حكاية ”عمر أفندى” الذى حولته أناقته إلى ماركة عالمية فى الاقتصاد
عمر أفندى .. صيحة فى عالم النجاح والاستثمار على مدى سنوات طويلة، قصة نجاح يعود تاريخها إلى بداية عشرينيات القرن الماضي، حيث تمثل مجموعة المحلات التجارية التى كانت تعرض كل المنتجات التى تحتاج إليها الأسر المصرية –كما يقولون فى الأمثال-، من الإبرة للصاروخ، كانت لمجموعة عمر أفندى، التى لم تكن تحمل هذا الاسم فى البداية قصة غريبة وتكشف عن درجة وعى تجار الزمن الجميل الذين لم يعاصرون الثورة التكنولوجية الحالية، وكانت لديهم رؤى ثاقبة ويبحثون عن أى منفذ لإنجاح أنشطتهم، حتى وإن كلفهم ذلك مشاركة العاملين لديهم، وهو ما حدث بالفعل مع قصة عمر أفندى، حيث أنشأ “ريزدى باك”، يهودى الأصل محلا لبيع السجاد العجمى فى منطقة الصاغة بالحسين، وكان يعمل لديه رجل بسيط يسمى “عمر”، وكان عمر هذا فاتحة الخير على الخواجة، حيث نال حب كل من حوله لحسن تعامله معهم، ولأن عمر كان يرتدى ملابس الأفندية الأنيقة، لقبه زبائن المحل ورواده بـ “عمر أفندى”.
وفى هذه الفترة لاحظ “ريزدى باك” صاحب المحل حب الناس لـ “عمر” وطريقة جذبه للزبائن، فعرض عليه الشراكة بالاسم فقط فى محل تجارى كبير بوسط البلد وبالتحديد فى شارع عبد العزيز، فوافق “عمر أفندى” على الفور وكانت أولى فروع سلسلة محلات عمر أفندى التجارية، وبعدها توالت الفروع فى كافة أنحاء الجمهورية، حتى صدر قرار الزعيم جمال عبد الناصر بتأميم هذه الشركات.
وتشير المخطوطات التاريخية الخاصة بالشركة إلى أن أدولف أوروزدى، أوكل للمصمم المعمارى الشهير راؤول براندان مهمة تصميم المقر الرئيسى لتلك المحال فى شارع عبد العزيز عام ١٩٠٥ وهو الآخر برع فى تصميمه وزخرفته على الطراز الفرنسى المعروف بفن الركوكو، وهو فن يقوم على الزخرفة واستخدام مفردات الطبيعة، وكان قبل هذا المبنى العريق لا يستخدم إلا فى زخرفة الشقق والقصور الخاصة فقط.
وقام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميمها عام 1957 شهد عام 1967 تحويل شركة عمر أفندي بموجب القرار الجمهوري رقم 544 لسنة 1967 إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة، وحدد القرار للشركة الإتجار فى جميع أنواع السلع ووسائل النقل الخفيف والتصدير والاستيراد والوكالة التجارية والتصنيع الجزئي ولها الحق في المشاركة في تكوين شركات مصرية أو أجنبية تباشر نشاطها في الداخل أو الخارج وكذلك القيام بأى نشاط يتعلق بأغراض الشركة.استمرت الشركة في العمل إلى أن بدأت حكومة الرئيس حسني مبارك في الخصخصة الجزئية لفروعها، ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل أكثر من 140 شركة، وفي عهد الدكتور مختار خطاب وزير قطاع الأعمال العام عام 2004 قامت الوزارة بطرح فروع عمر أفندى للقطاع الخاص للمشاركة في إدارة فروع بالكامل مثل فرع الفيوم لصالح شركة النساجون الشرقيون وفرع الجامعة العمالية لصالح شركة الخزف والصيني وفرع 26 يوليو لصالح المركز المصري للهندسة والتجارة وكذلك فرع ثروت لشركة مصر إيطاليا للملابس الجاهزة “جوباي”، وفي عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع عمر أفندي لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه.
وأثار خصخصة الشركة العديد من الانتقادات، حيث كانت مبيعاتها السنوية تتراوح بين 360و380 مليون جنيه وهي تمثل 50% من حجم المبيعات التى كانت تحققها في السنوات السابقة، على الرغم من أن المستثمر السعودي تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة لـ 720 مليون جنيه في العام الثاني ثم مليار جنيه في العام الثالث و1.5 مليار جنيه في العام الرابع إلا أن النتائج جاءت عكسية حيث تراجعت مبيعات عام 2007/2006 لتصل إلى 180 مليون جنيه اى النصف، ثم 90 مليون جنيه في 2008/2007، و30 مليون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفراً في العام الرابع. ووفقاً للتصريحات الحكومية فإن المستثمر السعودي تعمد عدم تشغيل الشركة مما أدى إلى انهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية.
قبيل ثورة 25 يناير 2011، قضت محكمة القضاء الإداري بعودة الشركة مرة أخرى للدولة ممثلة في الشركة القومية للتشييد والتعمير. وبالرغم من ترحيب الشركة القومية للتشييد والتعمير بعودة عمر أفندي إلا أنها أكدت صعوبة تشغيلها نظراً لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى . حيث تحتاج عمر أفندي لضخ استثمارات تتجاوز قيمتها الـ 500 مليون جنيه على مدار الـ 4 سنوات للخروج من خانة الخسارة التى تعاني منها والتى بلغت نحو 830 مليون جنيه، منها 83 مليون جنيه للموردين، و160 مليون جنيه للبنوك.