سر الفاكهة التي أمر الوالي العثماني بجمعها من المصريين بالسيوف والمصير المروع الذي كان ينتظره بسببها
يزخر التاريخ المصري بالعديد من القصص والحكايات الغريبة التي تم تناقلها على مدار قرون طويلة وباتت من التراث الشعبي، ومنها حكاية الباشا العثماني واللارنج.
في أحد أيام الجمعة، كان الباشا لوالي العثماني قد هبط من القلعة متوجها للصلاة في الأزهر الشريف، فشاهد كومة عالية بالقرب من باب زويلة مغطاه بالذباب، ووقتها اعتقد أنها كومة قمامة، ولكنه حين اقترب اكتشف أنها كومة من الجثث، وقال له معاونه باختصار أنه الطاعون يا باشا.
مرض الطاعون
في لحظتها أدار الباشا جواده بأقصى سرعة وترك الجمعة لخالق الجمعة وعاد إلى القلعة وغسل نفسه عشرات المرات وأغلق كل الأبواب والنوافذ وجلس يرتعد حتى وصل الطبيب فصرخ فيه ليخبره بسرعة عن علاج الطاعون فأخبره الطبيب أنه قدر من الله لا ينفع معه علاج ولكن الناس تعودوا أن يأكلوا ثمار اللارنج، وهذه هي الطريقة الوحيدة لمقاومته فصرخ الباشا في رئيس الشرطة :" احضروا لي اللارنج احضروا اكبر كمية منه صادروا كل مافي الاسواق"
هبط الجنود للاسواق لم يجدوا ثمرة واحدة فقد كانت المدينة التي يسودها ذعر الموت الأسود قد اكتسبت الخبرة من تاريخها الطويل مع الأوبئة والولاة المماليك والعثمانيين، وكان اللارنج ينبت مجاورا للبرتقال ويحمل شكله في كل شيء ألا الطعم فقد كان مرير الطعم لدرجة غير مستساغة، ولكن الناس كانوا يزرعونه كل عام ويجمعونه في انتظار الوباء، فإذا مر العام بخير القوا باللارنج للحيوانات أو وضعوه في الملح لتخليله.
ولكن الوباء جاء هذا العام وأسرعت المدينة تأخذ ترياقها من اللارنج ووصل ثمن اللارنجة الواحدة إلى خمسة أكياس وعشرين نصف فضة، وحين هبط جنود الباشا للبحث عن اللارنج لم يجدوه، وعادوا للباشا فارغي الأيدي فصرخ فيهم بغضب :"اكسروا البيوت واقتحموا مخازن الفاكهة والخضار ولا تعودوا من غير اللارنج "
وحمل الجنود السيوف والمعاول وهبطوا إلى المدينة واقتحموا البيوت وداسوا فوق أجساد المرضى المحتضرين وانتزعوا اللارنج من أفواه الأطفال والنساء وحاصروا الفلاحين على أطراف القاهرة ليصادروا اللارنج، ولم يهدأ خاطر الباشا إلا بعد أن وجد أمامه غرفة مليئة إلى السقف بثمار اللارنج، ثم أمر بأغلاق القلعة فلا دخول ولا خروج، وترك المدينة لمصيرها التعس.
جمع اللارنج بالقوة
وطاف الطاعون بالمدن والقرى والضياع ولم يترك خلفه إلا جثث الناس والحيوانات النافقة، وعانت المدينة من اهوال الجوع والموت وظل الباشا بعيدا وحيدا في قلعته بعد أن ابعد الجميع خوفا منهم أن ينقلوا له المرض وظل يواصل التهامه لثمار اللارنج طول اليوم فلا طعام غيره للوقاية من الطاعون .
لم يهدأ الطاعون الا بعد عدة أشهر وبعد أن حصد نصف سكان الديار المصرية ومعظم الحيوانات، وتم فتح ابواب القلعة بعد أن اطمأن الجميع لزوال الطاعون تمامًا واستعد من بقى من السكان ومعظم الأمراء للصعود إلى الباشا لتهنئته على النجاة، ووحينما دخلوا عليه ليجدوه مستلقيا على فراشه مقطوع النفس ووجدوا جسمه قد تحول إلى اللون الأصفر القاتم كذلك كان لون عينيه الجاحظتين وكان بجواره أهرام هائلة من قشور ثمار اللارنج.
أقرأ أيضا:
حكاية معزة السيدة نفيسة المباركة التي جمعت الذهب ولقنّت الجميع درسًا لا يٌنسى
بدلًا من ملوك مصر.. ردّ صادم من السلطان المملوكي على شاه رخ الذي أراد كسوة الكعبة