك.. نحن من القوة بحيث لا يصعب علينا أي هدف.. لن تنجو منا».
بعد تلقي هه الرسالة أصبح «هانز» غير آمن في بلده ألمانيا فركب أول طائرة متجهة إلى القاهرة.