التكنولوجيا النووية.. ركيزة أساسية لتحول الرعاية الصحية في مصر
التكنولوجيا النووية.. يمثل الطب النووي أحد الابتكارات الطبية الأكثر تأثيرًا في تحسين جودة الرعاية الصحية حول العالم، حيث يقدم هذا المجال المتطور حلولًا غير مسبوقة في تشخيص الأمراض المستعصية وعلاجها.
ويمتاز الطب النووي بقدرته على تقديم فهم وكشف دقيق لوظائف جسم الإنسان، مما يتيح اكتشاف الأمراض في مراحلها المبكرة قبل أن تتطور إلى حالات معقدة، فعلى سبيل المثال، يمكن للنظائر المشعة المستخدمة في الطب النووي أن تكشف عن الأورام الصغيرة أو التغيرات الوظيفية في الأنسجة، وهو ما لا يمكن تحقيقه باستخدام التقنيات التشخيصية التقليدية بل بـ التكنولوجيا النووية الجديدة.
التكنولوجيا النووية
وهذه التكنولوجيا النووية تجعل من الطب النووي أداة أساسية في التعامل مع أمراض مثل السرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات العصبية، وغيرها من الأمراض التي تتطلب تدخلاً سريعًا ودقيقًا.
وعلى الصعيد العالمي، تظهر الإحصائيات الحاجة الملحة إلى توظيف تقنيات الطب النووي لمواجهة التحديات الصحية المتزايدة، ففي عام 2022، تم تشخيص حوالي 20 مليون حالة إصابة بالسرطان، مما يشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الدول والمجتمعات، بالإضافة إلى ذلك، تعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفيات على مستوى العالم، حيث سجلت وفاة حوالي 17.9 مليون شخص في عام 2019، وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، وتحدث غالبية هذه الوفيات في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مما يبرز أهمية توفير حلول مبتكرة للتشخيص والعلاج.
ولهذا تلعب مؤسسة «روساتوم» الرائدة عالميًا في مجال التكنولوجيا النووية، دورًا محوريًا في تطوير الطب النووي كأداة لتحسين الرعاية الصحية. من خلال فرعها المخصص لتقنيات الرعاية الصحية، وتقدم حلولًا شاملة تشمل تطوير النظائر المشعة والمستحضرات الصيدلانية الإشعاعية، وتصنيع معدات التشخيص والعلاج المتقدمة، كما تعمل الشركة على بناء أكبر مصنع لإنتاج المستحضرات الصيدلانية المشعة في أوروبا، والذي من المتوقع أن يكون له تأثير كبير على تلبية الطلب العالمي على هذه التقنيات.
الموجز يعرض أحدث إنجازات روساتوم في الطب النووي والتكنولوجيا النووية والتي تشمل الآتي:
أحدث إنجازات روساتوم في الطب النووي
النظائر المشعة، إذ تحتفظ روساتوم بموقعها الريادي في قطاع النظائر المشعة، حيث تُعد من بين أكبر خمس شركات موردة عالميًا وتنتج أوسع مجموعة من النظائر المشعة.
الطلب على منتجات روساتوم من النظائر المشعة في تزايد مستمر، ففي عام 2024 فقط زادت صادرات النظائر السنوية بنسبة تزيد عن 7 %. يتم إجراء حوالي 2.5 مليون عملية تشخيص وعلاج عالميًا باستخدام نظائر روساتوم، التي يتم توريدها إلى أكثر من 170 شركة في 50 دولة.
كما أن روساتوم تبني أكبر مصنع لإنتاج الأدوية المشعة في أوروبا في مدينة أوبنينسك الروسية، وقد تم اتخاذ قرار بناء المصنع بعد أن قامت الشركة الروسية بتحليل السوق بالتشاورمع المجتمع الطبي وتحديد المنتجات الأكثر طلبًا والقطاعات التي تعاني من نقص، وتم تخطيط نطاق المنتجات والطاقة الإنتاجية للمصنع بناءً على قدرات روساتوم وخصائص المنتجات والمنافسة وبيئة المستهلك، وسيقوم المصنع بإنتاج العديد من المواد للتشخيص والعلاج للأمراض السرطانية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والأمراض التنكسية العصبية، وفقًا لمعايير ممارسات التصنيع الجيدة (GMP)
الأجهزة الطبية ومنها الآتي:
وحدة العلاج الإشعاعي براكيووم، وهو هو جهاز يستخدم في العلاج الإشعاعي القريب للأورام المتعلقة بالسرطان، حيث يتم توصيل مصدر الإشعاع الجاما بالقرب من الورم أو إدخاله في الأنسجة المصابة مع الحد الأدنى من التعرض للأنسجة السليمة، والجهاز مزود بوحدة قياس الجرعات المتقدمة ونظام رسم خرائط الإشعاع ثلاثي الأبعاد مما يسمح بمراقبة تقدم العلاج والتعرض في الوقت الفعلي بدقة، ويمكن استخدام تطبيقات براكيووم مع أنظمة التصوير التشخيصي المختلفة.
