قصة الخادم الذى ”يُقًَبِل” الوزراء يده للاحتفاظ بمناصبهم
الخديوى إسماعيل ... سرايا عابدين ... الوالدة باشا .. العالمة باشا .. الاغوات .. البشوات .. وغيرها من الكلمات التى خلدها التاريخ ، وكتب المؤرخون عن أصحابها الكثير من الإنجازات والقصص والروايات ..حيث تميز عهد الخديوي إسماعيل بالعراقة والفخامة وإلتف حوله الكثير من الأشخاص الذين أثروا فيه وأثر فيهم .
ومن ضمن هؤلاء الأشخاص خليل آغا الخادم الخاص به، وكاتم أسراره ، فقد كان خليل أفندي كبير أغوات هوشيار قادين زوجة الخديو إبراهيم والي مصر، وكان الخادم المدلل فى القصر حيث كان مقربا أيضا من الوالدة باشا التى أغدقت عليه بالكثير من الأموال والهدايا حتى أصبح من الأثرياء وذوى الاملاك .
وحصل خليل آغا علي العديد من الأراضي الزراعية والقصور والمباني وكانت أملاكه في أكثر من مكان، فكان له في حي جاردن سيتي شارع باسمه، وكذلك أراض بمحافظتي الغربية وكفر الشيخ كانت تتعدى مساحتها 1800 فدان، وأكثر من منزل.
أسند الخديوى إسماعيل لخليل آغا العديد من المهام ، فقد كان ناظر السرايات، وكان المشرف على تشييد جامع الرفاعي، وأيضا مشرفا على أفراح أبناء الخديوي إسماعيل، وهم الأمراء توفيق، وحسين كامل، وحسن باشا الذي استمر فرحه لأربعين ليلة متتالية.
ووفقا لما ذكر في كتاب "حرافيش القاهرة" للكاتب عبد المنعم شميس، كان خليل أفندي دائما ما يرتدي الزي الرسمي الذي إختاره الخديو إسماعيل له من أفخم الأزياء وأغلاها ويقُال أن أزرار بدلته كانت من الذهب الخالص، وكان ممنوع على أغوات هذا الزمان مجرد التشبه بزي خليل أغا أو حتى تقليده وهو عبارة عن البدلة الاسطنبولي السوداء وكانت بأزرار ذهبية مغلقة، وقميص أبيض، ويعلو رأسه الطربوش الأحمر القصير وفي قدميه حذاء من جلد الفرنيه الأسود.
زاع صيت خليل أغا فى ربوع مصر المحروسة وكان محل إجلال الجميع من الوزراء والعلماء والأعيان، وانتشرت الشائعات بين عامة الشعب التى تؤكد أن خليل آغا هو من يحكم مصر وأن مقاليد الحكم بيديه ووصل الأمر إلى أن وزراء هذا الزمان كانوا يقّبلون يديه كنوع من إظهار الولاء له معتقدين أن التودد لخليل أغا هو الضامن الوحيد لبقائهم فى مناصبهم، ولنفوذه الكبير وكلمته النافذة فى الدوائر الحكومية كانوا يعتبرونه صاحب اليد العُليا في المحروسة بعد الخديوي إسماعيل .
إنتشرت موضة الأغوات فى هذا التوقيت ويرجع الفضل فى ذلك إلى خادم الخديوى المدلل خليل آغا وما حققه من شهرة واسعة، ويشار إلى أن بشاوات وأثرياء المحروسة، أصبحوا يحرصون على وجود الأغوات أمام أبواب قصورهم كعنوان للفخامة، والثراء تيمنناً بخليل آغا.
كان خليل آغا من رواد الداعين إلى التعليم الأهلى بعيدا عن التعليم الأميرى الذى تقدمه الحكومة فى مدارسها، وأراد تخليد سيرته، فأنشأ مدرسة باسمه في شارع فاروق، شارع الجيش حاليا في عام 1869، والتي بدأت كـكتاب ودار لإيواء الفقراء والوافدين إلى القاهرة، تعلم فيها الطلاب القواعد النحوية والخط العربي واللغة التركية.
تحولت التكية إلى مدرسة ابتدائية في عام 1905، وكان بها قسما للتعليم الثانوي وكان يُدرس بها اللغة الإنجليزية والفرنسية، وفي عام 1921 تم تجديد المدرسة وإنشاؤها من جديد في نفس الشارع.