الموجز
رئيس التحريرياسر بركات
الأحد 7 يوليو 2024 09:27 صـ 1 محرّم 1446 هـ
أهم الأخبار

رئيس الوزراء يلقي محاضرة حول مستقبل مصر

شرف
شرف
افتتح رئيس وزارء مصر الأسبق الدكتور عصام شرف، "مؤسسة الغد المشرق للعلوم والآداب" المشهرة برقم 10410 -5/1/2017، والتي تنطلق رؤيتها لبناء إنسان واعٍ مسؤل ومبدع، ومن ثم تسعى للقيام بدور ثقافي وفني للنهوض بالمجتمع، وتستهدف رعاية المواهب الفنية والأدبية وتنميتها، ونشر الثقافة من خلال الندوات الأدبية والفنية وإقامة المؤتمرات، وتقديم الاستشارات الأسرية، وتشجيع الأسر المنتجة، وتقديم الدعم المعنوي، ودعم القدرات التعليمية للطلاب بالمراحل المختلفة، كما تستهدف تنمية الانتماء والتواصل المجتمعي، وصقل المعارف والمهارات المهنية بورش عمل متميزة، وأيضا تنمية القدرات اللغوية والتكنولوجية، وتسعى المؤسسة أن تكون رائدة للعمل الوطني ونموذجًا لمنظمات المجتمع المدني الهادفة، وفي بداية اللقاء أوضحت الدكتورة أماني عبد الله الشريف الأستاذ بكلية الصيدلة جامعة الأزهر وأمين عام مؤسسة الغد المشرق للعلوم والآداب أن دور المؤسسة ينصب في المقام الأول على بث روح الأمل والتفاؤل والتنمية بالعمل والفكر المستنير، وأضافت أن المشروع التنويري الثقافي ذا البعد الاجتماعي بالتوازي مع المشاريع الاقتصادية هو ما تحتاجه مصر في هذه الأيام، ومن ثم تأتي محاضرة معالي الأستاذ الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق ليرسم لنا معالم على الطريق.
وألقى الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق محاضرة دارت حول مستقبل الوطن، استهل بها افتتاح الموسم الثقافي للمؤسسة عن التحديات التي تواحه الوطن وسبل مواجهتها، بحضور لفيف من قيادات العمل النسوي المجتمعي، وعدد من شباب الأكاديميين والمهتمين بالشأن العام، يتقدمهم رئيس مجلس إدار المؤسسسة صفاء أحمد رزق، والدكتورة أماني أمين عثمان أمين الصندوق، والكاتب الصحفي عبد الرحمن هاشم رئيس بوابة تحيا مصر، والكاتبة رحاب رجائي، وعدد كبير من الباحثين والأدباء والمثقفين وقادة العمل الأهلي.
ودعا رئيس وزراء مصر الأسبق إلى ضرورة العمل الجاد المتواصل من أجل الخروج بالوطن من عنق الزجاجة إلى آفاق التقدم والرقي، وأكد على ضرورة تقوية الوطن من الداخل، لأنه من المهم أن ندخل السباق ونحن أقوياء؛ لأن أساس قوة المجتمع تكمن في الالتفاف حول الوطن، والوطن يعني تعناق الثقافات والأيديولوجيات بين (المسلم ـ المسيحي ...إلخ) وإلا تاه البشر وضاع البشر، لافتا إلى أن النجاة دائما تكمن في الالتفات حول قاسم مشترك واحد هو الوطن، ومن ثم فإن قوة المجتمع هي حاصل ضرب ثلاثة أنواع من رأس المال (المالي، والفكري، والاجتماعي)، مؤكدا أنه مهما بلغت قوة المجتمعات المالية والفكرية فإن ذلك لن يغنيها عن القوة المجتمعية أو رأس المال الاجتماعي أو الداخل القوي.
وحذر الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق من الانغلاق أو الإنكفاء على الذات قائلا: إذا ما لاحظت انغلاقًا عائليَّا في مجتمع ما، أو فقدان الثقة بين أفراده، وتزامن ذلك مع غياب احترام القانون، فإن الداخل سيكون ضعيفًا، والسبب هو ضعف رأس المال الاجتماعي، ومن هنا يأتي دور المؤسسات الثقافية لتقوية اللُّحمة الوطنية والنسيج الوطني، وأكد أن العلاقات والروابط الاجتماعية الطيبة تحمي الأوطان وتحمي البشر وتحمي الثروات، والمطلوب من الشخص أن يؤمن بذاته ويحترم ذات الآخر المختلف معه ويثق فيه، ونبه إلى أن سيادة القانون إضافة إلى رأس المال الاجتماعي يساوي مجتمعًا قويًّا، ولعودة رأس المال الاجتماعي إلى قوته فنحن في حاجة إلى مشروع تنويري ثقافي ذي بعد اجتماعي يُنفَق عليه جيدًا ويكون له الأولوية المطلقة، لافتا إلى أن المستقبل صناعة إنسانية بينما الغيب هو علم الله الذي اختص بمعرفته، فالمستقبل ليس زمنًا ننتظره ولكنه واقع نصنعه بإذن الله تعالى.
