لأول مرة.. الملف الكامل لاستيلاء ”الأديرة” على أراضى الدولة

أرشيفية
أرشيفية

بدأت أجهزة محافظة المنيا خوض معركة لاسترداد أراضي الدولة المنهوبة، بعد أن عانت كثيراً من استيلاء المئات عليها لسنوات طويلة، فما بين سطوة العربان، واستيلاء الأديرة على مساحات شاسعة وقيام بعض المواطنين بإنشاء شركات ومزارع وهمية، فقدت المحافظة ما يزيد عن نصف مليون فدان من أملاكها، وبدأت الآن في محاولات استردادها مرة أخرى.
أبرز التساؤلات التي أطلقها المواطنون هي كيفية التعامل مع بعض الملفات الشائكة، وعلى رأسها أراضي دير أبو فانا بالظهير الصحراوي الغربي بزمام مركز ملوي، وهو صاحب الواقعة الأشهر منذ 9 أعوام تقريباً، عندما اكتشفت المحافظة استيلاء الدير على ما يقرب من 1000 فدان بالصحراء، وحاول الدكتور أحمد ضياء الدين المحافظ الأسبق فتح هذا الملف المسكوت عنه، وخاض معارك غير أنه اصطدم بالكنيسة.
وفي عام 2008 نشب صراع بين عدد من العربان بمنطقة قصر هور ورهبان الدير بسبب نزاع علي مساحات شاسعة قدرت حينها بما يقرب من 1000 فدان، وكل فريق كان يرى أنها من حقه حتى تحول الأمر إلى صراع مسلح انتهى بإصابة أربعة رهبان بطلقات نارية، وفي شهر يونيو من نفس العام تشكلت لجنة من كبار مفتشي الآثار ومديرية المساحة وجهاز حماية أملاك الدولة والمحافظة، كانت مهمتها بيان حدود ومعالم منطقة دير أبوفانا الأثرى والحرم المخصص له ومساحته، على أن يكون التحديد نهائياً، وذلك لحسم النزاع حول مساحات الأراضى المتنازع عليها بين رهبان الدير وعرب قصر هور فى القضية رقم 3128 لسنة 2008 إداري مركز ملوى.
وفي 18 يونيو من عام 2008 شكل الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا وقتها، لجنة أخرى تضم ممثلى هيئة الآثار والتنمية الزراعية والأملاك والوحدة المحلية لترسيم الحدود الطبيعية لمحيط الدير الأثري، وبحث إمكانية بناء السور عليها، والتأكد من وجود زراعات جادة يكون قد تم زراعتها، إلا أن اللجنة حررت محضراً بنقطة شرطة هور لاعتراض الرهبان والعاملين بالدير عمل اللجنة، ولم يتم الإعلان عن الوضع الحالي حتى الآن، وكيفية التعامل مع هذا الدير مرة أخرى.
في ذات السياق نجد دير الأنبا صموائيل بالظهير الصحراوي الغربي بمركز العدوه شمال المحافظ، والذي أكدت مصادر عن استيلاءه على ما يزيد عن 300 فدان، وفي انتظار التقدم للتقنين في حالة جدية زراعتها، بينما يتم سحب الأراضي اذا لم تكن مزروعه، وفقا لتعليمات الرئيس.
من جانب آخر قام أيوب يوسف راعي كنيسة ماري جرجس للأقباط الكاثوليك بقرية دلجا بإضراب أمام ديوان عام محافظة المنيا نهاية الأسبوع الماضي، اتهم فيها لجنة استرداد الأراضي بالعشوائية في العمل، وقال "وضعت يدي على مساحة فدانين، أقوم بزراعتها بالظهير الصحراوي الغربي منذ 3 أعوام تقريباً، وكلفني استصلاحها ما يزيد عن 300 ألف جنيه، وتقدمت بطلب لتقنينها في 31 يوليو عام 2016 ، وبالفعل دفعت الرسوم للجنة استرداد الأراضي بالقاهرة، إلا أنني فوجئت بالوحدات المحلية لمركز ديرمواس تزيل كافة الزراعات رغم وجود كافة المستندات لدي.
وتساءل يوسف: لمصلحة من يتم تدمير الأراضي المزروعة، رغم أن التعليمات واضحة بعدم سحب أي أراضي مزروعة خاصة إذا كان أصحابها جادين في التقنين، مطالباً محافظ المنيا بإنهاء أزمته وعودة الأرض له مرة أخرى.
من جانب آخر كشفت غرفة عمليات محافظة المنيا، والتي تم تشكيلها لمتابعة إزالة التعديات على أراضي أملاك الدولة، عن حجم التعديات الفعلي على مستوى مراكز المحافظة التسع، إذ بلغت 23771 ألف حالة تعدي على مساحة قدرها ( 547734) ألف فدان، وتمكنت الأجهزة الأمنية في أول أربعة أيام من ازالة 2468 حالة تعد على مساحة 103 ألف و309 فدان.
وقال اللواء عصام البديوى محافظ المنيا، إن التعديات وجدت بالظهيرين الصحراوي الشرقي والغربي ، وشرق وغرب النيل ، وأنه يوجد حوالي 150 ألف فدان عليها تعديات ضمن أراضي المشروع القومي "المليون ونصف فدان" ، إلى جانب 50 ألف فدان أخرى بمنطقة شرق النيل ، ومناطق أخرى جاري حصرها والكشف عنها، ووجه "البديوي" بالبدء في سحب الأراضي المتعدى عليها بوضع اليد، وتقنين أوضاع المساحات المزروعة منها، مقابل تحصيل حق الدولة بشكل فوري، وذلك تنفيذا لتكليفات الرئيس، و ضرورة إعطاء ملف حصر أراضي الدولة الأولوية القصوى وإعادة هيبة الدولة باستعادتها كافة أراضيها وتنمية مواردها المهدرة من إعادة تقييم الأراضي التي تم طرحها للاستزراع أو الاستثمار.