تيانوكس، وهو جهاز علاجي فريد مصنوع في روسيا يستخدم أكسيد النيتروجين (NO) لعلاج ارتفاع ضغط الدم الرئوي في البالغين والأطفال، بما في ذلك حديثي الولادة، ويقوم الجهاز نفسه بتوليف أكسيد النيتروجين ويوجهه إلى دورة المريض ويقوم بالتحكم في تركيزه، بالنسبة لجهاز تيانكس، وقعت روساتوم اتفاقية خريطة طريق مع مجموعة ميدفارما المصرية للترويج للجهاز الطبي في سوق الرعاية الصحية والأدوية في جمهورية مصر العربية، مما يعد خطوة مهمة لفتح آفاق جديدة وتوسيع نطاق انتشار تيانكس في المؤسسات الطبية في مصر.
وهناك مرافق البنية التحتية الطبية الداعمة في التكنولوجيا النووية وهي:
مرافق البنية التحتية الطبية
مراكز الإشعاع، إذ تقدم روساتوم تقنيات الإشعاع المؤين لتعقيم المعدات الطبية وتحسين جودة المنتجات الزراعية، مما يسهم في الأمن الغذائي وقدرات التصدير. تضم شبكة روساتوم من مراكز المعالجة متعددة الأغراض (MPCs) سبع مواقع صناعية ومركزًا واحدًا في مرحلة التشغيل، ففي عام 2024، قامت هذه المراكز بمعالجة أكثر من 46,000 طن من المنتجات (بما في ذلك 23,000 طن من المنتجات الطبية، و15,500 طن من المنتجات الغذائية، و7,500 طن من المنتجات البوليمرية)، ومن أبرز المشاريع مشروع بناء مركز إشعاع متعدد الأغراض في بوليفيا، وهو الأول من نوعه في أمريكا اللاتينية.
ويتميز هذا المركز بتقنيات الإشعاع المؤين الحديثة لتعقيم المعدات الطبية، وتحسين سلامة الغذاء، وتعزيز جودة المنتجات الزراعية، ويمثل هذا المشروع علامة فارقة في التعاون الدولي، ويظهر قدرة روساتوم على نقل التقنيات النووية عالميًا لتلبية احتياجات كل من الرعاية الصحية والصناعات.
مركبات السيكلوترون، وتُعد الدراسات باستخدام PET/CT باستخدام الأدوية المشعة الطريقة الأسرع والأدق لتحديد الأمراض القلبية والأورام الخطيرة، كما تُعد مركبات السيكلوترون أداة فعّالة لإنتاج النظائر المشعة.
وتركز مركبات السيكلوترون من الجيل الأخير على إنتاج منتجات النظائر للطب النووي، مما يسمح بالتشخيص الوظيفي المبكر لأكثر الأمراض الاجتماعية خطورة: أمراض القلب، الأورام، والأمراض العصبية، وتتميز السيكلترونات التي تنتجها شركة NIIEFA JSC، إحدى شركات روساتوم، بالموثوقية والكفاءة والسلامة، إضافة إلى نطاق واسع من النظائر المنتجة، وتساعد منتجات النظائر لأغراض طبية في إنقاذ حياة وصحة الآلاف من الأشخاص حول العالم.
تطوير قدرات الطب النووي
كما تقوم روساتوم بتطوير قدرات الطب النووي من خلال تقديم حلول مبتكرة تعيد تعريف إمكانيات التشخيص والعلاج.
ومن بين أحدث إنجازات روساتوم الآتي:
إنتاج النظير “موليبدينوم-99”، الذي يُستخدم لتصنيع مولدات “تكنيشيوم-99م”، وهي الأكثر شيوعًا في الطب النووي الحديث لتشخيص الأمراض الخطيرة مثل الأورام وأمراض القلب.
مصنع المستحضرات الصيدلانية المشعة، إذ بدأت روساتوم في بناء أكبر مصنع في أوروبا لإنتاج المستحضرات الصيدلانية المشعة بمدينة أوبنينسك، والذي سيعزز توافر النظائر المشعة عالميًا، بما في ذلك نظائر متقدمة مثل “لوتيتيوم-177” و”أكتينيوم-225”، المستخدمة في علاجات السرطان المستهدفة، والمراكز متعددة الأغراض: تقدم روساتوم تقنيات لمعالجة المنتجات بالإشعاع المؤين لتعقيم الأجهزة الطبية وتحسين جودة المنتجات الزراعية، مما يسهم في الأمن الغذائي وزيادة إمكانيات التصدير.
