أسوأ من غزة.. ماذا يحدث داخل إسرائيل؟.. اغتصاب وفقر وتشريد

الطيران المصري بدأ
الطيران المصري بدأ أول أزمات إسرائيل الداخلية

ماذا يحدث في الجبهة الداخلية لـ إسرائيل؟.. سؤال لم يطرحه الغالبية من متابعي حرب غزة، وهنا، نجيب عن هذا التساؤل الهام، فببساطة، الحال في جبهة الاحتلال الداخلية، ليس أفضل من غزة، بل على العكس، يعيش أبناء هذا الكيان الصهيوني، ما بين صواريخ المقاومة التي تضربهم هنا وهناك، وينتشر حوداث السرقة وحالات الاغتصاب، وغيرها من بشاعة الوجه الآخر من الإسرائيليين.

إقرأ أيضاً.. يعمل على مد خدمة جنوده النظاميين والاحتياط.. الجيش الإسرائيلي يخطط لاستمرار الحرب على غزة

ومع مرور أكثر من 125 يوماً على بدء الحرب في قطاع غزة، تتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل، ليس من الخارج فقط، وإنما من طرف المستوطنين النازحين تجاه أداء أجهزة الحكومة لديهم، وفي مقدمتها ما يعرف بقيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

ما حدث منذ أكتوبر الماضي، جعل إسرائيل تتقلص حجماً، وهو ما قاله رئيس أركان الجيش السابق أفيف كوخافي، بوصفه إن "إسرائيل تتقلص"، وهو انتقاد صريح للسلبية التي ظهرت بها قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل، بل و يدل على إخفاقها في تنفيذ خطط الطوارئ خلال الحرب مع المقاومة الفلسطينية.

غزة تكشف ضعف إدارة إسرائيل للأزمات

انتقد بعض كبار القادة العسكريين في إسرائيل، ما قامت به قيادة الجبهة الداخلية، بشأن إخلاء بلدات حدودية جراء الحرب مع حماس، مع العلم، انه وطوال 4 عقود لم تواجه إسرائيل تهديدات جوهرية من أطراف خارجية تجاه الداخل، كما لم يختبر الدفاع المدني بشكل حقيقي.

من هي الجهة المسئولة عن إدارة إسرائيل في الداخل أثناء الحروب؟

الجهة المنوط بها إدارة الكيان الصهيوني خلال الأزمات والحروب، تعرف بأسم قيادة الجبهة الداخلية، وتعود جذورها إلى الدفاع المدني، الذي تأسس عقب تعرض تل أبيب لقصف من سلاح الطيران المصري أثناء حرب فلسطين عام 1948 ردا على المجازر الإسرائيلية، ثم أصدر الكنيست في عام 1951 قانونا يحدد مهام الدفاع المدني.

القوات الجوية المصرية والجيش العراقي "سر" أزمة إسرائيل الداخلية

وفي حرب الخليج الثانية، وتحديداً خلال يناير 1991، قصفت القوات العراقية تل أبيب وحيفا، بصواريخ سكود، تركزت على العاصمة الإسرائيلية، بمجموع 39 صاروخا أثناء فترة الحرب.

وهنا، لجأت إسرائيل للحماية بواسطة بطاريات الدفاع الجوي، باتريوت الأميركية، وتبين أن الدفاع المدني يعمل بمنهجية تعود لحقبة الحرب العالمية الثانية حيث يعتمد على أنظمة بدائية للإنذار المبكر، ولذا غادر العديد من سكان تل أبيب منازلهم، بعد فشل الجيش الصهيوني، في خطط الإخلاء الجماعي للسكان أثناء الحرب في ظل رفض الجيش لمفهوم الدفاع في العمق، وتبنيه لعقيدة هجومية تقوم على نقل المعارك لأراضي الخصم.

عقيدة الدفاع المدني

ثم تأسست قيادة الجبهة الداخلية، كقيادة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي في الثاني من فبراير 1992، أي بعد مرور عام تقريبا على انتهاء حرب الخليج الثانية، لتتولى المسؤولية المدنية أثناء الحرب، في حين تتفرغ بقية أفرع الجيش للجانب العسكري، وخصص لها مقر قيادة رئيسي في مدينة الرملة فضلا عن 6 مقار فرعية، وكلية عسكرية للتدريب، ونحو 65 ألف جندي أغلبهم من قوات الاحتياط.

وأوكلت لهذه القوات عدة مهام في مقدمتها صياغة وتنفيذ عقيدة للدفاع المدني، وتدريب السكان بالتعاون مع المؤسسات المدنية على التعامل في أوقات الطوارئ، وتنسيق أنشطة الوزارات والسلطات المحلية والقطاع الخاص في مجال الدفاع المدني.. ودشنت قيادة الجبهة الداخلية أبرز أعمالها بتجهيز كافة المساكن الجديدة المبنية منذ عام 1994 بغرف محصنة للحماية من الأسلحة التقليدية والكيميائية.

حرب لبنان أظهرت الضعف مجدداً لقيادة إسرائيل الداخلية

جاءت حرب لبنان في عام 2006 لتكشف ثغرات جوهرية في القدرات التشغيلية للجبهة الداخلية، حيث سقط ما متوسطه 120 صاروخا يوميا طوال مدة الحرب التي جاوزت الشهر، مما أدى إلى مقتل 39 إسرائيليا من غير العسكريين وإصابة ألفين آخرين.

