ننشر نص كلمة الامين العام لجامعة الدول العربية بشأن أزمة ليبيا
أدان أحمد ابوالغيط امين عام الجامعة العربية جميع أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، وشدد على تمسك دول الجامعة بالرفض المطلق لأي حلول عسكرية للوضع في ليبيا، بالحفاظ على سيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية
وألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة أمام إجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية حول تطورات الأوضاع في ليبيا.
وجاء نص كلمة كالتالى: "معالي السيد يوسف بن علوي – الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطنة عمان.. معالي وزراء الخارجية والسيدات والسادة رؤساء الوفود .. نجتمع اليوم وليبيا تمر بمنعطف خطير للغاية في مسار الصراع الذي يمزق هذا البلد العربي الهام ... هذا الصراع الذي يتحمل الشعب الليبي تداعياته الجسيمة منذ أعوام دون توقف، والذي باتت تطوراته تبعدنا كل البعد عن هدف التسوية السلمية المتكاملة للوضع في البلاد، وتمثل أبعاده تهديدًا لسلامة ووحدة أراضي الدولة الليبية وأمن واستقرار دول الجوار المباشر ومنظومة الأمن القومي العربي ككل.
لقد تابعنا، بقدر بالغ من القلق والاستنكار، التدويل المتزايد المرفوض للأزمة الليبية، مع تفاقم التدخلات العسكرية الأجنبية المكشوفة في الصراع، والخروقات المتكررة والمعلنة لحظر السلاح على كافة الاتجاهات، والاستقدام المنهجي للمرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ساحة المعركة ... وهو ما جعل من ليبيا مسرحًا آخر – وبامتياز – للتدخل الخارجي والاستهداف الإقليمي لإحدى الدول الأعضاء في جامعتنا العربية.
كما نعلم جميعًا التعقيدات الداخلية المترابطة التي تخيم على المشهد الليبي ... وندرك تمامًا دقة المرحلة التي تمر بها ليبيا وتلك التي تقف جامعة الدول العربية أمامها، مع تفاقم العمليات العسكرية المتلاحقة التي شهدتها البلاد، والحشد العسكري المتبادل القائم حاليًا وخاصة حول سرت، والخطاب السياسي المتشدد المصاحب.
ورغم كل هذه التعقيدات، وتلك الأجواء، فإنني أقدر صادقًا أن هناك جملة من الثوابت التي لايزال المجلس يتشبث بها، ومستجدات أخرى يمكن أن يتلاقى حولها، وفي مقدمتها:
أولًا: إننا نتمسك بالحفاظ على سيادة واستقلال دولة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية على طول الخط ... ونقف بقوة في رفضنا لأية أصوات – داخل البلاد أو خارجها – تدعو إلى الانشقاق أو الافتراق، وأية مخططات – محلية كانت أم أجنبية – لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ وإحداث شرخ دائم في النسيج المجتمعي الليبي.
ثانيًا: إننا ندين كافة أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في هذا البلد العربي، وقرارات مجلس الجامعة واضحة وثابتة في هذا الخصوص، وهي أكثر وضوحًا فيما يخص التدخلات الإقليمية الأوسع في الشئون الداخلية للدول العربية؛ كما نتمسك برفضنا المطلق لأية حلول عسكرية للوضع الليبي ... فلن يحقق الخيار العسكري انتصارًا لأي طرف، ولن يحقق العمل العسكري سلامًا أو يُرسي استقرارًا على كامل التراب الليبي.
ثالثًا: لقد أجمعنا على أنه لا سبيل سوى الحل السياسي الشامل لتسوية الأزمة الليبية بكافة جوانبها، وبشكل يعالج جذور الأسباب التي ساهمت في إذكاء الصراع وتعميق الخلاف ... وذلك عبر عملية سياسية جامعة، بمساراتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، تحت الرعاية الأصيلة للأمم المتحدة، على النحو الذي تؤكد عليه قرارات الجامعة، وتوافقت عليه الأطراف المشاركة في مسار برلين، واعتمده مجلس الأمن.