وعلى الصعيد المحلي، يمكن للطب النووي أن يلعب دورًا كبيرًا في تحسين البنية التحتية الصحية ودعم تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، فالاستثمار في هذا المجال يمكن أن يسهم في تعزيز القدرات المحلية لإنتاج النظائر المشعة والمستحضرات الصيدلانية الإشعاعية، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويعزز شعار “صنع في مصر”، كما أن استخدام تقنيات الطب النووي سيمكن الأطباء المصريين من تقديم تشخيصات دقيقة وعلاجات فعالة، مما يعزز جودة الرعاية الصحية ويقلل من معدلات الوفاة الناجمة عن الأمراض المستعصية
وننقل أيضًا دور هيئة الطاقة الذرية المصرية في إنتاج النظائر المشعة وهو كالتالي:
دور هيئة الطاقة الذرية المصرية في إنتاج النظائر المشعة
تُعَدُّ هيئة الطاقة الذرية المصرية (EAEA) من المؤسسات الرائدة في إنتاج النظائر المشعة في مصر، حيث يقع مفاعل مصر البحثي الثاني في أنشاص، والذي يعد من أهم المنشآت التابعة للهيئة بقدرة 22 ميجاوات، ويضم المفاعل مصنعًا لإنتاج النظائر المشعة، والذي نجح في تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 100% من احتياجات مصر من هذه النظائر، التي تُعَدُّ منتجًا استراتيجيًا لعلاج الأورام.
إنتاج وتصدير النظائر المشعة، إذ يُنتج مصنع النظائر المشعة في أنشاص حوالي 7 أنواع من النظائر، منها 6 للاستخدام الطبي وواحد للاستخدام الصناعي.
وقد نجح المصنع في تغطية أكثر من 90% من احتياجات السوق المصري من اليود-131 السائل، وأكثر من 60% من احتياجات السوق من مولدات الموليبدينيوم-99/التكنيسيوم-99، مما وفر على الاقتصاد القومي استيراد هذه النظائر من الخارج، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المحلية، بدأت الهيئة في تصدير النظائر المشعة إلى دول أخرى، فقد استوفت الهيئة مؤخرًا جميع إجراءات تسجيل المنتج المصري من النظائر المشعة في البرازيل، وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الهيئة بتصدير هذه المنتجات إلى أمريكا اللاتينية، كما بدأت مصر في تصدير النظائر المشعة إلى الهند والصين، مما يعكس التقدم الكبير الذي حققته في هذا المجال.
ومن أهمية التوعية بالطب النووي الآتي:
أهمية التوعية بالطب النووي
رغم الإمكانات الكبيرة للطب النووي، لا يزال هذا المجال غير معروف على نطاق واسع بين الناس، لذلك من الضروري بذل مزيد من الجهود للتعريف بفوائده وإمكاناته العلاجية، من خلال الحملات التوعوية والبرامج التعليمية، لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من المرضى من هذه التقنيات المتقدمة.
ويمثل الطب النووي أداة قوية في تحسين جودة الرعاية الصحية، من خلال تقديم تشخيصات دقيقة وعلاجات فعالة للأمراض المستعصية، ومع الجهود المستمرة لهيئة الطاقة الذرية المصرية في إنتاج وتصدير النظائر المشعة، يمكن تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال، مما يعود بالنفع على صحة المجتمعات ورفاهيتها.
وإن تبني تقنيات الطب النووي في مصر ليس مجرد استثمار في التكنولوجيا، بل هو استثمار في المستقبل الصحي للبلاد، ومن خلال تعزيز هذا المجال، يمكن لمصر أن تحقق قفزة نوعية في قطاع الرعاية الصحية، مما يضعها في مقدمة الدول التي تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا لمواجهة التحديات الصحية، كما إنها فرصة واعدة لا يمكن تجاهلها، حيث يمكن للطب النووي أن يعيد تعريف الأمل للمرضى، ويوفر أدوات قوية لإنقاذ حياة الملايين.
إقرأ أيضًا:
«روساتوم» تشارك أحدث منتجاتها الطب النووي بالمعرض الطبي الأفريقي الأول
الطاقة الذرية المصرية والعربية تنظمان دورة تدريبية في مجال الطب النووي