وأضاف المحافظ أن مسألة تقنين أوضاع تلك الأراضي أمر لابد منه، وسيتم التعامل معها بشكل قانوني، من خلال تحديد الأنشطة المخصصة لكل قطعة، وتحديد ثمنها، وتحصيل ثمن الأراضي، ونزع الأراضي من المستغلين لها دون النظر لمسألة التقنين، فتقنين الأوضاع يكون للمستحقين فقط، فإذا كان واضع اليد جاد وأنفق على الأرض لزراعتها مثل دق الآبار والزراعة فسوف يتم تقنين وضعه، من خلال تثمين الأرض وتحصيل حق الدولة، وفي حالة الرفض سيتم الرفع والإزالة، أما من يقوم بتسقيعها فسوف يتم سحبها فورًا، بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وأن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية استقبلت العديد من طلبات التقنين من واضعي اليد وسيتم تسليم تلك الطلبات للمحافظة للبدء في إجراءات التقنين فورا.
وعلى الجانب الآخر سيطرت حالة من الغضب على المواطنين، عقب إعلان المحافظة عن بدء تقنين أراضي الظهير الصحراوي الغربي، والتي تم تقديرها بمعرفة لجان التثمين بالهيئة العامة للخدمات الحكومية بالتنسيق مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ( بيع ـ مقابل انتفاع ) تنفيذاً لقرارات اللجنة الرئيسية لاسترداد أراضي الدولة ومستحقاتها.
إذ تحددت أسعار الأراضي الزراعية والمجهزة للزراعة للبيع وفقاً لكل مركز بمبالغ 53 ألف جنيه للفدان بالعدوة و52 ألفاً جنيه بمركز مغاغة، و48 ألفاً ببني مزار، و49 ألفاً بمطاي و50 ألفاً بسمالوط و52 ألفاً بالمنيا و49 ألفاً بأبوقرقاص و46 ألفاً بملوي و45 ألفاً بمركز ديرمواس، على أن يتم دفع 25% كمقدم والباقي يقسم على أربع سنوات طبقاً لفائدة البنك المركزي السائدة، وبالنسبة للأرض البور يتم سداد 10 ألاف جنيه إضافة إلى 2000 جنيه عن السنة الجديدة لمدة عام لإعطاء مهلة لواضع اليد لزراعة الأرض.
وتم البدء في تلقي طلبات المواطنين واضعي اليد الراغبين في تقنين أوضاع الأراضى التي يشغلونها، تنفيذاً لقرار لجنة استرداد أراضى الدولة المشكلة بالقرار الجمهوري رقم 75 لسنة 2016.
ووصف النائب سيد ابو بريدعة عضو مجلس النواب عن دائرة مركز المنيا، وعضو لجنة الشئون الدستورية بالمجلس، أسعار التثمين بالعشوائية وغير المدروسة، وقال إن ما أعلنته المحافظة عن تقنين الأراضي بهذه الأسعار، يعد ظلماً كبيراً وعكس ما نص عليه الدستور والقوانين بتسهيل مهام المواطنين والسعي نحو التعمير والتنمية، مؤكداً أنه تقدم بطلبات إحاطة لوزير الزراعة واللجنة العامة لاسترداد أراضي الدولة، بسرعة التراجع عن الأسعار وتخفيضها.
وأضاف أن الظهير الصحراوي الغربي بالمنيا يعد ثروة قومية كبيرة للمحافظة طال انتظار استغلالها، لكن اللجان التي ثمنت الأراضي غير مختصة - بحسب تعبيره - ، كما لم تراعي توزيعة الأراضي المميزة عن الأخرى التي تقع في أعماق كبيرة داخل الصحراء .
وأكد عضو مجلس النواب أن واضعي اليد من العرب قاموا ببيع مساحات شاسعة من هذه الأراضي عدة مرات لعدد كبير من المواطنين، وحصلوا على مئات الملايين، ويجب تقدير هذا عند التعامل مع المواطنين، موضحاً أنه تعرض لمثل تلك المؤامرات قبل أن يصبح نائبًا.
يذكر أن حالة من الجدل شهدتها محافظة المنيا مؤخرا بعد الإطاحة بالمهندس أحمد عبد الله، رئيس مركز سمالوط، منذ أسبوعين تقريباً، والذي أعلن عقب نقله للديوان العام للمحافظة، أنه اكتشف تلاعباً في محاضر وبراءات وعقود تسهل الاستيلاء علي الأراضي الزراعية وأملاك الدولة وأعمال الهدم والبناء، وكذا تعديات علي أملاك الري ونهر النيل، وأراضي صادر لها قرارات تخصيص لمدارس.
واتهم "عبد الله" بعض رؤساء القري بسمالوط، بعد أيام فقط من توليه مهام عمله بالتستر علي ممارسات فساد بالجملة، منها تسهيل الاستيلاء ووضع اليد علي أراضي صحراوية، ومازالت التحقيقات سارية.
تم نسخ الرابط