”شباب محمد”.. سر الحركة الإخوانية التى انقلبت على قيادات الجماعة

الموجز
>> أسسها الشيخ حافظ سلامة زعيم المقاومة الشعبية فى السويس اعتراضا على دعوة البنا للعنف
>> تأسست عام 1939 بعد انفراد البنا بالسيطرة على الجماعة والقيام بأعمال سرية بدون علم أعضاء الجماعة
>> سامح عيد: "مجموعة محمد" انشقت عن الجماعة لأن حسن البنا سرق أموال التبرعات الخاصة بفلسطين
>> خالد الزعفراني : "مجموعة محمد" كانت سلمية ونشاطها كان محدود.. ووضع شباب الإخوان فى الوقت الحالى مختلف تماما
أثارت التصريحات التى أطلقها إبراهيم منير نائب مرشد جماعة الإخوان والأمين العام للتنظيم الدولى للجماعة والتى وصف فيها شباب الإخوان الثائرين بـ "مجموعة محمد", اللغط داخل الشارع المصرى عامة والجماعة خاصة.
حيث أكد "منير" أن الشباب الإخواني الذي يطالب بالثورة حاليا مثل شباب محمد الذين انشقوا على حسن البنا في نهاية الثلاثينيات وفترة الأربعينيات فى إشارة منه إلى رفضه أحداث العنف التى يقوم بها شباب الإخوان فى الوقت الراهن .. لكن الشئ اللافت للانتباه هو وصف "منير" شباب الإخوان الحاليين بـ "مجموعة محمد" وهى المجموعة التى لايعرف أحد شئ عنها إلا القليل.. "شباب محمد" هى مجموعة ثورية تأسست فى العام 1939 ردا على تجاوزات حسنا البنا مؤسس تنظيم الجماعة وكان أحد أهم مؤسسيها الشيخ حافظ سلامة زعيم المقاومة الشعبية بالسويس .. لكن في حالة شباب محمد كان الاختلاف حول المنهج الذي يتبعه حسن البنا، وكانت أهم أسباب الانشقاق والمفاصلة، أن منهج الإخوان يعمل تحت لواء العاملين بغير ما أنزل الله، ويسعون إلى التغيير المتدرج الإصلاحي.
كما رأت هذه الجماعة أن البنا انفرد بالسيطرة على الجماعة ويقوم بأعمال سرية لا يعرف عنها غالبية الأعضاء شيئا وكان فى مقدمة هذه الأحداث إنشاء الجهاز الخاص أو التنظيم السرى أواخر الثلاثنيات والذى تحول عن دوره فى المشاركة فى الجهاد الفلسطينى، إلى أداة لتصفية الحسابات مع أعداء الجماعة أو مع أعضاء الإخوان الذين لهم رؤية ووجهة نظر أخرى تختلف عما رسمه البنا.
وتعود الأزمة إلى الذكرى العاشرة لتأسيس الجماعة حيث عقد المؤتمر الخامس في يناير 1939الثالث عشر ذي الحجة سنة 1357 وكان عقده بمثابة إعلان بانتقال الجماعة للمرحلة الثانية وهي مرحلة التشكيل والاختيار والإعداد للمرحلة الثالثة وهي مرحلة التنفيذ وتم في هذا المؤتمر وضع الأسس التنظيمية للجماعة وإعلان دخولها في الحياة السياسية وحدد المؤتمر الفكر الذي التزمت به الجماعة وعملت من خلاله منذ نشأتها والذي كان أساس عملها للفترة اللاحقة.
واتخذت 6 قرارات في أعقاب انتهاء المؤتمر كان في مقدمتها وأهمها القرار الأول الذي أيد فيه الحاضرون مكتب الإرشاد العام في دخول الميدان السياسي وكانت الخمسة قرارات الباقية تحدد موقف الإخوان من القوى السياسية القصر والأحزاب وعدم وقوف دعوة الإخوان عند حد معالجة القضية المصرية بل يجب تعديها إلى القضايا العربية والإسلامية وبالرغم من أن البنا قد عبر عن حذره من هذه الخطوة من خلال تحذيره لمجموعة من أنصاره من الشباب المتحمس والمعجل للنتائج إلا أنه في تحذيره لهم كان لا يقل عنهم حماسة وكان ذلك واضحا من خلال خطاب "البنا" الذي قال فيه: "في الوقت الذي يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها روحيا بالإيمان والعقيدة وفكريا بالعلم والثقافة وجسميا بالتدريب والرياضة في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار وأقتحم بكم عنان السماء وأغزو بكم كل عنيد جبار فإني فاعل إن شاء الله".
