نجوم برعوا فى تقديم أدوار ”الشر” ولا يعرفهم أحد
ذاكرة السينما مليئة بمواهب ربما لا نعرف أسمائهم ولا يهتم بعضنا بذلك، لكن من المؤكد أننا نستمتع بأدائهم على الشاشة، ونتذكر مشاهدهم القليلة، ولا نمل من مشاهدتهم، إنهم فنانو الأدوار الثانوية، فبدونهم لا يكتمل نجاح أى عمل فنى، ومثلما قال عنهم الفنان الراحل رشدى أباظة هم طبق السلطة الشهى على مائدة الفن، ورغم أنهم لم ينالوا حظهم من النجومية والشهرة كغيرهم من نجوم الصف الأول والثانى، إلا أنهم بأدائهم الصادق وتفانيهم فى العمل نالوا محبة الجمهور، وتركوا بصمة خاصة فى تاريخ السينما المصرية.
عندما نتذكر أدوار الشر فى السينما، دائما ما يتبادر إلى أذهاننا محمود المليجى، توفيق الدقن أو استيفان روستى وغيرهما من العمالقة الذين جسدوا أعظم أدوار الشر، ولكن إلى جانب هؤلاء كان هناك ممثل تخصص فى أدوار الشر وهو طوسون معتمد، وهو واحد من أشهر كومبارسات السينما المصرية، والذى اشتهر بلعب دور أحد أفراد العصابة أو الذراع الأيمن لها.
اشترك طوسون معتمد فى العديد من الأفلام العظيمة مثل "الأرض، باب الحديد، دعاء الكروان"، كما ظهر مع الزعيم عادل إمام فى العديد من الأفلام منها "خمسة باب، المتسول، عصابة حمادة وتوتو، واحدة بواحدة، حب فى الزنزانة".
"الشرير خفيف الظل"، محمد الديب، وهو أحد الفنانين الذين تميزوا بتقديم أدوار الشر بخفة ظل، مما يجعلك تحبه بدلا من أن تكرهه، كانت بدايته مع الفنان نجيب الريحانى، حيث انضم لفرقته وقدم معه معظم مسرحياته، بعد وفاته استمر فى الفرقة، ثم انتقل للعمل مع أمين الهنيدى فى المسرح، أما فى السينما فقدم العشرات من الأفلام، وتنوعت أدواره بين الكوميديا والشر، ومن أهم أفلامه "أبو حلموس، الحب كده، العتبة الخضراء و الأستاذة فاطمة".
ورغم صغر أدواره فى السينما والمسرح، إلا أنه ترك بصمة لا تنسى، مما جعل الدولة تكرمه فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وقد تزوج الديب من الفنانة جمالات زايد، حيث تعرف عليها أثناء عملهما سوياً فى مسرح الريحانى.
"بواب السينما المصرية"، عبد الغنى النجدى، الذي عندما تراه على الشاشة لا تملك إلا أن تبتسم، فهو مع مشاهده القليلة التى لا تتعدى مشهدين أو ثلاثة فى الفيلم الواحد يترك بصمة تجعلك لا يمكن أن تنساه، واشتهر بأداء دور البواب والخادم والعسكرى والقروى خفيف الظل، حيث تميز بتلقائيته الشديدة وأداءه البسيط لجميع أدواره، فمن منا ينسى دور الخادم الذى يحمل صينية الديك الرومى فى "بين السماء والأرض" أو شخصية عوكل فى فيلم "الفانوس السحرى" والذى كان يردد فيه جميلة شهيرة وهى "مشتاقين أوى يا دميل"، بالإضافة لأدواره المتميزة مع إسماعيل يس فى العديد من الأفلام مثل "إسماعيل يس فى الأسطول، إسماعيل يس فى البوليس، العتبة الخضراء، لوكاندة المفاجآت، عفريتة إسماعيل يس".
ولم يكن النجدى ممثلا فقط، إذ كتب السيناريو والحوار للعديد من الأفلام لعل أشهرها" أجازة بالعافية"، كما كان يؤلف النكات ويبيعها لكبار نجوم الكوميديا مثل إسماعيل يس و محمود شكوكو، وكان يبيع النكتة بجنيه.
تزوج النجدى من المطربة بديعة صادق وأنجب منها ولد وحيد "خالد" قبل ان ينفصل عنها، وبعد مشوار طويل مع الفن تعدى 100 فيلم توفى عام 1980 عن عمر يناهز 65 عاما، ولكن تظل أدواره الصغيرة ومشاهده البسيطة علامة فى تاريخ السينما.
"رجل العصابات"، محسن حسنين، وهو أحد نجوم الشر فى أفلام الخمسينات والستينات من القرن الماضى، حيث اشتهر بأداء دور أحد أفراد العصابة فى الكثير من الأفلام، وساعدته ملامحه الحادة وأدائه الصادق على التميز فى هذه النوعية من الأدوار، ومن أشهر الأفلام التى شارك فيها" الرجل المجهول، الخروج من الجنة، أدهم الشرقاوى، المجانين فى نعيم، الجريمة الضاحكة"، وبالإضافة لأدوار الشر قدم أيضا العديد من الأدوار الكوميدية لعل أبرزها دوره فى فيلم "أجازة نصف السنة"، وقد تعدت الأفلام التى شارك فيها 150 فيلماً لعب فيها أدواراً صغيرة ولكنها مهمة ومؤثرة.