رابعًا: إن الهدف المباشر الذي يجب أن نسعي إليه، كما سعينا دائمًا منذ أبريل 2019 ، هو إيقاف القتال وخفض حالة التصعيد العسكري الخطيرة في الميدان، والتوصل إلى تهدئة فورية على كافة خطوط المواجهة وخاصة حول سرت، ومن ثم تمكين الأطراف الليبية من تجديد انخراطها في مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي ترعاها البعثة الأممية للوصول إلى اتفاق رسمي وشامل ودائم لوقف إطلاق النار في كافة أرجاء البلاد.
خامسًا: إن أية ترتيبات لوقف إطلاق النار لن تنجح أو تصمد طويلًا على الأرض ما لم تكن مصحوبة بالتزامات وأحكام واضحة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وتفكيك وتسريح الميليشيات المسلحة التي تعمل كلها خارج سلطة الدولة، والحيلولة دون استمرار التدخلات العسكرية الأجنبية التي لا تهدف إلا لتحقيق أطماع ومصالح القائمين عليها.
سادسًا: إننا نثمن عاليًا أي جهد، وبالذات عندما يكون عربيًا، لاستئناف الحوار السياسي الجاد بين الأشقاء الليبيين، طالما أن ذلك يرتكز على إطلاق عملية سياسية وطنية خالصة، يقودها الليبيون أنفسهم، وترعاها الأمم المتحدة؛ فهناك مقترحات بناءة ومفصلة تضمنها إعلان القاهرة، الذي لقي ترحيبًا عربيًا وإقليميًا ودوليًا واسعًا؛ وهناك إسهام مقدر يتم عبر آليتي دول الجوار الثلاثية والموسعة؛ كما أن الجامعة العربية نفسها قطعت شوطًا طويلًا في عملها المتناسق والتكاملي ضمن المجموعة الرباعية مع الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي، وتتولى الجامعة حاليًا الرئاسة المشتركة للجنة المتابعة الدولية التي تعمل على تأمين الالتزام بخلاصات مؤتمر برلين ووحدة الجهود الدولية دعمًا للسلام في ليبيا ومساندةُ لعمل البعثة الأممية.
وتابع ابو الغيط، قائلا: "السيد الرئيس، هذه كلها ثوابت أثق في أن المجلس سيُبقي على توافقه بشأنها ... ومستجدات آمل أن تتلاقى وجهات نظر الدول الأعضاء حولها؛ فالوضع الذي نراه حاليًا جد خطير، وهو مرشح للاشتعال بشكل أكثر خطورة، ومن ثم فإننا لا نملك رفاهية مجرد متابعة ما يحدث أو التداول بشأنه بطريقة اعتيادية، إذ أن الأمر يستلزم معالجة عربية أكثر قوة، وإرادة سياسية صادقة تجتمع عليها كافة الدول الأعضاء دون استثناء ... لتمكين الجامعة من الاضطلاع بمسئولياتها كاملة، والحفاظ على البلاد من التدخلات والأطماع الأجنبية، ومن ثم اخراجها من دوامة الاقتتال والانشقاق والاضطراب بالشكل الذي يستحقه وينشده الشبعب الليبي"
وعقدت جامعة الدول العربية يوم الاثنين اجتماعا على الإنترنت للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا لمناقشة الأزمة الليبية.
وترأس الاجتماع جامعة الدول العربية ، ممثلة بالأمين العام المساعد حسام زكي، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) ، ممثلة بالممثلة الخاصة بالنيابة للأمين العام ستيفاني وليامز.
والاجتماع هو الثالث الذي تعقده IFCL منذ تأسيسها بعد مؤتمر برلين في فبراير. تم تشكيل اللجنة لمعالجة تنفيذ الالتزامات والأهداف المنصوص عليها في قرارات المؤتمر.
استعرض المشاركون التقدم المحرز في تنفيذ استنتاجات مؤتمر برلين المنعقد في يناير ، وجهود المنتدى الدولي للحريات الإنسانية لدعم حل شامل ودائم وسلمي بقيادة ليبيا ، تحت رعاية الأمم المتحدة ، يحافظ على السيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية.
كما رحبوا بالتقدم الذي أحرزته الأفرقة العاملة الفنية المواضيعية الأربعة التابعة للمنتدى الدولي المعني بالسلامة الكيميائية في معالجة قضايا الأمن والسياسة السياسية والاقتصادية والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان ، في متابعة وتنفيذ نتائج مؤتمر برلين.