أما عن أهداف الإخوان فقد قسمها المرشد العام إلى أهداف عامة وأهداف خاصة وقد تركزت الأهداف العام التي اتضح منها نهج الجماعة السياسية في نقطتين الأولي هي أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي وذلك حق طبيعي لكل إنسان لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد قاهر ،والثانية أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بإحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتعلن مبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة للناس وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعا آثمون بين يدي الله العلي الكبير عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادها ومن العقوق للإنسانية في هذه الظروف الحائرة أن تقوم فيها دولة تهتف بالمبادئ الظالمة وتنادي بالدعوات الغاشمة ولا يكون في الناس من يعمل لدولة الحق والعدالة والسلام ولذلك لابد من تحقيق هذين الهدفين في وادي النيل وفي بلاد العروبة وفي كل أرض أسعدها الله بعقيدة الإسلام: دين وجنسية وعقيدة توحيد بين جميع المسلمين".
أما الأهداف الخاصة والتي كان المجتمع لا يصير إسلاميا في رأي الإخوان إلا بتحقيقها فقد عرضها الإخوان من خلال تجسيد ما يعاني منه لمجتمع الإسلام ومصر بالذات اجتماعيا واقتصاديا وفكريا وعسكريا ورأوا أن الدواء الناجع لكل هذا في إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق أحكام الإسلام.
ويفهم من ذلك أن الإخوان قد تبنوا مفهوما للقومية يختلف عن مفهوم القومية المصرية وأرادوا أن يربطوا بين قضايا العالم الإسلامي والأكثر من ذلك أنهم اقترحوا حكومة موحدة للعالم الإسلامي وهي التي كان يراها البعض غير واقعية.
والتساؤل الذي طرح وقتها , لماذا اختار الإخوان هذا الوقت بالذات أثناء وزارة محمد محمود باشا لإعلان خطوتهم هذه فمن جهة الإخوان كانت الجماعة قد أصبحت في وضع يمكنها من الانتقال إلى هذه المرحلة حيث ازدادت شعبيتها واتسعت وسائلها وأصبحت في وضع يمكنها من الانتقال إلى هذه المرحلة ،وأصبح لها صحفها الناطقة باسمها مثل جريدتى النذير والمنار لكن حدوث انشقاق في صفوفها يثبت أن قلة قليلة من المقربين للمرشد العام دون بقية أعضاء الجماعة وهذا أمر مبالغ فيه قد شاركوه أو اقتنعوا برأيه وبالتالي أيدوه في العمل في الميدان السياسي وإذا كان البنا قد فطن إلى ذلك وأوضحه في فكر الإخوان ومبادئهم وأهدافهم إلا أن الوسائل التي كان على الجماعة أن تسلكها لتحقيق هذه المبادئ والأهداف والتي كانت من بين أسباب الانشقاق قد أحاط بها شيء من الغموض وقسمت الجماعة وسائلها إلى عامة وخاصة تبعا لطبيعة الأهداف والوسائل العامة التي تقف عند حد الخطب والأقوال والمكاتبات والدروس والمحاضرات وتشخيص الداء ووصف الدواء فإن ذلك لا يجدي نفعا ولا يحقق غاية ولا يصل بالداعية إلى هدف من الأهداف ولكن للدعوات موارد لابد من الأخذ بها والعمل لها والوسائل العامة للدعوات لا تتغير ولا تتبدل
أما الوسائل الخاصة وهي ما أطلق عليها البنا الوسائل الإضافية والتي كان لابد من الأخذ بها وسلوك سبيلها فمنها السلبي ومنها الإيجابي، ومنها ما يتفق على ما عرف الناس ومنها ما يخرج على هذا العرف ويخالفه ويناقضه ومنها ما فيه لين ومنها ما فيه شدة؛
وإذا كان البنا قد أقر أسلوب القوة وسبق أن رفض أسلوب الثورة فكان عليه أن يوضح كيفية الوصول للحكومة الإسلامية وهو الأمر الذي لم يوضحه ومن جهة القوى السياسية فقد حظيت هذه الخطوة من جانب الإخوان بترحيب من القصر الذي كان يريد أن يمسك بزمام المبادرة في صراعه التقليدي مع الوفد لكن لم يرضى عنها نسبة كبيرة من الإخوان مما أدى إلى الانشقاق.
من جانبه قال خالد الزعفراني الباحث في شئون الحركات الإسلامية والمنشق عن الإخوان: إن إبرهيم منير عندما ذكر مجموعة شباب محمد كان يتحدث عن قصة تاريخية قديمة فقد اختلف مجموعة من شباب الجماعة مع فكر البنا وأطلقوا على انفسهم اسم "مجموعة الرسول محمد" وكان من بين هذه المجموعة الشيخ حافظ سلامة الشهير بمدينة السويس ،وتم طرد هذه المجموعة لكنها ظلت تعمل لكن نشاطها كان محدود واقتصرت في النهاية على إصدار مجلة تحمل اسم نفس المجموعة حتى فترة السبعينيات
وأضاف الزعفراني , أن "منير" في تشبيهه لمجموعة الشباب الذين يطالبون بالثورة داخل الإخوان بمجموعة محمد أراد أن يقول إنهم ليس لهم تأثير يذكر ومصيرهم إلى زوال.
