وحدات التجسس الاسرائيلية تدخل عالم البيزنس

الموجز

سلطّت صحيفة “هآرتس″ العبرية الضوء على عملية التبادل والمزاوجة بين شركات التقنية الإسرائيلية ووحدة التجسس الأهم في إسرائيل الوحدة 8200، حيث تزود الوحدة الشركات الإسرائيلية بأهم خبراء التقنية والسايبر فيما تقدم الشركات للوحدة أحدث الأجهزة والتقنيات التكنولوجية. وأنشأت شعبة الاستخبارات بجيش الاحتلال (أمان) الوحدة 8200 قبل ثلاثة عقود لتكون ذراع إسرائيل في التجسس والتنصت الإلكتروني وتساهم مع معلومات العملاء في تقديم رؤية استخبارية متكاملة.
وتعتمد الوحدة في ذلك على: الرصد، والتصنت، والتصوير، والتشويش، مستخدمة طائرات الاستطلاع والمناطيد وقاعدة تجسس كبيرة في النقب والشمال وغيرها. وتعد هذه الوحدة من أخطر الوحدات على الشعب الفلسطيني ومقاومته، كما كان لها دور بارز في محاربة المشروع النووي الإيراني. لكن أكثر ما يلفت الانتباه تجاه هذه الوحدة السرية هو طبيعة أفرادها ومساهمتهم في بناء الاقتصاد الإسرائيلي بعد تخرجهم منها بشكل خاص.
وفي هذا السياق نشر الملحق الاقتصادي لصحيفة “هآرتس″ (ذي ماركر) تقريرًا مفصلاً حول طبيعة مساهمة خريجي هذه الوحدة في بناء مستقبل الدولة العبريّة التكنولوجي فقد تحول خريجوها إلى أرباب الهايتك في إسرائيل منذ زمن، وقلما تجد اقتصاديًا ناجحًا في إسرائيل لم يتخرج منها، كما قالت الصحيفة. وتبين أيضًا أنّ مساهمة خريجي هذه الوحدة لم تقتصر على الاقتصاد بل تعدتها إلى الثقافة والعلوم الأكاديمية والإعلام وصناعة رجال الأعمال بالإضافة لرجالات السياسة في إسرائيل.
وتابعت (هآرتس) قائلةً إنّه يتّم بداية اختيار أعضاء هذه الوحدة من الطلبة المتفوقين في المدارس الثانوية الإسرائيلية حيث يتم تدريبهم بشكل خاص عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة وبعد مسيرة عمل مطولة تقوم شركات الهايتك في إسرائيل باستقطاب الكثيرين من رجالات هذه الوحدة بعد أن اكتسبوا خبرة عملية لا يستهان بها. ومن بين خريجي هذه الوحدة كبير العلماء في وزارة الاقتصاد الإسرائيليّة أفي حسون، الذي عبّر عن مدى مساهمة هذه الوحدة في تطوير أدائه قائلاً: يعود الفضل لما أنا فيه اليوم من هذا المستوى العلمي المرموق إلى الخمس سنوات التي خدمتها في الوحدة حيث صقلت شخصيتي المهنية من جميع الجوانب، على حدّ تعبيره.
علاوة على ذلك، لفت التقرير إلى مدى تجذر الاستخبارات الإسرائيلية في شتى مرافق الحياة العامة في دولة الاحتلال، وبخاصة الاقتصادية منها حيث تستثمر هذه الوحدة أرقى الطاقات العلمية في إسرائيل وتؤهلها وتضخها فيما بعد للمجتمع دون أن ينقطع ذلك التواصل بين تلك الطاقات والفقاسة الأصليّة. بدوره، تحدث الإعلاميّ الإسرائيليّ المعروف ورجل الأعمال غلعاد عدين عن مدى تأثير خدمته في الوحدة على مستقبله المهني قائلاً: إنّ الخدمة في هذه الوحدة تفتح الأبواب، فلم يكن يخطر ببالي أنني سأصبح مديراً عاماً لشركة إخبارية وإعلامية كالقناة العاشرة.
