أسرار وحيد حامد مع صيد السمك وعلاقته بأفلام الكوميديا السوداء والفساد
وحيد حامد، هو أيقونة السيناريو المصري الذي برع في تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي بشجاعة وجرأة استثنائية، وُلد يوم 1 يوليو عام 1944 بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، وانطلق في رحلته الفنية منذ عام 1963، امتلك موهبة نادرة مزجت بين الحس الأدبي العميق والقدرة على صياغة قضايا المجتمع في أعمال سينمائية ودرامية خالدة، وامتد مشواره ليقدم أكثر من 75 عملاً درامياً، أثار بعضهم جدلاً واسعاً، واصطدم بالرقابة أحياناً، لكنه ظل مدافعاً عن الحقيقة حتى النهاية.
بدايات مشوار وحيد حامد ونصيحة يوسف إدريس له
ويرصد موقع الموجز أبرز المعلومات والمحطات في حياة وحيد حامد، بدأ وحيد حامد رحلته الأدبية من خلال كتابته للقصص القصيرة، وقد أصدر مجموعته الأولى "القمر يقتل عاشقه" عام 1971، عقب قراءتها نصحه الأديب يوسف إدريس بأن يكتب في مجال الدراما، لتصبح هذه النصيحة نقطة تحول كبير في حياته، برع في كتابة العديد من المسلسلات الإذاعية مثل "الفتى الذي عاد"، "عبده كاراتيه"، "ولادك يا مصر"، "قانون ساكسونيا"، "بلد المحبوب"، "طائر الليل الحزين" الذي نقل نجاحه إلى الشاشة الكبيرة، حيث تحول إلى فيلم سينمائي عام 1977.
تعاون وحيد حامد مع شريف عرفة وعادل إمام
شهدت السينما المصرية أنجح أعمال وحيد حامد من خلال تعاونه مع المخرج شريف عرفة والفنان عادل إمام، فقدم ثلاثياً فنياً استثنائياً بأفلام مثل "طيور الظلام"، "الإرهابي"، "اللعب مع الكبار"، و"الإرهاب والكباب"، جمعت هذه الأعمال بين الكوميديا السوداء والانتقادات الجريئة لمظاهر الفساد والبيروقراطية.
قضايا المجتمع والسياسة في أعمال وحيد حامد
تميزت أعمال وحيد حامد بجرأتها في تناول القضايا الشائكة، ففي السينما، قدم "البريء"، "الغول"، "اضحك الصورة تطلع حلوة"، "الراقصة والسياسي"، "سوق المتعة"، وعالج من خلالهم قضايا العدالة والفساد السياسي، أما في التلفزيون، فكان مسلسل "الجماعة" بجزأيه الأول والثاني دراسة متعمقة لفكر جماعة الإخوان المسلمين، كاشفاً عن ممارساتها الخفية وسعيها للسلطة.
كان وحيد حامد عاشقاً للنيل، حيث كان ينجز كتاباته في أحد فنادق القاهرة المطلة عليه، عن ذلك يقول:" أنا ابن الشارع، وإذا كنت بقعد في الفندق، فأنا بقعد عشان اشتغل وأبص للنيل، واتعودت إن أنا أنزل أشتري حاجتي بنفسي وأنا متعود أقعد في الترابيزة في القهوة اللي في الفندق علشان أكون قريب من الناس وأنا شخصياتي كلها اللي كتبتها مستوحاة من أشخاص حقيقية في الشارع، وحصل بيني وبين العاملين في المكان صداقة ممتدة، وارتباطي بالمكان ده جزئي زي ما بترتبط بالوطن، وهو مكان عام بشوف فيه ناس متجددة وبلتقي بناس من نماذج مختلفة، عالم الفندق كبير بس الشاطر اللي ينقي منه"، هذا الالتزام بالمصداقية جعل أعماله قريبة من الناس ومعبّرة عنهم.
صراع وحيد حامد مع الفكر المتطرف
واجه وحيد حامد تهديدات من الجماعات المتطرفة بسبب أعماله التي فضحت أيديولوجياتهم، مثل "طيور الظلام" و"الإرهاب والكباب"، وبالرغم من ذلك، استمر في تقديم رسالته الفنية التي فضحت ازدواجية تلك الجماعات وسعيها لاستغلال البسطاء، وأيضاً لأنه استطاع نقل أفكاره للجمهور من خلال السينما والتلفزيون بشكل بسيط يفهمه الجميع، معلقاً على هذا الأمر في تصريحات سابقة له:"أنا أتعامل مع الكتابة مثل صيد السمك، أعتمد على ذراعي لتوفير لقمة العيش، ولا أعمل لصالح أحد، أقف في وجه الإرهاب من أجل الناس، وأنتقد السلطة أيضاً من أجل الناس".
آخر ظهور لوحيد حامد
كان آخر ظهور علني لوحيد حامد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2020، عندما كرم بجائزة "الهرم الذهبي التقديرية" لإنجاز العمر، في كلمته المؤثرة، شكر الجمهور قائلاً: "أعتقد أنكم ممكن تفتكروني بأفلام أسعدتكم، وكان من الصعب جدًا إن أنا أقف في مكاني ده لولا حبكم، ولولا دعمكم".
وفاة وحيد حامد
في 2 يناير 2021، رحل وحيد حامد بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً وراءه إرثاً فنياً لا يُنسى، وما زال الجمهور ينتظر رؤية أعماله التي لم تكتمل مثل "العبّارة"، "الملك فاروق"، و"34 يوم عن حرب 6 أكتوبر".
اقرأ أيضًا:
في عيد ميلاده .. حياة وحيد حامد بين الفن والصراع
مروان حامد يشكر كل من واساه في وفاة والده: كنتم سندي