"السفرجى طيب القلب"، محمد كامل، وهو أشهر من قدم دور السفرجى طيب القلب، حيث تميز فى هذه النوعية من الأدوار، وقدمها ببساطة وتلقائية وخفة ظل، مما جعل المخرجين يحبسونه فى هذا النمط من الأدوار، فمن ينسى دور مرجان السفرجى الطيب فى فيلم "قلبى دليلى" أو دور كبريت الخادم الأسمر الذى ساعد آمال الفتاة المظلومة حتى تحصل على حقها فى فيلم أمال، ومن أبرز أفلامه الآخرى "الزوجة السابعة، سلامة فى خير، غرام وانتقام، القلب له واحد".
فى الثنائية الرائعة التى أداها رشدى أباظة و لبنى عبد العزيز فى فيلم "آه من حواء" برز شخص ثالث استطاع أن يخطف الأنظار بخفة دمه وأداءه الذى من الممكن وصفه بلفظ السهل الممتنع، إنه زنفل أو الفنان حسين إسماعيل الذى برع فى أداء الأدوار الثانوية ببساطة وخفة دم، ولا ننسى أيضا دوره فى فيلم "مراتى مدير عام" حيث قدم دور الساعى بحرفية شديدة، وأضفى جواً من البهجة على الفيلم، ومن أشهر أفلامه الآخرى "شنبو فى المصيدة، معبودة الجماهير، الزوج العازب، الشياطين الثلاثة، أغلى من حياتى".
"المعلم الشرير"، عبد المنعم إسماعيل، شقيق الفنان حسين إسماعيل، حيث تخصص مثله فى الأدوار الثانوية، وإن كان اختلفا فى طبيعة الأدوار، فإذا كانت أدوار حسين مالت نحو الكوميديا، فإن أدوار شقيقه مالت للشر، حيث قدم فى معظم أفلامه دور المعلم أو ابن البلد، ومن أهم أدواره التى لا تنسى، دور التاجر الثرى الذى يريد الزواج بطعمة التى تجسد دورها هند رستم فى فيلم "إسماعيل يس فى مستشفى المجانين"، بالإضافة للعديد من الأدوار المتميزة فى أفلام مثل "فيروز هانم، إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة، خان الخليلى".
"المخبر"، مطاوع عويس، أحد أشهر الكومبارسات فى السينما المصرية، حيث اشترك فى العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية منذ خمسينات القرن الماضى وحتى السنوات القليلة الماضية، وتنوعت أدواره فى تلك الأعمال ما بين ابن البلد أو تاجر خضار وفاكهة أو فتوة أو رجل صعيدى، وإن كان تميز بشكل كبير فى دور المخبر، ومن أشهر أفلامه "صراع فى الميناء، سلطان، حماتى ملاك، الرجل الذى فقد ظله، الرصاصة لاتزال فى جيبى".
"خواجة السينما المصرية"، ادمون تويما، فهو أشهر من قدم دور الخواجة أو الجواهرجى، وبلكنته المميزة وأدائه الراقى استطاع أن يقتحم قلوب المشاهدين، وعلى الرغم من أن دوره فى أى عمل لم يكن يتعدى مشهدين أو ثلاثة، إلا أنه أبدع وترك بصمة رغم تلك المشاهد القليلة.
ولد ادمون تويما واسمه الحقيقى يوسف ادمون سليم تويما عام 1897 لأسرة لبنانية تقيم فى مصر، وتلقى تعليمه فى مدارس فرنسية بالقاهرة، وأجاد اللغة الفرنسية إجادة تامة، لدرجة أنها أثرت فى لغته العربية كتابة وقراءة ونطقاً.
كانت بداية تويما فى مجال الفن من خلال مسرح رمسيس، حيث كان يقوم بتمثيل دور الشاب الأجنبى ، ولم يكتف بالتمثيل فقط، إذ كان يقوم بالاطلاع على المسرحيات العالمية، ويقوم بترشيحها للترجمة أو التمصير أو الاقتباس ، كما كان يسافر لفرنسا لمشاهدة العروض المسرحية الجديدة التى تقدم على مسارحها، ويعود حاملاً النصوص المسرحية لتقدم على مسارحنا باللغة العربية، وفى السينما اقتصرت أدواره على تقديم دور الخواجة أو الجواهرجى أو مدرس لغة أجنبية، ومن أفلامه العتبة الخضراء، صاحب الجلالة، نادية و شارع الحب، وامتدت موهبة تويما ليقوم بالتأليف أيضاً ، ولا يعرف الكثيرون أنه مؤلف قصة فيلم نشيد الأمل لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم عام 1937، وبعيدا عن التمثيل والتأليف، كان تويما يقوم بتدريس اللفة الفرنسية للعديد من الفنين والفنانات نتيجة لإجادته التامة لها ، وقد استمر مشواره فى الحقل الفنى لأكثر من 50 عاماً حتى توفى عام 1975.