”نسيب” .. ذكرى المعركة التى أنهت أسطورة الدولة العثمانية بأيدي مصرية
وقعت معركة نسيب بين الجيش المصرى والجيوش العثمانية وقد لقن فيها المصريون الأتراك درسا قاسيا فى كيفية إدارة المعارك الحربية ففر الأتراك تاركين وراءهم أسلحتهم وذخائرهم.
"نسيب" المدينة الواقعة على الحدود السورية التركية حاليا والتى كانت ضمن نطاق سوريا قبل معاهدة لوزان 1923 تلك البلدة الصغيرة التى شهدت على عظمة قائد القوات المصرية إبراهيم باشا والذى خرج بأمر من محمد على باشا والى مصر حيث سحق الجيش العثمانى والذى قاده حافظ عثمان باشا فى مثل هذا اليوم 24 يونيو عام 1839.
كانت نتيجة المعركة فوز المصريين وتراجع الأتراك مخلفين وراءهم ما يقرب من 160 مدفعا و20 ألف بندقية وذخائر وخسارة الأتراك لسوريا التى أصر محمد على على ضمها لمملكته المصرية أمام عناد الباب العالى العثمانى الذى سعى لاسترجاع سوريا فخسر ما يقرب من 4000 مقاتل وغرق ما يقرب من 12 ألف آخرين حاولوا الهرب عبر مرور نهر الفرات.
بفضل ذكاء ودهاء إبراهيم باشا تمكن من خوض عدة معارك فى مدن السودان والحجاز ونجد وفلسطين وسوريا وحرب المورة فى اليونان.
عقب هزيمة الأتراك تدخلت القوى الأوروبية لإحداث التوازن الإقليمى وتدمير أهداف محمد على التوسعية فجنحت للجانب العثمانى حيث أرسلت المملكة المتحدة والإمبراطورية النمساوية قوات وأساطيل بحرية عبر البحر المتوسط لقطع الطريق بين مصر من جهة والمواقع البحرية السورية والجيش المصرى هناك من جهة أخرى، وهو ما نحت فيه حتى أضطر إبراهيم باشا للعودة إلى مصر فبراير 1841م.
تعكس هذه الحرب حالة الانشقاق التي ضربت وحدة الدولة العثمانية مع مصر أكبر ولاياتها خلال القرن التاسع عشر والنابعة من وهن الدولة العثمانية والفارق في التطور مع ما أحدثه محمد علي في مصر مدنياً واقتصادياً وعسكرياً.
وكانت الرؤية السياسية بعيدة المدى التي امتاز بها محمد علي باشا عاملاً هاماً في نشأة الخلاف مع الخليفة العثماني الذي أعلن صراحة كرهه لمحمد علي.
استغل محمد علي باشا حالة الترهل الشديدة التي كانت عليها الدولة العثمانية وأيضاً حالة الانقسام الواضحة بين القوى الأوروبية وبعضها البعض واختلال نظرية التوازنات السياسية الإقليمية والدولية كما دل هذا الانتصار على التخطيط الاستراتيجي الناجح وتفوق القائد إبراهيم باشا على نظيره العثماني والمعزز بخبرات عسكرية من أوروبا للمساعدة بالإضافة إلى مهارته في القتال بجيشه على أراضي مختلفة وتضاريس مجهولة وتحت ظروف جوية معقدة.
هذا لم يكن محض المصادفة، فقد نمت مهارة القائد إبراهيم باشا ودرايته عبر خوضه معارك وفتوحات عديدة في كل من السودان والحجاز ونجد وفلسطين وسوريا وحرب المورة في اليونان.