عمار الشريعي.. أسطورة الموسيقى التي تحدى الإعاقة وأبهرت العالم
تحل اليوم ذكرى وفاة الموسيقار الكبير عمار الشريعي، أحد أعظم رموز الموسيقى المصرية والعربية، كان مبدعًا واستطاع أن يكتب اسمه بحروف من نور في سجل الفن، مقدمًا إرثًا موسيقيًا خالدًا رغم التحديات الجسدية والاجتماعية التي واجهها وترك بصمة لا تمحى في عالم الموسيقى التصويرية وتترات المسلسلات، وظل نموذجًا يُحتذى به في الإصرار والإبداع.
في إطار ذلك، يرصد موقع الموجز محطات عمار الشريعي خلال السطور التالية.
نشأة عمار الشريعي وبداية رحلة العبقرية
وُلد عمار علي محمد إبراهيم الشريعي عام 1948 في محافظة المنيا، وسط عائلة تنتمي لقبائل الهوارة الشهيرة في صعيد مصر، ورغم فقدانه البصر منذ ولادته، لم تمنعه إعاقته من الحلم بحياة مليئة بالموسيقى والإبداع.
كانت نشأته في بيئة صعيدية أصيلة تشكل شخصيته، حيث جمع بين البساطة والعمق، ومنذ طفولته، أبدى اهتمامًا شديدًا بالموسيقى، محولًا آذانه إلى نافذة يطل بها على عالم واسع من الألحان.
إنجازات عمار الشريعي الفنية وأبرز جوائزه
على مدار مسيرته الطويلة، حقق عمار الشريعي إنجازات فريدة وحصد العديد من الجوائز التي تعكس عبقريته الموسيقية، من أبرز هذه الجوائز:
• جائزة مهرجان فالنسيا بإسبانيا (1986) عن موسيقى فيلم "البرئ"، حيث أبهرت موسيقاه لجان التحكيم العالمية.
• وسام التكريم من الطبقة الأولى من الملك عبد الله بن حسين، ملك الأردن، تقديرًا لإبداعه وتأثيره الفني.
• وسام من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، عام 1992.
• جائزة الحصان الذهبي كأفضل ملحن في الشرق الأوسط لمدة 17 عامًا متتالية، في إنجاز غير مسبوق.
بصمة عمار الشريعي في عالم الموسيقى التصويرية والتترات
كان عمار الشريعي من أبرز الأسماء التي تركت بصمة في الموسيقى التصويرية وتترات المسلسلات، استطاع أن يحوّل الموسيقى إلى لغة تعبيرية تروي أحداث العمل الفني وتعمّق معانيه، من بين أبرز أعماله:
• تتر مسلسل "الأيام" الذي يُعد علامة فارقة في تاريخ الدراما المصرية.
• الموسيقى التصويرية لأفلام بارزة مثل "البريء" و"الكيت كات"، حيث أضافت موسيقاه بعدًا دراميًا مذهلًا للأحداث.
انطلاقة جيل جديد من النجوم
أسس عمار الشريعي فرقة "الأصدقاء"، التي ضمت مجموعة من أبرز المواهب مثل حنان، منى عبد الغني، وعلاء عبد الخالق. كانت الفرقة منصة انطلاق لهؤلاء الفنانين الذين أصبحوا فيما بعد نجومًا بارزين.
قال المطرب الراحل علاء عبد الخالق في تصريحات سابقة: "ما تعلمته على يد عمار يعادل سنوات من الدراسة الأكاديمية".
وتضيف حنان: "كان عمار صديقًا وموجهًا، وكان حزينًا عند اعتزالي الفن، لكنه ظل دائم الدعم والتوجيه"، أما منى عبد الغني فأكدت أن دخولها عالم الفن عن طريق عمار كان "أعظم فرصة في حياتها".
أما الفنان علي الحجار، الذي تعاون مع الشريعي في العديد من الأعمال، وصفه بـ"عبد الوهاب عصره"، وقال الحجار: "كان عمار يمتلك مخزونًا لا ينتهي من الموسيقى، سواء كانت موسيقى شرقية صامتة أو تترات مغناة كان يجلس بجوار مهندس الصوت ويوجه أدق التفاصيل، ما يعكس ذكاءه الحاد وإتقانه لعمله".
وحكى الحجار موقفًا أثناء تسجيل تتر مسلسل "الأيام"، عندما كان الشريعي يعاني من مرض الديسك رغم الألم الشديد، افترش الأرض ووضع الأورغ ليعمل على خمسين أغنية وهو مستلقٍ على ظهره، في مشهد يعكس حبه الشديد لعمله.
إبداع عمار الشريعي رغم الإعاقة
رغم فقدانه البصر، استطاع عمار الشريعي أن يصبح واحدًا من أمهر العازفين على العود، بل وتعلم العزف بمفرده، كان يؤمن بأن الإبداع لا حدود له، وأن التحديات تصنع العظماء وقدم برنامج "غواص في بحر النغم"، الذي نجح في تقريب الجمهور من جماليات الموسيقى الشرقية وتحليل المقامات، مما ساهم في الحفاظ على الهوية الموسيقية العربية.
شهادات تقدير من زملاء وأصدقاء
تحدث الموسيقار محمد علي سليمان عن شجاعة الشريعي قائلًا: "كان محاربًا في سبيل الفن الجاد، يعمل حتى في أصعب لحظات مرضه وترك إرثًا موسيقيًا يثري ثقافة الشعوب".
أما الفنان محمد الحلو فأشاد بدوره في تقديم أعمال ذات صبغة اجتماعية ووطنية، قائلاً: "كان الشريعي بسيطًا في أسلوبه، لكنه عميق في فهمه لما يناسب المجتمعات العربية".
محطة نجاح عمار الشريعي مع محمد ثروت
حكى الفنان محمد ثروت عن بداية تعاونه مع عمار الشريعي في أغنية "هكتب جواب لحبيبي وأقوله"، حيث كان عمار عضوًا في فرقة حمادة النادي، وقال ثروت: "رغم خفة دمه ومرحه، كان يتأثر كثيرًا إذا لم يُقدر أحد أعماله وتعاوننا لاحقًا في أغنيات عديدة مثل: صفر قطر المحطة، يا ليالي متميليش، وتمرحنا معًا في تترات مسلسلات تركت بصمة في الوجدان".
اقرأ أيضًا
على الحجار يكشف تفاصيل أول أغانيه مع عمار الشريعي ويحيى العلمى
«أنتيمي».. إسعاد يونس تكشف تفاصيل حلقة ليلة عمار الشريعي وسر علاقتها به