13 عاما على رحيله.. أسرار وحكايات عامر منيب من الدكتوراة إلى غزة
عامر منيب، الصوت الذي أسر القلوب وملك الإحساس الذي عاش ليغني للحب والرومانسية، تميز بمشوار فني قصير لكنه مليء بالنجاحات واللحظات الخالدة التي جعلته أحد أبرز نجوم جيله، لقب بـ"مطرب المشاعر" بفضل أعماله التي أثرت في وجدان جمهوره، ولم يترك بصمته فقط في عالم الغناء بل امتد تأثيره إلى السينما، ورغم رحيله في مثل هذا اليوم 26 نوفمبر 2011، إلا أن ذكراه ما زالت حاضرة في قلوب محبيه.
نشأة عامر منيب
ويرصد موقع الموجز أبرز المعلومات والمحطات في حياته، ولد عامر منيب في يوم 2سبتمبر 1963 في حي الدقي بالجيزة، ونشأ في عائلة لها جذور فنية عريقة، فقد والدته في طفولته، مما دفعه للعيش في حي شبرا تحت رعاية جدته الفنانة ماري منيب، التي أثرت فيه بشدة بحبها للفن، بعد رحيلها وهو في السادسة من عمره، بدأ شغفه بالمسرح والغناء يتشكل بوضوح.
من التجارة إلى الفن.. نقطة التحول في حياة عامر منيب
تخرج عامر من كلية التجارة بجامعة عين شمس عام 1985 بتقدير جيد جدًا، وكان مستعدًا لحياة أكاديمية حيث كان يحضر الماجستير حينها، لكي يدرس الدكتوراة في إحدى الجامعات الأسترالية، ولكن لقاءً غير متوقع عام 1987 مع عدد من الفنانين، منهم فاروق الفيشاوي والملحن حلمي بكر، غيّر مسار حياته، أثناء هذا اللقاء، غنى "الفن" لمحمد عبد الوهاب، فأقنعه حلمي بكر بالتخلي عن خططه للسفر للخارج ودراسة الموسيقى بدلاً من ذلك، وحدث هذا اللقاء قبل سفره بيومين.
بدأ عامر رحلته الموسيقية تحت إشراف الموسيقار عاطف عبد الحميد، حيث تعلم العزف على العود والبيانو، وكوّن فرقة موسيقية صغيرة، وبدأ يغني أغاني عبد الحليم حافظ في الحفلات والنوادي والفنادق الكبرى، مما أكسبه شهرة بين جمهوره.
بداية عامر منيب الموسيقية
أصدر عامر ألبومه الأول "لمحي" عام 1990 بعد جهد كبير، حيث اضطر لبيع سيارته واستدانة المال لتغطية تكاليف الإنتاج، واصل بعدها إصدار ألبومات ناجحة مثل "فاكر"، "أيام وليالي"، "يا قلبي"،"الله عليك"، "حب العمر"، "كل ثانية معاك"، وآخر ألبوماته، كان "حظي من السما" عام 2008، حقق نجاحًا كبيرًا وأكد مكانته بين كبار نجوم الغناء.
كان عامر منيب مهتماً بتقديم الكليبات المصورة في أغانيه لذا قدم كليب "شوق وحنين"، "راح فين الغرام"، "بينا نعيش"، "ليلي ونهاري"، وكان آخر كليب قدمه هو " فيك حاجة " الذي لحنه عزيز عبد الشافى، كما قدم عامر منيب أغنية وطنية واحدة حملت عنوان " العسكرية المصرية " بعد خلع الإخوان من الحكم، وكانت آخر أغانيه أغنية دينية بعنوان " يا الله " وهي أغنية دينية وحيدة له وقدمها عام 2009.
حضور عامر منيب في السينما
خاض عامر منيب تجربة التمثيل من خلال أربعة أفلام فقط، منها "سحر العيون" و"كامل الأوصاف"، "كيمو وأنتيمو"، "الغواص"، ورغم قصر تجربته السينمائية، إلا أنه كان حريصًا على تقديم أعمال ذات قيمة، مما جعله يضع شروطًا صارمة لخياراته السينمائية.
كان عامر منيب يحضر لعمل سينمائي لمدة ثلاثة سنوات حيث كان سيقدمه عن جدته الراحلة ماري منيب وبالفعل قام بجمع صور نادرة لها وتفاصيل حياتها لكن الموت لم يمهله من تقديمه.