وأوضح الزعفراني أن هناك داخل الجماعة من يتبنى الفكر التقليدي للتنظيم والذي يعتمد على السلمية والمهادنة ومن بين هؤلاء إبراهيم منير حيث تدرك هذه المجموهة أن هذه الأمور هي التي أوصلتهم من قبل لخوض الانتخابات والبرلمان ثم الرئاسة وهي التي ستساعدهم على الاستمرار أما الثورة فقد تكون ضدهم بعد الرفض الشعبي الكبير لهم مما يطيح بآخر آمال التنظيم .
وأكد الزعفراني أن هناك محاولات للانقسام بالفعل داخل الإخوان ولكن القيادات هي المسئولة عن هذا الأمر لأنها سمحت للدعاة المتشددين باعتلاء منصة رابعة العدوية والحديث عن العنف وبمرور الوقت "لوثوا" أفكار الشباب وأصبحوا مسئولين عما يسمى بالمد الفكري الثوري داخل الجماعة مما يشكل خطر على وجود الجماعة.
وأكد سامح عيد الباحث في شئون الحركات الإسلامية والمنشق عن جماعة الإخوان, أن هناك اختلاف كبير بين حالة مجموعة شباب محمد وما يحدث حاليا في الجماعة ،فهذه المجموعة خرجت على حسن البنا لأنه سرق أموال الإخوان وصرفها في غير مقاصدها الشرعية بعد ان كانوا جمعوا التبرعات تحديدا من أجل فلسطين ،ولذلك يبدو أن "منير" لم يقرأ التاريخ جيدا لأن البنا نفسه لم يكن يرفض فكرة العنف وكان لديه بالفعل التنظيم السري وإنما كان هناك اختلاف بينه وبين الشباب في بعض الأمور الأخرى.
ورأى عيد أن "منير" بربطه للمد الثوري داخل الجماعة وبين شباب محمد أراد أن يتبرأ من أي عنف قد يحدث حاليا من الشباب على غرار ما قاله البنا لمحمود فهمى النقراشي باشا رئيس الوزراء الأسبق: ليسو إخوانا ولسو مسلمين.
وأوضح , أن منير قد يكون معبرا عن رغبة الإخوان في الدخول في تفاهمات مع الدولة لكن السؤال المهم في هذا الشأن هل صدر هذاالتصريح من قيادات الداخل الموجودة في السجون؟ لأن منير يظل بعيدا عن البلاد وتأثيره على الإخوان في الداخل غير معروف وأضاف أن مثل هذا الكلام لو صدر من محمد بديع أو خيرت الشاطر كان وقعه سيكون أكبر وأقوى.
جدير بالذكر أن إبراهيم منير، قال فى مقال له على أحد المواقع الإخوانية , إن الجماعة لم تجر انتخابات داخلية على كافة المستويات، وإنما قامت باستكمال كل أمورها الإدارية وهياكلها التنظيمية، في ظل استمرار الدكتور محمد بديع في منصبه مع أعضاء مكتب الإرشاد، على أن يقوم الدكتور محمود عزت بمهام المرشد العام.
ونفى منير وجود خلافات كما تروج وسائل الإعلام بين قادة الجماعة، قائلا: "لا توجد خلافات كما تروج وسائل الإعلام، وإنما مجرد اختلافات بين بعض وجهات النظر، وهذا أمر طبيعي يتوافق مع الطبيعة البشرية، وخاصة في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها الجميع؛ من محن وقتل واضطهاد للشعب، وبالتالي فمن المتوقع أن يكون هناك تباين في كيفية التعاطي مع الأزمة.
وأشار إلى وجود جهود ومساعٍ تبُذل من أجل تقريب وجهات النظر داخل الجماعة، حتى تصل إلى رؤية واحدة سواء في الداخل أو الخارج، مؤكدا أن اللقاءات والاجتماعات الداخلية ستستمر للوصول إلى رؤية موحدة.
وشبّه منير الإخوان المطالبين بالانتقال من الحالة الإصلاحية إلى الحالة الثورية؛ بمجموعة "شباب محمد" التي خرجت على الإمام حسن البنا بزعم أنه يهادن النظام، ولا يلجأ معه إلى العنف، مضيفا أن جماعة الإخوان ظلت برؤية واحدة طوال تاريخها لن تحيد عنها، وهي "السلمية والوسطية اللتان لولا الحفاظ عليهما؛ لانتهت الجماعة منذ زمن بعيد".
وكشف عن أن هناك محاولة لإجراء مراجعة شاملة تقوم بها الجماعة للأحداث التي وقعت منذ عام 2011 وحتى الآن، مضيفا: "لعل الأيام القادمة -بعد توفيق الله- تسمح لنا بالإعلان عن تفاصيل هذه المراجعة، لكن إذا لم تسمح لنا الظروف فسوف نحتفظ بها، وقد يطلع عليها قليلون، حتى إذا ما مات البعض؛ احتفظ بها الآخرون، ويكونون شهداء عليها".
تم نسخ الرابط