وتابع قائلاً للصحيفة العبريّة إنّ العمل في الوحدة أهله وبصورة ممتازة للانخراط في إدارة تلك الشركة الإعلامية وقال: هنالك تشابه كبير في ما كنا نقوم به في إطار عملنا في الوحدة وعملنا اليوم فقد كنا نجمع المعلومات السرية والعلنية وهذا ما نقوم به أيضًا في إطار عملنا الإعلاميّ. ونوه عدين إلى قيام شركته أيضًا بالتحقيقات السرية وتشغيل العامل البشري والتكنولوجي من أجل الحصول عليها، وقال إنّ مَنْ يبدأ مسيرة حيات بالعمل في سلك الاستخبارات ينكشف أمامه الكثير جدًا من المعلومات حيث يقوم باتخاذ القرارات المهنية المتعلقة بحياة الناس، على حدّ وصفه. ويتبين من خلال التقرير مدى ارتباط العمل في تلك الوحدة بصناعة التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) في إسرائيل، ذلك أنّه بدا واضحًا أنّ هذا الترابط آخذ في التطور والازدياد.
وتجري شركات الهايتك لقاءات دورية مع أفراد الوحدة لاستقطاب المتفوقين منهم ودمجهم في العمل التكنولوجي، في حين يتم النظر إلى من خدموا في هذه الوحدة ككنوز علمية واستخباري عظيمة، ويتم يتم فتح فرص العمل أمامهم أكثر من نظرائهم في باقي المؤسسات الإسرائيليّة. بالإضافة إلى ذلك، بدا واضحًا من من التقرير أنّ أكثر الإسرائيليين حظًا في الالتحاق بهذه الوحدة هم من سكان وسط الدولة العبريّة، أيْ منطقة غوش دان، التي تشمل مدينة تل أبيب وضواحيها، إلا أن هنالك مساعي لدمج أكبر لسكان الضواحي في صفوف هذه الوحدة الثمينة في الجيش الإسرائيليّ، كما أكدّت الصحيفة العبريّة.
هذا وتُعتبر الوحدة 8200، من أكثر الوحدات تطورًا من الناحية التقنية والتكنولوجية ولها نشاطات واسعة في حروب الإنترنيت والشبكات، وقد انضم إليها الآلاف من العقول الإسرائيلية منذ إنشائها نظرا لشهرتها الواسعة حيث تعمل على ضمان التفوق النوعّي لإسرائيل من خلال عمليات دفاعية أو هجومية في الفضاء الإلكتروني. وبحسب موقع (Defense News) فإنّ الدولة العبرية قامت منذ العام 2003 بتجنيد آلاف الشباب من طلاب الثانوية في هذه الوحدة.
مع نهاية العام الماضي بدأت المعلومات تتسرب بأنّ من تمّ تجنيدهم شكلوا أكبر جيش الكتروني لنشر الفكر الصهيوني والتوغل في أعماق العالم العربي لتسميم بناه الثقافية والفكرية وضرب قيمه الأخلاقية والإنسانية والعقائدية، وقد أتاح له فضاء مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع الالكترونية ميدانّا مفتوحا للتحرك بحرية كاملة. وبحسب المعلومات التي تمّ تسريبها فإنّ الآلاف من هذه الوحدة يعملون بهدوء على بث الفتن وترويج الإشاعات واستهداف الناشطين والمثقفين وتأجيج فتن مذهبية دينية.
بجانب تلميع صور الجماعات المتطرفة، وأعمال استخبارية وتجسسية مختلفة، بكلمات أخرى، فإن جل اهتمام الوحدة في هذه الأيام هو كي الوعي العربي بما يتناسب مع مصالح دولة الاحتلال.
تم نسخ الرابط