زار الفنان عامر منيب مدينة غزة في عام 1999، قبل أيام قليلة من اندلاع انتفاضة الأقصى، وأحيا حفلاً غنائياً هناك بعد النجاح الكبير الذي حققه ألبومه "فاكر"، أثناء زيارته التقى بالرئيس الراحل ياسر عرفات الذي طلب منه الغناء للشعب الفلسطيني بناءً على رغبتهم في رؤيته على المسرح، لاحقًا تعرض عامر لبعض الانتقادات لعدم تقديمه أغنيات مباشرة للانتفاضة بعد اندلاعها، لكنه أوضح أن زيارته جاءت قبل الأحداث، وأن غناءه للشعب الفلسطيني وسعادتهم كان بالنسبة له شكلاً من أشكال الدعم، وأعرب عن أمنيته في أن يرى فلسطين محررة يومًا ما.
حياته الشخصية
تزوج عامر منيب من السيدة إيمان الألفي، وأنجب منها ثلاث بنات مريم، زينة، ونور، كان يكن لهن حبًا كبيرًا، لذا لقب بـ"أبو البنات" بين أصدقائه، وكان لكل اسم من أسمائهن قصة خاصة تجسد ارتباطه بالقرآن والإيمان، حيث حكى كواليس تسميتهم في حوار سابق له قائلاً:"بناتى هن أغلى شيء في حياتي، ومثل أي أب أو أم في البداية كنا نتصور أننا سنسمي أبناءنا، لكني اكتشفت أنه لا يوجد كلام من هذا لأن الله قد خلق لكل إنسان اسمه، وهذا حدث معي مع أول بنوتة لي «مريم»، وكنت خائفًا على زوجتي ولم استطع عمل أي شىء سوى الإمساك بالمصحف والقراءة فيه، وأثناء القراءة توقفت عند سورة مريم وعندما نزلت من السيارة وجدت إذاعة القرآن الكريم عليها سورة مريم، وعند الولادة أجد زوجتي تقول لي أنها قرّرت أن تسمي مريم، والثانية زينة وذلك لقوله تعالى: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا " وزينة تعني جميلة، والثالثة نور واسمها جاء بعد أن قال لي حماى إن اسمى الثالثة على حرف النون فجاءت نور".
النهاية الموجعة
عانى الفنان عامر منيب من آلام شديدة بسبب سرطان القولون طوال عامين، حيث خضع لجراحة في ألمانيا استأصل خلالها جزءًا من القولون، وخلال فترة مرضه، انتشرت شائعة وفاته، فاستجاب لهذه الشائعة بتسجيل صوتي لجمهوره طلب منهم الدعاء له، لكن حالته الصحية تدهورت مرة أخرى، ودخل مستشفى دار الفؤاد، حيث دخل في غيبوبة تامة بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية قبل وفاته، حاولت أسرته إتمام إجراءات سفره إلى الخارج مرة أخرى للعلاج، ولكن بسبب الأوضاع السياسية المضطربة في مصر في ذلك الوقت، لم يتمكن من السفر، توفي صباح السبت 26 نوفمبر 2011، وشيعت جنازته من مسجد رابعة العدوية، ودفن بجوار جدته ماري منيب في مدافن الأسرة بمدينة نصر.
قبل عام من وفاته، كان عامر منيب قد رفض بشدة فكرة الإنتاج لنفسه بعد أن تخلت عنه شركة "روتانا"، وقد صرح قائلًا: "لن أنفق أموال بناتي في إنتاج أغانٍ حتى لا أمتع نفسي وأترك بناتي لمصير مجهول بعدي".
كان عامر منيب معروفًا بتديّنه الشديد، حيث كان يحرص على أداء الصلاة بانتظام، وكان يتمتع بأخلاق عالية مع المحيطين به، بالإضافة إلى ذلك، كان يحلم بتسجيل القرآن الكريم كاملاً بصوته، وهو حلم ظل يراوده طوال حياته، لكن وفاته كانت سببا في عدم تحقيق ذلك الحلم.
اقرأ أيضاً:
المظلوم .. جدته فنانة مشهورة.. سرطان القاولون أنهى مسيرته الفنية