لم يخجل من سردها.. حكايات نجيب محفوظ مع بيوت الدعارة
لم يخجل أديب نوبل العالمي نجيب محفوظ من أن يسرد حياته بكل ما فيها من تفاصيل، حتى وإن كان البعض يرى أنها قد تسيئ إلى شخصه، لكنه أبى ألا يرويها كما هي دون نقص أو زيادة، وهذا ما حدث عندما روى حكايته مع الحب والجنس، ودونها الكاتب الراحل رجاء النقاش في كتاب «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ».
يقول أديب نوبل «علاقتي بالمرأة بدأت في سن مبكرة، ففي سنوات طفولتي التي أمضيتها في حي الجمالية، كان متاحاً لنا اللعب مع البنات من نفس عمرنا، وخاصة في شهر رمضان، وكانت الصداقة الطفولية تلك تستمر حتى تصل البنت إلى أعتاب مرحلة المراهقة، وعندها تستقر في المنزل انتظاراً للزواج».
وبحسب أديب نوبل فإنه عاش في ذلك الجو الطفولي المفعم بالبراءة أول قصة حب ساذجة وبريئة وقصيرة، وانتهت بمجرد انتقاله مع أسرته إلى العباسية.
أول قصة حب
وفي العباسية عاش أول قصة حب حقيقية في حياته، وهي قصة غريبة كان يشعر بالدهشة لغرابتها كلما مرت بذهنه، وكان أيامها على أعتاب مرحلة المراهقة، وقبل أن يدخل هذه التجربة كانت علاقته بالبنات لا تزيد على مداعبات تتجاوز الحد أحياناً.
كانت هذه التجاوزات البريئة تصطدم بالإحساس الديني وهو على أشده في تلك الفترة، لدرجة أنه كان يتوجه بالتوبة إلى الله يومياً، ويعيش في عذاب مستمر من تأنيب الضمير، واستمرت هذه الحالة حتى رأى فتاة غيرت من حياته.
ويروي «كنت ألعب كرة القدم في الشارع مع أصدقائي وكان بيتها يطل على المكان الذي نلعب فيه، وأثناء اللعب شدني وجه ساحر لفتاة تطل من الشرفة. كنت في الثالثة عشر من عمري، أما هي فكانت في العشرين، فتاة جميلة من أسرة معروفة في العباسية، رأيت وجهاً أشبه بلوحة الجيوكندا التي تجذب الناظر إليها من اللحظة الأولى».
وبحسب أديب نوبل: ظل حبي قائماً لهذه الفتاة الجميلة من بعيد ومن طرف واحد، ولم أجرؤ على محادثتها أو لفت انتباهها إلى حبي الصامت، واكتفيت منها بمجرد النظر، وكانت متعتي الكبرى أن أجلس بعد انتهاء مباراة الكرة قبيل المغرب، وأوجه نظري صوب الشرفة التي تقف فتاتي فيها وأطيل النظر إلى وجهها الجميل.
استمر الحب الصامت لمدة عام كامل، وكم كان حزني شديداً عندما تزوجت فتاتي وانتقلت إلى بيتها الجديد. انقطعت عني أخبارها، ومضت الأيام، وبدأ حبها يخفت وتنطفئ نيرانه، خاصة بعد أن تخرجت في الجامعة، وانشغلت بالوظيفة وبحياتي الأدبية ثم زواجي بعد ذلك.
بيوت الدعارة
ويصف «محفوظ» الفترة التي سبقت زواجه بأنها كانت عبارة عن حياة عربدة كاملة. «كنت من رواد دور البغاء الرسمي والسري، ومن رواد الصالات والكباريهات، ومن يراني في ذلك الوقت لا يمكن أن يتصور أبداً أن شخصاً يعيش مثل هذه الحياة المضطربة وتستطيع أن تصفه بأنه حيوان جنسي، يمكن أن يعرف الحب أو الزواج».
كانت نظرتي للمرأة في ذلك الحين جنسية بحتة، ليس فيها أي دور للعواطف أو المشاعر، وإن كان يشوبها أحياناً شيء من الاحترام، ثم تطورت هذه النظرة وأخذت في الاعتدال بعدما فكرت في الزواج والاستقرار.