مفاجأة.. تعرف على حالة يجوز فيها عدم الوفاء بالنذر
يعتبر النذر من العادات القديمة التي يلجأ إليها كثير من الناس لتحقيق أمانيهم ورغباتهم، وقد ذكره القرآن الكريم في عدة مواضع، وأمر الله تعالى بالوفاء بالنذر وقال عز وجل ﴿وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ﴾ [الحج: 29]، وفي مسألة النذر ترد العديد من الأسئلة حول حكمها الشرعي وخاصة في حال عدم الوفاء به وهو ما نستعرضه في السطور التالية:
قالت دار الافتاء، إن النذر هو أن يوجب المكلف على نفسه أمرًا لم يُلزمه به الشارع، وهو وسيلة للتقرب إلى الله تعالى أقرها الإسلام على أن يكون النذر لله وحده، ويبتغى به وجه الله سبحانه وتعالى، وأن يكون النذر في طاعة الله لا في معصيته؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» رواه الإمام البخاري.
تلقى برنامج (بريد الإسلام) بإذاعة القرآن الكريم، رسالة من مستمع يسأل عن حكم عدم مقدرته عن الوفاء بالنذر حيث إنه نذر إن كشف الله عنه كربه فسوف يتصدق بنصف راتبه كل شهر ولم يستطع ، حيث وجد أنه مقصر فى نفقات أولاده الضرورية .
وأجاب عن الرسالة الدكتور مبروك عبد العظيم أحمد أستاذ الشريعة الإسلامية ووكيل كلية الحقوق بجامعة بنى سويف، قائلاً، إنه ما ينبغى للإنسان بأن يركب الحرج وأن يدخل نفسه دائرة الضيق وأن يكلفها ما لا تقوى على حملة فالله تعالى يجيب دعوة المضطرين دون أن يكلف الإنسان نفسة ما لا يدخل فى وسعه فهو القائل ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ، وقوله تعالى ( أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلْأَرْضِ ۗ أَءِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ).
العجز عن الوفاء
وتابع: "اطمئن بلا قلق فلا واجب مع العجز وتلك شريعة من خلق الإنسان من علق و التى عبر عنها الفقهاء بقولهم المتعذر يسقط اعتباره وبعبارة أخرى المعجوز عنه كالمعدوم"، ودليل على ذلك ما روى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ -والعَرَقُ المِكْتَلُ- قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ- أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ).
وذكر أن الموازنة بين القاعدة التى تقول المعجوز عنه كالمعدوم وبين قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور، بمعنى أن ما لا يدرك كله لا يترك كلة ، فإذا تعذر الإتيان بالبعض لا يمنع الإتيان بالباقى فالواجب آن يفى السائل بما يسهل عليه الوفاء به دون أن يضيق على أولاده.
كفارة
من جانبه قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإنسان إذا ما نذر شئً لله فعليه ان يوفى بما نذره فإن لم يستطيع فعليه أن يخرج كفارة يمين.
وأضاف الشيخ عويضة عثمان، فى إجابته عن سؤال « نذرت بشئ ولم أستطيع أن أوفيه فماذا أفعل؟»، أنه يجب على الإنيسان أن يوفى بنذره فإن لم يستطع وعجز فعليه أن يخرج كفارة يمين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفارة النذر كفارة يمين) فكيفى الإنسان إذا ما نذر وعجز ان يطعم عشرة مساكين.
وأشار الشيخ عويضة عثمان، الى أن الله عز وجل مدح فى كتابه الذين يوفون بالنذر قوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا).
وتابع الشيخ عويضة عثمان،: إن الوفاء بالنذر واجب على كل مسلم تعهد بعمل شيء لوجه الله طالما كان مستطيعا لقوله تعالى " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا" .