وطالب رئيس وزراء مصر الأسبق أن نكون أصحاب عقل حالم، لأن الخيال أهم من المعرفة، فالخيال صندوق كبير يحتوي المستقبل، وبقدر قوة خيالنا سيكون مستقبلنا، لذلك فإن التفكير يُحرك العلم، والعلم يُحرك الإنتاج، والانتاج يُحرك الحضارة، وهكذا فإن التفكير (خيال - تدبر - تساؤل) ينتج عنه العلم (معرفة - اكتشاف - اختراع) الذي يؤدي إلى الإنتاج (سلع - خدمات - فكر) الذي يصل بنا إلى الحضارة (عمران المبنى والمعنى)، وإذا ما وجدت مشكلة مجتمعية فلابد أن تكون هناك مشكلة في التفكير، ومن ثم في العلم، وبالتالي في الإنتاج، ودائما أقول: لا يصح أن نقول (مُنتَج سيىء) بفتح التاء، ولكن الصواب هو (مُنتِج سيىء) بكسر التاء، وأي منتج هو نتيجة تفاعل بين الإنسان والمادة والزمن، وهذا (التفاعل) هو ما نسميه بالعلم الذي هو نتاج تفعيل العقل (التفكير)، ولهذا حين فكرّنا واستخدمنا العلم في مادة الرمل الأبيض أنتجنا الكرستال، وقل مثل ذلك في الشمس، واليورانيوم، والماء المالح، بينما لو قعدنا عن التفكير لما كانت هناك طاقة شمسية، ولا طاقة نووية، ولا إنترنت، ولا تحلية مياه.
وأكد الدكتور عصام شرف أهمية العلم للأمن القومي مشيرًا إلى أنك لو لم تسبق إليه سيسبقك غيرك إليه، ولات حين مناص، وكل زمن له عقله، والعقل الجمعي الآن يختلف عن العقل الجمعي لسنة 1960 على سبيل المثال. وبالنسبة للإنتاج لابد أن يحمل معنى، وهو ما أقصده بالترابط بين المبنى والمعنى، فمهما أحسنتَ بناء المستشفى وجهزته بأحدث الأجهزة، فهذا لن يغني عن تقديم العلاج، والإنسان ذو الخلق الحسن عند "الخوارزمي" يساوي واحدًا، فإذا ما أضفت إليه الجمال فضع صفرًا أمام الواحد، وإذا أضيف إلى الخُلق والجمال المال فضع صفرًا آخر، وإذا ما أضفت إليه النَّسب والحسب فضع صفرًا ثالثًا حتى يصبح قيمته ألفًا، لكن إذا ما ذهب العدد واحد (الخُلُق) ذهبت بتلقائية قيمة الأصفار (الجمال والمال والحسب).
وحذر من العولمة الحالية مؤكدًا أنها لو استمرت على ما هي عليه فسنكتب عن قريب شهادة وفاة الحضارة الإنسانية، ونبه إلى أن الألم مرتبط بالأمل وهو في الحقيقة محفز للتحدي والعمل والنجاة.
وفي نهاية المحاضرة تحدث عصام شرف عن الرومانسية حديثًا مبتكرًا، فقال: إن الرومانسية لا تُحسب ولا تدار، بل هي الإيثار والعطاء الذي لا ينتظر الرد أو المقابل، وتتمثل في أكمل حالتها في الأبوة والأمومة والوطن، فالأم تموت وتبقى الأمومة، والأب يموت وتبقى الأبوة، والناس يموتون ويبقى الوطن، ومن ثم فإن المطلوب هو إرساء وتكريس حالة الرومانسية الوطنية على أفعالنا وأشخاصنا، لافتا أن الخطوة الأولى في مشروعنا التنويري الثقافي ذي البعد الاجتماعي هو أن نوضح التحدي العولمي الذي نعيش فيه والذي يجب أن نكون أقوياء في هويتنا وفي لُحمتنا لمواجهته.
nawy