وبادر آلاف السكان للنزوح بشكل طوعي من المستوطنات الحدودية دون صدور قرار حكومي بذلك، وأقام العديد منهم في خيام مؤقتة، وأثناء الحرب تركز عمل "الجبهة الداخلية" على عمليات البحث والإنقاذ، في حين عجزت عن توفير الحماية للسكان أو تزويدهم بالاحتياجات المعيشية أو تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، كما ظهر ضعف التنسيق بينها وبين بقية المؤسسات المدنية.

كيف تدار إسرائيل داخلياً؟

غموض وارتباك، يسيطران على إعداد الجبهة المدنية لإسرائيل في حالات الطوارئ، كما برز تداخل الجبهتين العسكرية والمدنية، حيث شكلت التهديدات التي تعرض لها المستوطنون ضغطا على صناع القرار، في حين أثرت التطورات العسكرية على معنويات السكان وقدرتهم على الصمود.

بعد ذلك، تأسست للمرة الأولى في عام 2011 ، وزارة الدفاع الداخلي، بهدف توجيه وتنسيق مهام مختلف المؤسسات الحكومية والجهات غير الحكومية في أوقات الطوارئ، لكن سرعان ما ألغيت الوزارة المذكورة في عام 2014 لاعتبارات سياسية تتعلق بتحفظ الجيش على دورها، ورفض موشيه يعالون وزير الدفاع آنذاك نقل بعض صلاحياته لوزير الدفاع الوطني فيما يخص الدفاع المدني.

ماذا حدث في حرب 2014 داخل إسرائيل؟

أقرت الحكومة الإسرائيلية في عام 2012 خطة لإجلاء السكان من المناطق القريبة من القتال مع غزة، واعتمدت خطة "الفندق المضيف" التي يطلب بموجبها من كل مجلس محلي بناء قدرة تستوعب عددا من النازحين بما يصل إلى 4% من سكان كل بلدية.

وعلى وقع حرب 2014 التي استغرقت 55 يوما، وتخللها إطلاق صواريخ من غزة طوال مدة الحرب، أعدت خطة طوارئ تسمى "المسافة الآمنة" لإجلاء 70% من نحو 54 ألف شخص يقيمون في 64 تجمعا سكانيا ومستوطنة على الحدود مع لبنان، و29 تجمعا في غلاف غزة، على بعد 4 كيلومترات من الحدود.

وتقضي الخطة بأن ينقل النازحون خلال فترة لا تتجاوز 120 ساعة كحد أقصى من صدور قرار الإخلاء إلى مدارس وفنادق محددة مسبقا لاستيعابهم مؤقتا مع مراعاة تكوينهم المجتمعي، ولكن الخطة فشلت ايضاً، كون أي معركة موسعة مع حركة حزب الله ستستهدف الصواريخ خلالها كافة أنحاء إسرائيل، مما يجعل من الصعب تنفيذ عمليات إجلاء واسعة لعدم وجود مناطق آمنة آنذاك، وبالتالي سيكون الخيار آنذاك هو تشجيع السكان على البقاء في منازلهم.

ماذا حدث في مفاجأة السابع من أكتوبر 2023؟

في صباح 7 أكتوبر 2023 اجتاز مقاتلو كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- الجدار العازل في عملية طوفان الأقصى، وسيطروا على مقر فرقة غزة بجيش الاحتلال فضلا عن 22 مستوطنة بعمق تجاوز 30 كيلومترا من قطاع غزة، كما بدأ حزب الله في اليوم التالي شن هجمات على المواقع العسكرية الحدودية مع لبنان.

لجأ الجيش الإسرائيلي إلى إجلاء نحو 100 ألف شخص من المناطق المجاورة لغزة بما فيها مدينة سديروت، كما أجلى 60 ألفا آخرين من المناطق الحدودية الشمالية، منها كريات شمونة، ضمن إجراء استثنائي تجاوز الخطة المعدة سلفا.

أدى العدد الكبير من النازحين إلى فرض تكلفة اقتصادية باهظة على حكومة نتنياهو سواء من جهة انقطاعهم عن العمل أو لتلقيهم مساعدات حكومية حيث يُدفع لكل نازح لم تقدم له الحكومة غرفة فندقية 50 دولارا يوميا، وظهرت حوادث اغتصاب وسرقات، في حين يشتكي الأهالي من عقبات في تعليم أطفالهم.

تلك الأوضاع دفعت عددا من النازحين للاحتجاج أمام مكتب نتنياهو، والنوم أمام مكتبه، رفضا للعودة قبل شعورهم بتوفير الأمن لهم، كما تصاعدت شكاواهم من صعوبات في الحصول على الاحتياجات الحياتية، مما انعكس على تراجع الروح المعنوية، وهو ما يمثل عبئا على حكومة نتنياهو، ويضيف فشلاً جديدا لقيادة الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني.

لمزيد من الأخبار والتقارير الحصرية.. أضغط هنا

تم نسخ الرابط